أمريكا.. أكبر متاجر بالديموقراطية وأكبر صانع للانقلابات

29 يوليو 2016 20:28
أمريكا.. أكبر متاجر بالديموقراطية وأكبر صانع للانقلابات

هوية بريس – وكالات (منذر الأسعد)

القرائن التي تشير بإصبع الاتهام لأمريكا في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15/7/2016م، كثيرة وقوية؛ الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة أقبح صفة للولايات المتحدة ممثلةً في سجلها الأسود بصناعة الانقلابات لتنصيب عملائها في كل بلد لها فيه أطماع، حالت الحكومات القائمة دون تحقيقها، حتى لو كانت تلك الحكومات وصلت إلى السلطة بوساطة صندوق الانتخابات الحرة والنزيهة؛ وهو الصندوق الذي تزعم واشنطن أنها راعيه الأوحد، حتى إنها شنت حروباً ادعت أنها وسيلتها لفرضه، كما في غزوها للعراق،  لكنها في الواقع أقامت نظاماً طائفياً حقيراً، يتحكم فيه كهنة صامتون!! فأي ديموقراطية وحداثة تزعمها أمريكا؟

شريكها نتنياهو
يعتبر الانقلاب الذي أطاح بأول رئيس مصري مدني منتخب سنة 2013م، أحدث الانقلابات “الناجحة” التي نفذتها أمريكا، مع أنها حرصت كثيراً على أن يكون دورها غير معلن؛لأن سمعة الانقلابات باتت في الوقت الحاضر أشد قتامة، كما أن اعترافها بحصول الانقلاب يسبب لها مأزقاً مع قانونها الذي يمنع تقديم أي مساعدة لبلد انقلب العسكر فيه على سلطته؛حتى إنها تقبلت طوفاناً هائلاً من شتائم أبواق الانقلاب الذين اتهموها بأنها كانت تساند جماعة الإخوان!!

ومع أن هذه النكتة لا تنطلي على طفل مميز، فإن الطعنة الحقيقية جاءتها من أحد أبرز المشاركين في الانقلاب، وهو محمد البرادعي الذي اعترف بالتنسيق مع واشنطن في التحضير للانقلاب في 3/7/ 2013 (https://mmeabed.blogspot.com/2014/05/blog-post_115.html?view=classic)

ومؤخراً، جاءت صفعة أخرى للنفاق الأمريكي، عن لسان حليفها المدلل الكيان الصهيوني، فقد أقر رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بمشاركة كيانه في الانقلاب على محمد مرسي، لأنه-بحسب كلامه- أراد تحرير فلسطين
https://www.youtube.com/watch?v=PTXd)zsbFTQ8)
قبل سنوات من الانقلاب المصري،   وتحديداً  فـي السادسـة مـن صبـاح الثامـن والعشـرين مـن حزيـران(يونيـو) 2009 توجهت ثلـة من جيش هنـدوراس مكونة من 200جندي إلـى بيت رئيس الجمهورية اليسـاري مانويل زيلايا واقتادته إلـى قاعدة عسـكرية ثم وضعتـه في طائرة وأرسـلته إلى سـان هوزيه بكوسـتاريكا. وفي  اليوم نفسه تم تنصيب روبرتو متشـيليتي رئيسـاً مؤقتاً لمدة 6 أشهر. إنه انقلاب عسـكري على رئيس منتخب وصل السـلطة في السـابع والعشـرين من شـهر كانـون الثاني(يناير) عـام 2006 عن طريق صناديق الاقتراع بغالبـية 52 ٪من الأصوات.

تضامنت جميع دول أمريـكا اللاتينية مع الرئيس المخلوع وأدانت منظمة الدول الأمريكية الانقلاب وكذلك فعلت الأمم المتحدة وفرنسا، ولكن من دون جدوى!

