أطفال السعادة

02 نوفمبر 2018 11:45
منح المغرب 500 مليون دولار.. البنك الدولي ودعم التعليم الأولي في المغرب!!

 إبراهيم بومفروق – هوية بريس

أكتب هذه المقالة بقلم القلب ومداد الروح حتى أصف حال أطفال السعادة.

ففي أول لقاء لي بأطفال التوحد رأيت أموراً عجيبة، على محيى كل طفل تظهر عليه ملامح البراءة الممزوجة بالعفوية والصدق والحنان، وإذا أمعنت النظر في كل واحد منهم وصوبته في عينيه فإنك تغوص في بحر مليء بالقصص المؤثرة.

نعم، معاناة الوالدين مع الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية لا يعلمها إلا من عاشها، وأخص بالذكر الأم التي تقضي مع طفلها جل وقتها، فهي التي تسهر على صحته النفسية والجسدية… وتفهم تصرفاته وتقلل من آلامه و تدخل إلى عالمه لتمتعه بطفولته وتفرحه بحبه…

ولي أن أصف بعض معاناة الأم لتشعروا بشيء من أحاسيسها، فمن ذلك عدم قدرتها على الذهاب عند بعض أقاربها لكي لا تتهم بعدم تربيتها لابنها لكثرة حركته وسوء تصرفاته، والأسوء أنها قد تضايق من والديها بسبب ابنها، وأضف على ذلك كلام بعض الناس على ابنها في الأفراح والأقراح (هذا مجنون، متخلف عقليا، معاق…) فيكون كلامهم كالسُّم يُقذف في قلب الأم.

والأغرب والأعجب من هذا، حينما أسمع بعض القصص التي يتخلى فيها الزوج عن زوجه بسبب مرض الطفل، ورد اللوم إلى الأم، فهذا من الحرمان وعدم التوفيق إلى الخير، وإني لأشفق على هذا الإنسان من جهتين: الأولى جهله بالله مدبر الكون سبحانه فهو قادر على أن يسلط عليه بلاء في نفسه فلا يفارقه حتى يلقاه سبحانه، والثانية أن الذي يملك ذرة من الأُبوة يستحيل عليه أن لا يتقبل ابنه فهو بضعة منه، هذا في عالم الحيوان فكيف بعالم الإنسان!!!

هذا غيظ من فيض وإلا فالمعاناة طويلة ومثيرة…

فلك مني أيتها الأم تحية احترام وتقدير، وصبرك وآلامك سرعان ما تزول بإذن الله، أليس الصبح بقريب.

أطفال السعادة هم نور الأمل في حياة الوالدين، وشمعة تضيء دربهم، وحبهم يزداد في قلوبهم بقدر معاناتهم، وضحكتهم تُشرق السعادة في قلب كل صادق يتعامل معهم.

نعم، إنهم أطفال السعادة الذين اختار الله بلائهم لوالديهم، وهذا الاختيار في أسراره من الجمال ما لا يخطر على بال إنسان.

فبكل لحظة تعاني الأم فيها، والأجر والثواب يُصب عليها صبا، والبركات تحل عليها، والنعم تغمرها والأرزاق تُغدق عليها… وهلم جرا، هذا في الدنيا أما في الآخرة فإنما يُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، وقد يكونون بإذن الله سب دخول الجنان ونيل رضى الرحمن سبحانه، وهذه هي حقيقة السعادة.

ومن هنا أقول للوالدين، ارضيا بحكم الله واصبرا على أقدراه المؤلمة، فإن الدنيا هذه طبيعتها لينظر ربنا إلى أفعالنا، وإن الخير قادم لا محالة وإن الغد أفضل من الأمس، فأبشرا بكل خير، فإنما حرمكم سبحانه ليُعطيكم ما لا يخطر على بالكم.

كما لا أنسى المربيات الصادقات والإداريات النزيهات اللواتي يشتغلن مع هذه الفئة من الأطفال، فإنهن يبذلن جهداً عظيماً، ويحرصن على تعليمهم ما ينفعهم في حياتهم اليومية، وإني لأقول لكم ما قاله علماؤنا قديماً: إذا أردت أن تعرف مقامك، فانظر للحق فيما أقامك.

فهنيئا لمن أقامها الله في صرح بناء النُفوس وعلاج الاضطرابات وزرع المهارات وتطوير المكتسبات ورسم البسمة على وجوههم، فإن الله لا يضع أجر من أحسن عملاً، فأخلصي في عملك و انتظري نسائم الخير التي ستحل عليك في الدنيا والآخرة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M