أحمد وايحمان: نعيش “فجورا تطبيعيا” والأمازيغية بريئة

01 يناير 2018 22:12
أحمد وايحمان: نعيش "فجورا تطبيعيا" والأمازيغية بريئة

هوية بريس – حاورته: سناء القويطي (الجزيرة)

قال رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أحمد وايحمان إن المطبعين في الدول العربية والمغرب تجاوزوا في السنوات الأخيرة الخجل الذي كان يمنعهم من إعلان مواقفهم، فتحدوا شعوبهم وهرولوا نحو الكيان الصهيوني علنا في “فجور تطبيعي” لم تشهده البلدان العربية من قبل.

وقال للجزيرة نت إن المشروع الصهيوني اشتغل منذ عقود لجعل الأمازيغية بوابة لاختراق منطقة المغرب العربي مستعينا بكمشة من المدعين المغرر بهم، معتبرا أن الأمازيغية والصهيونية خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيا.

ونفى رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع تراجع التعاطف الشعبي في المغرب مع القضية الفلسطينية، موضحا أن البعض فقط هجروا الشوارع بسبب الإحباط الذي تسرب إليهم بعدما شعروا بأن المظاهرات لا تؤثر كما يجب في الضمير الإنساني والعالمي.

وفي ما يلي نص الحوار:

شهدت سنة 2017 تناميا ملحوظا للتطبيع مع إسرائيل تحت يافطات فنية ورياضية، كيف تفسرون هذا الوضع، وكيف تتعاملون معه؟

هناك اختراق صهيوني غير مسبوق تشهده المملكة المغربية وباقي الدول العربية، ليس في 2017 فقط وإنما في العشرية الأخيرة، ومع أن التطبيع والاختراق تحت الطاولة كانا منذ عقود فإن الجديد في المدة الأخيرة هو ظهور ما يمكن تسميته الفجور التطبيعي، إذ تجاوز بعض المسؤولين الخجل الذي كان يمنعهم في الماضي من إعلان مواقفهم التطبيعية، فتحدوا شعوبهم وانقلبوا على التزاماتهم في إطار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وهرولوا نحو الكيان الصهيوني.

ورأينا كيف يتم استقطاب بعض ضعاف النفوس الذين لا ضمائر لهم ولا يكترثون لمشاعر شعوبهم لزيارة الكيان الصهيوني وتصوير المشهد من قبل الإعلام على أنه تطبيع من قبل بلد معين على غرار ما فعل بعض العملاء في البحرين حتى أصبح يقال إنها تهرول نحو التطبيع مع أن الشعب البحريني معروف بالتزامه إلى جانب القضية الفلسطينية وقدم شهداء في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

في بلدنا حدث يوجد تطور نوعي في مستوى الاختراق شمل مستويات رياضية وفنية وسياسية، ويتذكر الجميع استقبال وزير الدفاع الصهيوني عمير بريتس في البرلمان المغربي، ولولا طرده من طرف بعض البرلمانيين الشرفاء لكانت فضيحة بجلاجل كما يقول المشارقة، لكن المثير للدهشة هو أن يصل هذا الاختراق إلى ممتلكات الأوقاف والشؤون الإسلامية، فالذي يدير الأوقاف في العاصمة الرباط هو يهودي صهيوني وقريب من وزير الداخلية الحالي في حكومة نتنياهو.

هذه التطورات نواجهها من موقعنا في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بكافة الوسائل المتاحة، ونعمل على دق ناقوس الخطر ولفت انتباه المسؤولين إلا أن الأمر بلغ مستويات لا يمكن تحملها من طرف الشعب المغربي وقواه الحية حتى إن تفهم البعض الضغوط التي تمارس على الدولة.

بالمقابل، تتصاعد دعوات لمقاطعة كافة أشكال التطبيع وفضحها، كيف يتجاوب المغاربة مع هذه الدعوات؟

في هذا الجانب لا خوف على المغاربة، لأن الشعب المغربي وقواه الحية السياسية والنقابية والمدنية والحقوقية وإن اختلفوا على أمور، إلا أنهم عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية موحدون في دعمها، حتى أن بعض الأحزاب السياسية ضمنتها في برامجها الحزبية والمذهبية على أنها قضية وطنية.