انقلابات بالجملة
سئل الرئيس الأسبق لجمهورية بنما عمر تريخوس : هل من بلد في العالَم محصَّن ضد الانقلابات العسكرية، فقال: الولايات المتحدة!! ولكي يبدد حيرة سائليه أضاف:لأنه ليس فيها سفارة لأمريكا!!
قيمة شهادة الرجل تنبع من صدقها الكبير، ومن تجربته المريرة التي انتهت بتفجير الطائرة التي كان يستقلها، عن طريق عملاء المخابرات الأمريكية ( CIA )!
نرجع إلى التاريخ الذي يخبرنا بأن أمريكا صنعت أول انقلاب مشهور في العالم العربي، هو انقلاب حسني الزعيم على الرئيس المنتخب شكري القوتلي، في ربيع 1949م!!

ثم نفذت انقلابها الآخر في مصر -23 يوليو 1952- والذي أطلق عليه محمد حسنين هيكل اسم “ثورة يوليو”، ليكتب بعد ذلك محمد جلال كشك كتابه الوثائقي الشهير: ثورة يوليو الأمريكية!
وجاء الانقلاب الثالث الذي رعته أمريكا في المشرق الإسلامي على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق 1953 فأعادت الشاه العميل محمد رضا بهلوي إلى الحكم، وساندته في الانتقام الوحشي من الشعب الإيراني!

نصيب كبير لأمريكا الجنوبية
هذا ثبتٌ بالانقلابات الأمريكية في أمريكا اللاتينية”الجنوبية” بحسب تسلسلها الزمني،  ونكتفي به لأن الخوض في تفاصيل السجل الأمريكي السيئ في هذا المجال يتطلب مجلدات:
أربعينيات القرن العشرين
الأرجنتين (1943) البرازيل (1945) فنزويلا (1945) فنزويلا (1948)
خمسينيات القرن العشرين
الأرجنتين (1951) كوبا (1952) كولومبيا (1953) باراغواي (1954) غواتيمالا (1954) الأرجنتين (1955) هندوراس (1956) كولومبيا (1957) فنزويلا (1958) البرازيل (1959)
ستينيات القرن العشرين
إكوادور (1961) الأرجنتين (1962) غواتيمالا (1963) إكوادور (1963) هندوراس (1963) بوليفيا (1964) البرازيل (1964) الأرجنتين (1966) بنما (1968) بيرو (1968) تشيلي (1969) البرازيل (1969)
سبعينيات القرن العشرين
بوليفيا (1970) هندوراس (1972) أوروغواي (1973) تشيلي (يونيو 1973) تشيلي (سبتمبر 1973) بيرو (1975) هندوراس (1975) إكوادور (1975) الأرجنتين (1976)إكوادور (1976) هندوراس (1978) السلفادور (1979 )
ثمانينيات القرن العشرين
بوليفيا (1980) هاييتي (يونيو 1988) هاييتي (سبتمبر 1988) بنما (1989) باراغواي (1989)
تسعينيات القرن العشرين
هاييتي (1991) فنزويلا (1992) بيرو (1992) غواتيمالا (1993)
القرن الحادي والعشرون
إكوادور (2000) فنزويلا (2002) هاييتي (2004) هندوراس (2009) إكوادور (2010)

كل انقلابات تركيا

1. انقلاب سنة 1960، حيث تدخل الجيش الذي أعلن قائده آنذاك ألب أرسلان تركش في يوم 27 مايو 1960م، أن الجيش قد سيطر على مقاليد إدارة البلاد. نتيجة لذلك شكلت محاكمات قضت بإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس بتهمة الانحراف عن مبادئ أتاتورك واعتناق الأفكار الرجعية؛ لأنه أعاد الأذان بالعربية، كما حكم على رئيس البلاد جمال بيار بالسجن مدى الحياة.

2. انقلاب 1971، وفيه انقلب الجيش بسبب خسارة حزب الشعب الانتخابات لصالح حزب العدالة الذي يميل لناحية المحافظين، فانقلب الجيش وألغى الانتخابات وسيطر على المشهد مع حزب الشعب.

