الأستاذ كديرة أبعد النجعة في موضوع “تدريس المواد العلمية باللغة العربية”

17 سبتمبر 2019 22:41
الأستاذ كديرة أبعد النجعة في موضوع "تدريس المواد العلمية باللغة العربية"

هوية بريس – ذ. امحمد رحماني

الأستاذ كديرة أبعد النجعة في موضوع "تدريس المواد العلمية باللغة العربية"استضافت قناة ميدي 1 في برنامجها “أزمة حوار” في موضوع الحلقة “تدريس المواد العلمية باللغة العربية” (الذي بثت فبراير الماضي) مجموعة من الأساتذة برز فيهم الأستاذ محمد اكديرة الخبير في السياسات العمومية والتربوية، الذي حاول الاستقواء في البرنامج بمعلومات مغلوطة عن اللغة العربية مستغلا في ذلك ضعف محاوره الأستاذ يوسف علاكوش عضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال -مع احترامنا للجميع- فقام الأستاذ كديرة بادعاء مجموعة من الاتهامات للغة العربية الشيء الذي يدل دلالة لا شك فيها أن السيد كديرة لا يعرف شيئا عن اللغة العربية سوى جانبها الصوتي في التكلم -مع حزمة كبيرة وعظيمة من الأخطاء النحوية والصرفية في كلامه- فطريقة حوار الأستاذ كديرة وما طرحه في حواره من معلومات حول اللغة العربية تجعل المستمع يجزم جزما أكيدا أنه لا يعرف شيئا عن لامية الأفعال ولا عن الأوزان الصرفية ولا عن التقديرات الإعرابية، فلو قام الأستاذ يوسف بطرح سؤال بسيط على الأستاذ كديرة في مسألة إعرابية يطلب فيها رأيه في ميزان صرفي أو تقدير إعرابي فإن السيد كديرة لن ينطق ببنت شفة وهذا أكبر مشكل تعانيه اللغة العربية اليوم، وهو أن المتكلمين عنها لا يعرفونها، ومن الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها معدو البرامج التلفزية أنهم لا يستضيفون الخبراء المتخصصين في اللغة العربية، بل يتم استدعاء خبراء في البيداغوجيات والسياسات التربوية ومثل هؤلاء -مع احترامنا لهم- ليسوا مؤهلين للتكلم عن جانب كفاءة اللغة وأهليتها في المجال العلمي لأنهم أصلا لا يعرفون عنها شيئا.

ولذلك إذا تكلم غير لمتخصص فإنه سيغرب في طرحه، كما وقع للأستاذ كديرة الذي ادعى أن اللغة العربية قاصرة عن مواكبة العلوم وأنها غير منتجة باعتبار أنها ليست لها مختبرات لغوية مقارنة باللغة الإنجليزية التي تنتج كلمة في كل 98 دقيقة، هذا الكلام لا يدل إلا على جهل كبير وخطير باللغة العربية خصوصا أن السيد كديرة خبير سياسات تربوية لا يعرف أن اللغة العربية أقدر لغة على التعبير عن المسميات العلمية في المختبرات المتطورة، وهذا بشهادة المتخصصين الأوروبيين الذين تجند الكثير منهم لدراسة اللغة العربية فذهلوا من ثرائها اللغوي القادر على مواكبة تخصصات دقيقة في علوم تجريبية، فهذه العلوم التي يتكلم السيد كديرة أن اللغة العربية قاصرة على مواكبتها كتبت أصولها باللغة العربية ولا زالت مخطوطاتها موضوعة في المتاحف العلمية الأوروبية، وانطلاقا من تلك الأصول تعلم الأوروبيون وقاموا بترجمتها وتدريسها فمعادلات الخوارزمي ونظريات الزهراوي وملخصات البيروني كلها كانت باللغة العربية، ولحد الآن لا زال المختبر العلمي الأوروبي لم يجد من يعوض له كلمة “زنبيق” و”بوجي” و”الكنبه” و”الكيتار” و”الجيراف” وغيرها كثير أفرد لها الكاتب الفرنسي “جون بروفوست Jean pruvost” كتابا خاصا سماه “أجدادنا العرب Nos ancetres les arabes”.