لا خوف على الشعب المغربي لأنه يعي جيدا ماذا تعني له القضية الفلسطينية وماذا يعني المسجد الأقصى ومسرى رسول الله ومعراجه، ويقدس هذه الروابط الروحية والعقدية والمبدئية.

وكما تعلمون فالرمز الأممي ومعلم حرب التحرير الشعبية تنظيرا وممارسة محمد بن عبد الكريم الخطابي، كان متخندقا ضمن دفعات جيش تحرير المغرب العربي الذي أسسه في الأربعينيات وقاتل فدائيوه إلى جانب جمال عبد الناصر في معركة فلسطين، وقبل مدة قصيرة دفنا الكولونيل الهاشمي الطود الذي شارك في حرب 48.
فالشعب المغربي يعرف تاريخه ويحترم مقدساته ويرفض دعوات التطبيع والمحاولات اليائسة لعملاء الصهيونية التسلل إلى بلدنا، هذه المحاولات لن يبقى لها أثر إذا ما تيقظ المغاربة وانتصروا على أنفسهم وتجاوزوا الخلافات البينية التي تبدو عبثية أمام المخططات التي ترسمها الإمبريالية ومنظروها، خاصة صانع القرار الجيوإستراتيجي في البيت الأبيض الإنثربولوجي البريطاني الأميركي اليهودي الصهيوني برنارد لويس صاحب نظرية الاحتواء المزدوج والخرائط المرسومة بالألوان لتفتيت الأقطار العربية والأمة الاسلامية.

تجري محاولات للتطبيع السياحي والاقتصادي بشكل سري وأحيانا بشكل علني، كيف تقرأ هذه المحاولات؟

هذه محاولات منطقية بالنسبة للمشروع الصهيوني ولكنها ليست كذلك بالنسبة لنا، صحيح أن هناك ضغوطا حقيقية تمارس على الدولة المغربية للمضي في مسار تطبيعي، لكن ذلك لا يبرر أي تفريط في السيادة الوطنية، نحن مع المناورة ما أمكن وضد التفريط في سيادتنا والخضوع للابتزاز والسماح للتطبيع بأشكاله الاقتصادية والسياحية التغلغل في بلدنا.

من جانبنا، نحن نضغط من أجل التسريع بسن قانون لتجريم أي تعاطي أو تطبيع مع الكيان الصهيوني على مستوى المؤسسات والأشخاص، ووضع عقوبات صارمة ورادعة للمطبعين في مختلف المجالات.

ما رأيكم في محاولة بعض تيارات “الحركة الثقافية الأمازيغية” دعم التطبيع مع إسرائيل بزيارتها علنا والترويج لأطروحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا أنكم منسق رابطة “إيمازيغن (أمازيغ) من أجل فلسطين”؟

اشتغل المشروع الصهيوني منذ عدة عقود على هذا الأمر، وقرر أن تكون الأمازيغية هي باب الاختراق الصهيوني لمنطقة المغرب العربي ككل، وأؤكد بصفتي منسق “رابطة إيمازيغن من أجل فلسطين” أن الأمازيغية بريئة من هذا الاختراق الصهيوني الذي تتحمل مسؤوليته كمشة من المدعين تمثيل الأمازيغ والذين يتم النفخ فيهم إعلاميا لإعطاء انطباع بأن التوجه العام للأمازيغ هو هذا، بينما واقع الحال هو العكس تماما.

حقيقة الأمر أن الأمازيغ أصلاء مرتبطون بقضايا أمتهم ومتشبتون بقيمهم الإسلامية ومقدساتهم، وهذه الكمشة لا تمثل الأمازيغ في شيء بل هم شباب مغرر بهم سرعان ما يعودون للصواب بعدما يكتشفون الحقيقة.