3. انقلاب كنعان إفرين سنة 1980، وجاء أيضًا للسبب نفسه السابق وهو فشل حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات، وهكذا دأبُ الفاشلين سياسيًا في كل زمان ومكان يبحثون عن ظهر دبابة يعتلونها لاقتحام المشهد السياسي. بعد الفشل الذي جناه حزب الشعب لم يبقَ أمامه سوى التآمر مع العسكر لقلب نظام الحكم، وقاموا بالانقلاب 12/9/1980 بقيادة كنعان إفرين، الذي علق الدستور وأعلن الأحكام العرفية في تركيا، وحكم البلاد مباشرة دون غطاء مدني، وأصدرت المؤسسة العسكرية قرارًا بتعليق نشاط الأحزاب ثم حلها، كما أصدرت دستورًا جديدًا في 12/9/1982 مُنح بموجبه رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة لم يتمتع بها أي رئيس جمهورية تركية قبل ذلك، وتضمن دستور 1982 نصًا صريحًا في المادة 13 على حظر الأحزاب الدينية والفاشية والاشتراكية، وبذلك تم حظر الأحزاب المناوئة لحزب الشعب والعلمانية، وحاول العسكر بهذه الإجراءات إعادة ترسيم الخريطة التركية جغرافيًا وسكانيًا ودينيًا ومذهبيًا وحزبيًا.وفي المقابل سُرّت أوروبا بهذه الخطوات وكافأت الانقلابيين بدعم لا محدود وقبول تركيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي.

4. انقلاب العسكر في 1996، وفيها انقلب العسكر على أول حكومة إسلامية بقيادة نجم الدين أربكان، زعيم حزب الرفاه الإسلامي الذي فاز في الانتخابات في أواخر 1995، وشرع في إدخال إصلاحات سريعة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التركية، ما أغضب العلمانيين ودعاهم إلى تحريك الأذرع العسكرية ضد الحكومة المنتخبة، فلم يمهله الجيش سوى شهور قليلة وانقلب عليه في أواسط 1996، وباستخدام دستور 1982، وبتفسير مواده على أساس أن أربكان يسعى إلى تطبيق الشريعة وإعادة النظام الرجعي، فحُظر الحزب، وأُدخل أربكان وكبار معاونيه السجن، وعُزل معظم قادة الحزب سياسيًا.

صفحة غير مشهورة
وكان من الطبيعي عندما سقطت الخلافة العثمانية وحلت محلها جمهورية أتاتورك، أن يكون الجيش هو حامل أختام الحكم والسلطة، وذلك بعد أن اخترقته المنظمات الماسونية والأفكار الطورانية والجماعات اليهودية، فصار الجيش التركي حامي حمى اللادينية والقومية والشعوبية، ويمكن القول إن فترة أتاتورك (1923-1938م) لم تشهد أي تدخلات انقلابية من الجيش لتغيير نظام الحكم، بل كان الجيش هو حامي ذلك النظام ووسيلته لبسط الاستقرار على مدى 15 عامًا، في ظل هيمنة حزب سياسي وحيد خرج من رحم العسكرية الأتاتوركية هو حزب (الشعب الجمهوري).
علماً بأن الانقلاب على السلطان عبد الحميد 1908-1909م،  والذي مهَّد لسقوط الخلافة وتسلط الطاغية أتاتورك، تم بمؤامرة ماسونية ضخمة كان لليهود الدور الأكبر فيها- فضلاً:انظر الصورة المرفقة-

ومن المثير للاهتمام ترحيب أمريكا بالانقلاب الذي أوصل الاتحاديين إلى السلطة ، وعبر الرئيس تيودور روزفلت Theodore Roosevelt عن تعاطفه واهتمامه مع الحكومة “الدستورية” الجديدة وأمله ان تقود هذه الخطوة المهمة نحو تعزيز السلام الدائم والازدهار للشعب العثماني!.