فاللغة العربية لا تحتاج أن تنتج كلمة تعبر عن حالة علمية دقيقة لأن الكلمة أصلا موجودة تحتاج فقط لمن يعرفها ويدرسها ويزيل الغبار عنها، مشكلة اللغة العربية أنها منعت من دخول المختبرات لأسباب أيديولوجية بحتة وليس لأنها غير مؤهلة، ومن هنا ندعو الشباب والطلاب لتعلم اللغات الأجنبية لأنها لغة المختبرات وهي لغة سوق الشغل ولكن هذا لا يعني أن اللغة العربية غير مؤهلة، بل اللغات الأجنبية هي العاجزة عن مسايرة اللغة العربية في جذورها اللغوية وأوزانها الصرفية وهناك كلمات باللغة العربية لن تجد لها مرادف ولا مقابل في اللغات الأخرى، وبإمكان السيد كديرة أن يبحث عن مرادف لكلمة “عورة” أو “الغبطة” أو “التقوى” أو الفرق بين “كسب” و”اكتسب” باللغة الفرنسية التي يتشدق بها.

كيف يعقل للغة تضم 12.302.912 كلمة نحكم عليها بأنها غير مؤهلة لمواكبة علوم تجريبية، بمقابل اللغة الإنجليزية التي تضم 400.000 إلى 600.000 كلمة تعتبر مؤهلة؟

أما المعجم الفرنسي الذي يدافع عنه السيد كديرة فلا يكاد يتجاوز 150.000 كلمة، فبربك عن أي معادلة يتحدثون ؟ لغة تحتوي على أكثر من 12 مليون كلمة لغة غير مؤهلة؟ هذا هو الخبال بعينه، ومما لا يعرفه السيد كديرة مطلقا وبدون أي شك في جهله بذلك أن كثير من الكلمات الانجليزية ترجع إلى أصول عربية، ومعجم الفردوس الذي أعده الدكتور مهند العنوجي في 1600 صفحة كبيرة من جزأين كبيرين، يقدم تحليلا يتناول آلاف المفردات العربية التي استعيرت من قبل لغات أخرى أشهرها الانجليزية كونها كما يقول المعجم لغة محدثة لم تزد عن 600 سنة فقط، وقامت أساسا على الاستعارة من شتى اللغات الأخرى، والفردوس معجم إنجليزي عربي للكلمات الانجليزية ذات الأصول العربية بعد ضبطها بالمعايير العلمية كالتشابه الصوتي ودراسة معانيها وشكل حروفها واستعمالها النحوي ، وفي المعجم أكثر من 3000 جذر كلمة إنجليزية والتي تشكل قرابة 25.000 كلمة من أصل عربي.

وقضية ثراء اللغة العربية وفقر اللغات الأخرى -إنجليزية وفرنسية- لم يقل بها عالم عربي وإنما صدرت من المتخصصين الغربيين الذين افنوا أعمارهم في دراسة اللغات وعلى رأسهم الكاتب الأمريكي روبرت كليبرون Robert claiborne في الصفحة الثالثة من كتابه “حياة وعمر اللغة الإنجليزية”

مشكلتنا هي القراءة الإيديولوجية لبعضنا البعض وليس بفكر علمي منطقي محايد، كما سيفعل الكثير من القراء حينما يطالعون ما كتب، فبمجرد أن الكاتب يدافع عن العربية يكيلون له السب والشتم والاتهام للدلالة على عقول قاصرة وباهتة غير قادرة على المناقشة العلمية المنطقية لا تعرف في قاموسها سوى السب والقذف، ولو أن المستشهد بهم في المقال علماء لغة أوروبيون.

آخر اﻷخبار
11 تعليق

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M