الأمازيغ تعني في اللغة العربية الشهامة والبطولة والشجاعة، ولا يمكن لأحد أن يكون جديرا بهذه الصفة والتسمية وهو يساند الظلم، ولا يمكن لأمازيغي أن يكون كذلك وهو يتحالف مع الكيان الصهيوني الذي قتل الأمازيغ وهدم منازلهم على رؤوسهم في حارة المغاربة بالقدس الشريف سنة 1967 والتي لم يبق منها الآن إلا باب المغاربة، ولم يبق فيها إلا امرأة مغربية واحدة تشاء الصدف أن تكون أمازيغية، وهي السيدة عائشة المصلوحي وأصلها من تامصلوحت نواحي مراكش وقد استضفناها مرتين بالرباط.

فهذه الحفنة من المطبعين المتناقضين يكذبون على الشباب في المعاهد العليا والمواقع الجامعية مستغلين تراجع نقابة الطلاب التي كانت تهز البلد كلما حصل شيء يتعلق بقضايا الأمة.

الخلاصة أن الأمازيغية والصهيونية خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيا، فأن تكون أمازيغيا يعني بالضرورة أنك ضد العنصرية والاستغلال والظلم، والكيان الصهيوني هو في الأصل نظام عنصري.

هل لديكم في المرصد آليات لتتبع الأشكال المختلفة للتطبيع مع إسرائيل والتصدي لها؟

ـ نحن في المرصد نقاوم التطبيع بكل الوسائل المتاحة، نفضح مشاريعه والمتورطين فيه، نفضح عملاءه ونتدخل لدى الجهات المسؤولة من حكومة ومن سلطة تشريعية وقضائية من أجل منعه، وكنا قد رفعنا دعوى قضائية مثلا ضد وزير الفلاحة والصيد البحري بعد ترخيصه شركة صهيونية في المجال الفلاحي بفتح مقر لها بالمغرب وعرض منتوجاتها في المعرض الفلاحي السنوي الذي تحتضنه مدينة مكناس.

نحن نتصدى للتطبيع بكل ما أوتينا من إمكانيات، وندعو الشعب المغربي إلى اليقظة في مواجهة مخاطر هذا الاختراق، ولا سيما أن أضراره لم تعد مقتصرة على ما يتحمله الشعب الفلسطيني الشقيق من بطش وما تتحمله مقدساتنا الإسلامية المسيحية في القدس الشريف من تدمير، وإنما أصبح الخطر يهدد أمننا القومي ووحدتنا الترابية وتماسكنا الاجتماعي.

خلال المظاهرات الحاشدة التي شهدتها المدن المغربية تضامنا مع القدس توجهت الأنظار نحو البرلمان لمطالبته بإقرار قانون تجريم التطبيع، وطالبت ثلاثة فرق برلمانية منها فريق العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة بتسريع إخراج القانون خلال الجلسة الاستثنائية التي انعقدت الشهر الجاري تضامنا مع القدس، لماذا في نظركم يتم تجميد هذا القانون بعد ثلاث سنوات من وضعه في البرلمان؟

هذا القانون أعده المرصد المغربي لمناهضة التطبيع منذ أزيد من ثلاث سنوات وعرضه على مختلف الفرق البرلمانية، وتبنته أربع فرق، اثنتان ممثلتان في الحكومة (العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية) واثنتان في المعارضة (الاتحاد الاشتراكي والاستقلال)، وهذه سابقة في تاريخ التشريع المغربي أن تجتمع المعارضة والحكومة على مشروع قانون.

هذا القانون يمتحن الإرادة الشعبية ويمتحن السيادة الوطنية، فبعد وضعه في البرلمان من طرف الفرق البرلمانية الأربع تعرض المغرب لضغوط من بعض الدول الأجنبية لمنع صدوره، إذ تدخل وزير الخارجية الهولندي ورئيسة الدبلوماسية الأوروبية كاثرين آشتون واللوبي الصهيوني في واشنطن للحيلولة دون مناقشة البرلمان المغربي مشروع تجريم التطبيع وتمريره.

وإلى جانب هذه الضغوط، هناك بعض التفاصيل نحن مؤتمنون عليها ولا أملك الصلاحية لأتحدث عنها دون الرجوع إلى المؤسسات التي أمثلها، وهي أمور سيأتي وقتها وسنكشف فيها من يتحمل المسؤولية.

