أَرْضُ الْفِطْرَة…!!

05 يوليو 2020 20:50

هوية بريس – إسماعيل المقدم

الحمد لله وكفى، أما بعد:

فإن الحديث عن الفطرة وتجليات انتكاسها حديث قد يستغربه البعض، ويستثقله آخر؛ بأن يقول هو بديهي، ولن تأتي فيه بجديد يا هذا…

ولكن أقول لك اصبر علي -أيها الموفق- حتى تعرف ما إليه أرمي وما له قصدت، لعلك انتفعت -بإذن الله-…

أما مسألة الجديد فإنني لم أدّع ذلك ولن أدعيَه، وإنما مَثلي كما قال القائل:

ما أُرانا نقولُ إلا مُعارًا       أو مُعادًا من قولِنا مكْرُورا

ولكن واجبنا أن نَصدق في القول ونُخلِص في التذكير، فالانتفاع بقدر تحققهما…

إن مظاهر انتكاس الفطرة لا أظن تخفى على عاقل في مثل هذا الزمان، فصرنا كل يوم نُفجأ بمظهر لها جديد، متسترة بطيلسان من شعارات الحرية والانفتاح!!-نسأل الله السلامة والعافية-…

ولست بحاجة لضرب الأمثال لأمثالك، ولكن أردت لفت الانتباه فقط، حتى لا نكون كفاقدي الإحساس لكثرة المساس…

وإننا بحاجة في هذا الزمان الذي وصل فيه الغُزاة إلى عُقر ديارنا، أن نُلبس أبناءنا سابغات العلم واليقين، بتركيز الثوابت في قلوبهم، علما وتزكية….

وإذا عدنا إلى الحديث عن تلك الأرض من حيث وصفها، ونظرنا في ما يصلح غرسه فيها، مما تحلو ثماره وتطيب الجلسة في ظلال أشجاره، -لك خاصة أيها الموفق، دون غيرك ممن ضاعت خريطته، وفسدت بوصلته- فإنني أكتفي لك بوصف الخبير…

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-  في “فوائده” ص 34:

أرض ‌الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها فإن غرست شجرة الإيمان والتقوى أورثت حلاوة الأبد، وإن غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مرّ”.هـ

وقل لِم من يريد خلق التعارض بين الشريعة والفطرة، إن الذي فطر الناس وخلقهم هو الذي شرع لهم الشرائع، فهو أعلم بما ينمي شجرة فطرتهم…

“فما كان في ‌الفطرة مستحسنا جاءت الشريعة باستحسانه، فكَسَته حُسنا إلى حُسنه، فصار حَسنا من الجهتين، وما كان في ‌الفطرة مستقبحا جاءت الشريعة باستقباحه فكَسته قبحا إلى قبحه فصار قبيحا من الجهتين”. انظر“مفتاح دار السعادة”2/66.

أخرج مسلم (رقم: 4932) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟».

ثُمَّ يَقُولُ: أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} الْآيَةَ. [الروم: 30]

“فجَمع النبي عليه الصلاة والسلام بين الأمرين: تغيير ‌الفطرة بالتهويد والتنصير، وتغيير الخِلقة بالجَدْع، وهما الأمران اللذان أخبر إبليس أنه لا بد أن يغيرهما، فغير فطرة الله بالكفر، وهو تغيير الخلقة التى خلقوا عليها، وغير الصورة بالجدع والبتك، فغيروا ‌الفطرة إلى الشرك، والخلقة إلى البَتْك والقطع، فهذا تغيير خلقة الروح، وهذا تغيير خلقة الصورة”. انظر “إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان” 1/107.

في الحقيقة إن الحديث عن الفطرة رحبة أرضه، له أوجه متعددة، ولانتكاسها تجليات كثيرة…

ولكن كان غرضي الإشارة إلى أهمية تعزيز مكانة الفطرة بمعانيها الشاملة!! ومحوريتها في حياتنا، خاصة عند النشء؛ إذ كل معاول الهدم مصوبة تجاههم….

ولا أزعم أنني بهذه الأكتوبة قد حققت أو سنحقق المقصود… ولكن هي كما قلت إشارة من قصير اليد لكل من طالت يده من الغيورين كثرهم الله…

أسأل الله أن يحفظ علينا فطرنا، ويعيننا على حسن سقيها، ويوفقنا لجني ثمارها ويبارك لنا فيها.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

اللهم احفظ أبناء المسلمين، وأنبتهم نباتا حسنا.

آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M