وعلى اثر ذلك طلب السفير الامريكي في اسطنبول ليشمان Leishman من حكومته ان تحذو حذو الحكومات الاوربية في موقفها من افتتاح البرلمان العثماني دليلاً لاثبات النوايا الامريكية الطيبة تجاه العثمانيين. وفعلا اتخذت الحكومة الامريكية اجراءات مماثلة لنظيراتها الأوربيات فقد دعا مجلس الشيوخ في الكونغرس الامريكي في جلسته التي عقدها صبيحة 17 كانون الأول 1908 وزارة الخارجية الامريكية ، إلى الاتصال بالبرلمان العثماني ونقل تحيات الكونغرس الامريكي له مع التمنيات بالنجاح في ظل الوضع الدستوري الجديد وتم اتخاذ اجراءات مماثلة من قبل مجلس النواب في الكونغرس الامريكي الذي ارسل تحياته عبر القنوات الدبلوماسية إلى البرلمان الجديد. ومؤكدا ان تشكيل حكومة دستورية جديدة حدث مهم لحكومة الولايات المتحدة لانها ستكون سببا لتجنب خلافاتها مع الحكومة السابقة كما وانها ستساعد على زيادة حجم تجارتها معها. ولاجل حماية مصالحها وممتلكاتها ، ارسلت الحكومة الامريكية بعض القطع الحربية إلى العاصمة العثمانية لتقديم الدعم لرعاياها ، حيث ارسلت سفينتين حربيتين ، وارسل الرئيس الامريكي إلى الحكومة العثمانية يحثها على ضرورة تطوير العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية بوصفها سندا ومؤيدا حقيقيا للعثمانيين.. ومع تطور الاوضاع على الساحة العثمانية ، كانت السفارة الامريكية في اسطنبول تراقب الاحداث عن كثب ، وكتب السفير الامريكي إلى الحكومة في واشنطن عن ان التفاؤل الجديد سيقود الحكومة العثمانية إلى ظروف احسن من قبل مؤكدا ايضا تفائله وبدرجة كبيرة بحكومة تركيا الفتاة، وانه على قناعة ان النظام الجديد جاء ليبقى وان عهد الملكية المطلقة اصبح شيئا من الماضي. ورغم ان الحكومة الفتية ستتعرض لكثير من المشاكل التي ستثيرها الدول الاخرى التي مرت بها رياح الثورة ، حسب راي السفير الامريكي الا انه ادرك ايضا بانها ستكون معرضة لمخاطر اكبر بسبب خليطها غير المتجانس وغيرة طموحات جيرانها ، ولكنها في النهاية ستتغلب على كل صعوباتها ومشاكلها وتصبح قوية. راى السفير الامريكي ايضا ان وفرة الموارد الطبيعية في الدولة العثمانية ، سوف تعجل من مسيرة التقدم حتى اسرع مما عليه في اليابان ، وما فشلت في تحقيقه الدبلوماسية الاوربية حققته الحكومة العثمانية بذاتها وكأنها استطاعت تحقيقه “بقدرة ساحر” ، فالاصلاحات التي ارتبط امر تحقيقها بالسعي الاوربي لسنوات عديدة ، كان قد تحقق في ليلة وضحاها وبصورة مدهشة ومؤكدا ان الامور ستكون اكثر سلمية فالسفير الامريكي كان متفائلا اكثر مما ينبغي حول مستقبل الدولة العثمانية في ظل النظام الجديد ، حيث رأى انه إذا ما اريد الحكم على المستقبل ، من خلال الاصلاحات التي تبناها النظام الجديد ، والتي كان قد تم بها فعلا ، فسوف لا تمر سنوات قليلة حتى تصبح الدولة العثمانية متحضرة ، وبدرجة عالية. وفي الولايات المتحدة نفسها كان هناك تفاؤل في الشارع الامريكي مع الانقلاب كما تعاطف المواطنون الامريكيون مع النظام الجديد، رغم التحفظات التي اظهرتها الصحافة الامريكية نحو سياسة الاتحاديين ، لا سيما سياستهم تجاه الاقليات غير التركية. ومن جانب اخر ارجع بعض المفكرين الامريكان إلى ان ما حصل في الدولة العثمانية، كان من تأثير المدارس الامريكية في الدولة العثمانية ، والتي عملت على انماء الافكار “التقدمية” عند العثمانيين ، ففي الفترة التي اعقبت انقلاب تموز 1908 اصدر سكرتير هيئة المندوبين الامريكان للبعثات الخارجية المبشر الدكتور جيمس بارتون James I. Barton ، كتابا عن تأثير البعثات التنصيرية الامريكية في التحولات الفكرية في المناطق التي تعمل فيها ، وخصص فصلا كاملا عن الدولة العثمانية وتأثير البعثات التنصيرية العاملة في جميع المدن العثمانية والتي عملت على بلورة الوعي الثوري لدى العثمانيين وتحفيزهم على الاطلاع على حد قوله!!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M