الإدانة للإرهاب واجبة.. لكن ماذا بعد الإدانة؟؟

22 أبريل 2019 15:19
الإدانة للإرهاب واجبة.. لكن ماذا بعد الإدانة؟؟

أدين بشدة ما جرى في سريلانكا، لأنه عمل وحشي مخالف للفطرة الإنسانية.
ولا يمكن أن نثق في أي كان ممن سيعلنون مسؤوليتهم على الحادث، لأن التفجيرات الكبرى المنظمة بهذا الشكل والمتعددة الأمكنة، لا يمكن أن تمر بشكل عادي دون تواطئ جهات متخصصة في هذا النوع من الإرهاب المنظم، كما لا يمكن القيام بها من طرف أفراد، هذا مع سهولة اختراق المنظمات المتطرفة البدائية من طرف المافيات المتاجرة بالأرواح لفائدة الدول الكبرى والشركات العابرة للقارات.
لكن الذي أثار انتباهي هو لماذا لم يعر الإعلام الدولي ولا المؤسسات الدولية أي اعتبار أو اهتمام لأعمال العنف والتخريب التي تستهدف في معظمها ممتلكات المسلمين ومساجدهم في سريلانكا نفسها وهي لا تقل بشاعة.
السنة الماضية فقط سُجل خلالها حرق ما لا يقل عن 24 مسجدا خلال خمسة أيام من الاضطرابات التي تركزت بشكل رئيسي في مقاطعة كاندي (وسط البلاد).
كما تم خلال أقل من أسبوع حرق أكثر من 160 محلا تجاريا، وفق إحصاءات في مقاطعة كاندي وحدها، بعض هذه المحال أسس قبل نحو قرن من الزمان وكان شاهدا على روح التسامح بين مختلف مكونات المجتمع السريلانكي.
هذه الأعمال الإرهابية كان وراءها البوذيون في سيريلانكا وهم يشكلون 70 في المائة من سكان البلاد في حين يشكل المسلمون 10 في المائة والنصارى 7 في المائة والهندوس 13 في المائة.
وتتفق معظم القيادات السياسية في سريلانكا على أن الهجمات المذكورة على الأقلية المسلمة هي نتاج تحريض عنصري متطرف لزعماء البوذيين على غرار ما يعانيه المسلمون في ميانمار.
المهم لا ندري لماذا نرجع بالاتهام على أنفسنا حتى قبل أن تعلن مسؤوليتها المنظمات المتطرفة التي بها مسلمون؟
ولماذا لا نتعاطف مع قضايا إخواننا المسلمين التي تعرف اضطهادات كبيرة وتقتيلا شنيعا وإبادات جماعية لشعوب المسلمين في الصين وبورما وسيريلانكا وفلسطين وغيرها؟؟
لماذا يحس المسلم أنه مسؤول عن كل أعمال الدمار والعنف التي تجري في العالم؟؟
على المسلم أن يضبط أحاسيسه، وأن يراجع تصوراته عن نفسه وعن قضاياه، فقد تمت برمجة جماهير المسلمين من خلال الحرب الإعلامية وحرب الأرقام والصور، وحرب الندوات والدراسات الموجهة وضغط التصريحات السياسية وتوجيه الأحداث التي تقترفها المافيات لفائدة مخابرات الدول الكبرى وبتنسيق بينهما والتي يهمها أن يلصق الإرهاب بكل ما هو إسلامي.
هذا فضلا عن صناعة الجبهات التي يقحم فيها شباب المسلمين، والتي يدخلونها مدافعين عن الإسلام والمسلمين، ليخرجوا منها إرهابيين في نظر شعوبهم وحكوماتهم ودول العالم. وما قضية العراق وسوريا وأفغانستان عنا ببعيد.
إننا لا نحتاج إلى إدانة للإرهاب فقط، بل أيضا لوعي شامل حتى لا ندعم صانعي الإرهاب الذين يوجهون الأحداث ويصنعون المآسي من أجل الحسابات السياسية والاقتصادية، خصوصا وأن العالم تسيره اليوم الشركات الدولية التي تتحكم في المافيات المتعددة الاختصاصات، والضالعة في ارتكاب المجازر وأعمال الإرهاب، وقد أثبتت الدراسات ارتباط الدول الكبرى بها وتنسيقها معها في المشاريع التوسعية التي تروم بها تغيير الخريطة الجيوسياسية للعالم.
فكما غيرت الحرب العالمية الأولى خريطة العالم، وثبتتها بالحرب العالمية الثانية، فإن من أهم أهداف الحرب العالمية على “الإرهاب” والتي تتزعمها أمريكا، هو تغيير خريطة العالم مجددا، وعلى المسلم أن يعي أن خريطة العالم الإسلامي كانت هي أكثر الخرائط تغيرا ومساسا في القرن الماضي، بواسطة سايس بيكو، ويبدو أنها اليوم مرشحة لأخطر عملية تبديل وتغيير مع اقتراب إبرام صفقة القرن، والتي هي من الثمرات الكبرى للحرب العالمية على الإرهاب.
إننا لا نذكر كل هذا من أجل إذكاء العداوة، ولا نشرا لثقافة الحقد بين الديانات والأعراق، ولكن فقط ليرفع المسلمون وعيهم بما يجري تحت أقدامهم، فهم حسب الأرقام والدراسات الغربية أكثر الشعوب تعرضا للقتل والنهب والدمار والتشريد والإبادة، وقد استمرت فيهم طيلة القرنين الأخيرين وأكثر، قتل منهم عشرات الملايين فقط في القرن الماضي، ولا زالت أنهار الدماء تجري على الأرض من عروقهم لحد كتابة هذه الأسطر.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M