من في نظركم يتحمل مسؤولية هذه المماطلة وعدم التجاوب مع المطالب الشعبية الرافضة للتطبيع؟

المسؤولية عامة في الحقيقة، جزء منها يتحملها الشعب وقواه الحية في مواصلة طرح القضية الفلسطينية على أنها قضية وطنية، وهناك المسؤولية الرئيسية للدولة والحكومة في هذا الاختراق لأن الأمر لم يعد يقتصر على التنكيل والظلم الذي تعاني منه فلسطين والمقدسات، وإنما أصبح خطر الكيان الصهيوني وأجهزته الاستخباراتية يستهدفنا بشكل مباشر عن طريق مخططات تستهدف تفتيت المغرب وتقسيمه لخمس دويلات، هي جمهورية الريف، وجمهورية أسامر، والجمهورية الصحراوية التي غرقنا فيها منذ 1975 ولا نزال، ثم جمهورية سوس، وما تبقى هو المملكة المغربية مؤقتا في انتظار تحويلها إلى جمهورية.

وهناك نزوع في إطار هذا المشروع الصهيوني لاستدعاء بعض التناقضات التاريخية في المغرب لإشعال تناقضات حالية على أسس عرقية ومذهبية، لذلك على الدولة والحكومة وكافة الأجهزة أن تعي جيدا المخططات الصهيونية التي تستهدف تفتيت المنطقة وإضعافها بشتى الوسائل.

كيف تقيمون تعاطي الحكومة المغربية الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية مع الأشكال المختلفة للتطبيع سواء السياحي أو الاقتصادي أو الثقافي؟

للإنصاف، هناك جهد كبير يبذله حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة في هذا المجال من خلال عضويته في مجموعة العمل الوطنية لمساندة فلسطين وكذلك في إطار المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، فمسؤوليته قائمة في مناهضة التطبيع في إطار رئاسة الحكومة وكقائد للائتلاف، لكن الواقع المغربي ـوهذا ليس تبريراـ يفيد بأن صنع القرار ليس بيد الحكومة المنتخبة وإنما حكومة الظل هي التي تصنع القرارات والتوجهات الكبرى للبلاد.

وفي ظل هذا الوضع تحمل حزب العدالة والتنمية في الولاية السابقة مسؤوليته في إطار الفريق البرلماني الذي تبنى مشروع قانون تجريم التطبيع بالإجماع، زد على ذلك أن رئيس الفريق حينها لعب دورا مهما ومشرفا في هذا السياق.

على الرغم من المظاهرات الحاشدة التي خرجت في المغرب نصرة للقدس هناك من يرى أن حجم التجاوب والتعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية في المغرب تراجع عما كان عليه في السنوات الماضية، هل هذا صحيح في نظركم؟

هذا غير صحيح، لقد خرج المغاربة للاحتجاج في عدة مظاهرات ومسيرات في مدن ومراكز مغربية مختلفة لإدانة قرار ترمب والتضامن مع القدس والشعب الفلسطيني، وأكد جميع المتظاهرين أن القضية قضيتهم وأن القدس ليست فلسطينية وحسب بل هي مغربية وجزائرية، فهي عاصمة الأمة العربية والإسلامية وعاصمة أحرار العالم.

والمسيرة التي شهدتها الرباط يوم الأحد 10 ديسمبر كانت حاشدة وقدر عدد المشاركين فيها بأكثر من خمسمئة ألف مشارك ومشاركة، فضلا عن أن الكثيرين لم يلتحقوا بالمسيرة إلا بعد نهايتها بسبب مصاعب في التنقل، فقرار ترمب الأرعن جعل الجميع يتجاوز الخلافات لتعود قضية فلسطين إلى الصدارة.

لذلك لا يمكن القول إن هناك تراجعا في التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، كل ما هنالك أن بعض الإحباط تسرب إلى من كانوا يملؤون الشوارع فلجؤوا إلى تعبيرات أخرى، هؤلاء هجروا الشوارع بعدما شعروا بأن المظاهرات لا تؤثر كما يجب في الضمير الإنساني والعالمي، وزاد من إحباطهم التحيز والتواطؤ الذي تعاني منه القضية الفلسطينية من الخارج والداخل.

(المصدر: الجزيرة نت).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M