إنما جئنا لنهدم مكارم الأخلاق

30 أبريل 2017 13:11
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – ذ. أحمد اللويزة

لما بعث نبي الهدى والرحمة محمد عليه الصلاة والسلام في بيئة متدهورة أخلاقيا وعقديا وفكريا، كانت مجموعة من القيم الفطرية لا زالت راسخة، فقال عليه الصلاة والسلام قولته السائرة عبر التاريخ “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” وفي رواية “صالح الأخلاق”.

هكذا اختصر دعوته عليه الصلاة والسلام وحدد مقصدها في كلمة واحدة إنها “الأخلاق”، وعليه فإن كل ما تضمنته رسالته الخالدة من تعاليم وتوجيهات وأوامر ونواهي، في مجال العقيدة أو العبادات أو المعاملات، ما هي إلا تحقيقا لذلك الهدف الأسمى. وكل ذلك لا يخرج عن فلك العبادة الذي تدور فيه سائر الكائنات التي خلقها الله.

الأخلاق الفاضلة إذن هي عنوان الإسلام، ولا يحسن عمل إلا بحسن أخلاق صاحبه، وهذه الأخلاق منها ما له ارتباط بعلاقة الإنسان بربه أو علاقته بغيره أو علاقته بنفسه، فهي تشكل وحدة متكاملة منسجمة بعضها يشد بعضا وينفرط عقدها بالتفريط في جهة من جهات ارتباطها.

هذا هو الإسلام الدين الخالد.

أما دين العلمانية الذي يجعل الحياة بقيمها تابعة لهوى البشر، دون قيود شرعية من وضع الخالق سبحانه، فإنه لا يقيم للأخلاق وزنا، بل هي عنده عائقا نحو التقدم العلمي والتكنولوجي والتمتع بملذات الحياة، لذا لا يألوا جهدا أنبياء هذا الدين ودعاته وأتباعه في الدعوة والقيام بكل لما يهدم القيم والأخلاق والفضائل التي لا تتوافق والمشروع العلماني القائم على الرذيلة والقبائح، وكل ما يحقق الرقي المادي ولو على حساب القيم.

ولذلك أهم بند في هذا الدين هو هدم القيم والأخلاق، بنشر الفواحش والرذائل، عبر مختلف الوسائل، وبكل الجهود، في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والفنية والأسرية، فتارة بالتقليل من قيمة الأخلاق في الإسلام، ومدح القيم الانحراف والطغيان، وتارة بنشرها والتحريض عليها والتخويف ممن قد يحاربها ويمنع انتشارها، وتارة بتشويه الفضلاء وتقديمهم في سورة سيئة للرأي العام في مقابل مدح سفلة القوم وفاقدي الأخلاق وتقديمهم على أنهم النخبة والقدوة. وتارة بسن القوانين التي تحارب الفضيلة وتمكن للرذيلة…

شعارهم: إنما جئنا لنهدم مكارم الأخلاق.

ولأن الأخلاق هي صلب كل التعاليم الإسلامية وثمرتها الدالة على صدق الالتزام بها فهي تحقق للإنسان سعادته الدنيوية والأخروية، ولنا أن نتأمل نتائج الدين العلماني القائم على الإباحية تنظيرا وسلوكا، عقيدة وممارسة لنرى نتائجه الوخيمة على الفرد والمجتمع، على الدنيا خصوصا التي يسعون لتحقيق لذاتها فتتحول جحيما عليهم وعلى أتباع دينهم، أما الآخرة فلا شأن لهم بها.

ولذلك ما نراه اليوم من مشاكل أخلاقية تجاوزت الخيال؛ من عري فاضح، وزنا على الملأ، ولواط وسحاق، واغتصاب، وتحرش، وزنا محارم، وخيانة زوجية، وعقوق وعبث بالأعراض، وأمهات عازبات وأطفال متخلى عنهم، وإجهاض، وأمراض فتاكة… وغيرها من نتائج التسيب العلماني، وكل ذلك له تبعات اقتصادية ونفسية واجتماعية، تزيد عبئا على الدول وتعقد المسؤولية فيها، فيتم صرف أموال طائلة لمعالجة الآثار السيئة لمنظومة القيم الفاسدة في الطرح العلماني، مع الإبقاء على الأسباب سذاجة وبلادة وغباء.

إلا أن يكون ذلك مقصودا وهو كذلك. فالغاية عند أنبياء العلمانية أن تقوم الحياة الدنيا على إدمان الإباحية والانحلال، وأن ينتشر ذلك بين الأفراد انتشار داء الكلب حتى تبقى البشرية طوع بنان المتحكمين في رقابها والممسكين بخيوط توجيهها والتصرف فيها. نتيجة خبث الطوية وفساد الطبع، وفي الحقيقة ما هم إلا نواب الشيطان في هذه الحياة التي أقسم شيطان الجن على إفسادها وإفساد عمارها، وها هم شياطين الإنس أو رسله من بني البشر يؤدون المهمة بنجاح.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M