أسئلة التعليم بأية رؤية وأية إرادة   

02 ديسمبر 2021 15:01

هوية بريس – ابراهيم أقنسوس

مسألة التعليم أولوية عندنا، هذه هي اللازمة التي لا نمل من ترديدها، دون أن نتمكن من امتلاك الرؤية الضرورية والمصاحبة لهذه العبارة (اللازمة)، فبمجرد ما نشرع في مناقشة بعض التفاصيل، المرتبطة بقضية التعليم عندنا، تتشابك أمامنا الخيوط، ونغرق في ألوان من الإرتباكات والتقاطعات والأخلاط، التي نداريها بالكثير من الثرثرة، وتقاذف التهم، وإلقاء اللوم على الآخرين، دون أن نحدد من هم هؤلاء الآخرون، ونظل هكذا حتى نتعب، لنعود إلى نفس الكلام، وبنفس المنطق، في مناسبة لاحقة، ما يعني أن الحديث حول التعليم عندنا، هو جزء من مشكلة التعليم، فبأي منطق يصح أن نتحدث في التعليم ؟، ولماذا كل هذا اللف والدوران ؟، ولماذا نرفض أحيانا كثيرة أن نسمي الأشياء بمسمياتها، حتى تتضح الرؤية ؟؟، هل نريد حقا إصلاح التعليم في بلادنا ؟، هل نريد حقا النهوض بالمدرسة العمومية، ونريدها بالفعل عمومية، تضمنا جميعا ؟؟، بكل أصنافنا وألواننا، وأعراقنا ولغاتنا، وفقرائنا ووجهائنا ؟، هل نريد حقا إنشاء أجيال متعلمة، مثقفة، واعية، حرة، مشاركة، صاحبة رأي ونظر، وقدرة على الفعل والتأثير ؟؟، هل نريد تعليما للنهوض بعقل المواطن والمواطنة، ونريد مدرسة تخرج المواطنين الذين يمتلكون قدرا معتبرا من المعرفة والوعي معا، وتصنع المثقفين الأحرار الذين يمتلكون رأيا ومنهجا في التفكير وفي الحياة معا ؟؟، أم نريد مؤسسات لمحو الأمية الأبجدية ؟؟ ؛ مثير للإنتباه ربط المدرسة عندنا، بمحو الأمية، لدى الكثير من المتدخلين .

هل نريد تعليما عموميا صريحا فصيحا، يستفيد منه الجميع على قدم المساواة، أم نريد تعليما فئويا، يصنف المواطنين إلى درجات وطبقات، ويعرض عليهم أصنافا من التعليم، بمسميات وتخريجات، تبعا لتلك الدرجات والطبقات، وتبعا لتعليمات وترتيبات تلك الجهات، في الداخل والخارج، التي تصنع وتتعهد تلك الدرجات والطبقات ؟؟ .

إن سؤال التعليم المركزي، يعني مباشرة، وبلا مقدمات، سؤال الإستقلال الثقافي، وماذا يعني بالنسبة إلينا، إنه نفس السؤال الذي ظللنا نردده منذ الإستقلال، وإلى اليوم، بتنويعات وتمظهرات مختلفة، ونجيب عنه في كل مرة بالتركيز على جزء معين من المشكل، المناهج، البرامج، الموارد البشرية، الإعتمادات المالية، التكوين، فضاء المؤسسات التعليمية، إلى آخر القائمة، وكل جواب يقتطع من بلادنا زمنا ليس باليسير، ويكلفها موارد مالية كبيرة، ناهيك عن إخضاع أجيال من المتعلمين لتجارب لا تنتهي، وبلا ضمانات واضحة .

نستطيع أن نفهم مبدئيا، من خلال ما تقدم، أن لدينا مشكلا في الرؤية، ثم مشكلا في الإرادة، الرؤية تحتاج إلى توضيح وبيان، والإرادة تقتضي امتلاك القدرة على تنزيل تلك الرؤية، ومواجهة كل العناصر والجهات، في الداخل كما الخارج، والتي لاتريد لبلادنا أن تمتلك تعليما معاصرا وعميقا، يليق بها وبأبنائها، وغني عن البيان أن نقول، إن بلادنا أبدت بعض الجدية، في مقاربة  قضية التعليم، مباشرة بعد الإستقلال، بمبادرة من بعض مثقفي الحركة الوطنية، كما يؤكد ذلك الكثير من المتتبعين لهذا الملف، لكن سرعان ما توقف كل شيء، لأسباب واضحة وغير واضحة، ودخلنا دوامة لا تنتهي، اصطلحنا عليها (إشكالية التعليم )، والتي تعود بنا في كل مرة، إلى نفس النقطة، أو نفس الإعاقة بالأحرى، إعاقة الرؤية والإرادة .

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M