التعليم وكورونا

04 أبريل 2020 11:54

هوية بريس – د.محمد عوام

لا يخفى أن التعليم ببلادنا يجتر معه مشاكله المزمنة، التي لا ندري هل فعلا استعصت عن الحل أم أن هناك جهات متنفذة أرادت منه أن يكون على خلاف ما عليه التعليم بالدول المتقدمة، بأن تخصص له ميزانية مقدرة ومحترمة، وبرامج راقية تخدم حاجيات البلد، وترفع من مكانة رجاله، فتستشرف بذلك مستقبلنا، القريب والبعيد المدى، فأي تعليم لا ينظر في مستقبل البلد برسم استراتيجية ناجعة، تحدد الأولويات والاحتياجات، وتنطلق من مقومات الأمة الحضارية والقيمية، فإنه تعليم محكوم عليه بالتخلف والانحطاط.

من ثم كانت الأمم الواعية تعتبر التدخل في شأنها التعليمي بمثابة إعلان أخطر حرب عليها، فلا تقبل البتة من أي دولة مهما كان مقدارها أن تفرض عليها خططها وبرامجها ولغتها في التعليم.

تعليمنا كما قررت، وكما يقرر الخبراء يجر معه تراكما من الخيبة والأزمات، ثم ظهرت اليوم مع كورونا، فيما يلي:

أولا: لم يكن تعليمنا يهتم بالتعليم عن بعد، باستعمال الوسائل التقنية فوجد نفسه أمام الكارثة الوبائية التي حلت به أمام ارتباك حقيقي، وحلول ترقيعية، مثال ذلك أنه لم يراع الطبقات الشعبية التي لا تملك وسائل الاتصال، من انترنيت وجهاز حاسوب من نوع جيد، وحتى الذين يملكون بعضها، ليست على مستوى يخول التلقين الجيد، ومثال ذلك أن كل أستاذ في الجامعة يستعمل تقنية خاصة لا يتوفر عليها جل الطلبة ناهيك عن الخلل التقني الذي يقع من الانقطاع.

معنى هذا ليس هناك توحيد للتقنية المستعملة من طرف الوزارة.

ثانيا: تلاميذ الابتدائي خاصة دون مستوى السادس، من أبناء الطبقة المسحوقة، التي معظمها يعيش ظروفا صعبة، يلتقط آباؤها فتاة العيش هؤلاء أكيد أنهم في عزلة تامة عن التعليم، لا يجدون من يوجههم ويعتني بهم، أما أجهزة التلقين بالنسبة إليهم فمن باب المستحيلات، فبطونهم جائعة وأجسامهم شبه عارية، فأنى له أن يتابع دراسته من بعيد. وعلى رأس هؤلاء أطفال البوادي.

أما التعليم الخصوصي، فلم يجد بدا من وضع برامج منهكة ومثقلة، فالآباء مجبرون على الجلوس مع أبنائهم وفق البرنامج الذي يبتدأ عند بعضهم س9 و30د وعند الآخرين س10، يستمر هذا البرنامج إلى حدود س3 و30د. برنامج مثقل ومنهك، لم يراع ظروف البيت، ولا وجود الآباء فعلا مع الطفل أم لا، ثم كأنهم يتصورون أن الآباء بالرغم من اهتمامهم بأبنائهم، ليس لهم عمل، أو أشغال منزلية، أو أبناء في مستويات مختلفة.

والذي ظهر لي أن الطريق التي اعتمدتها بعض المؤسسات في التعليم الخصوصي، ليست هي الجاري بها العمل عندهم، فما صنعوه بعيد منهجيا وبداغوجيا عن أساليب التلقين من بعيد. فالتلقين من بعد له خصوصياته البداغوجية. فقد كان على المؤسسات أن تراعي نفسية الطفل في التعليم في البيت، وظروف البيت، وتكتفي فقط بما هو مهم جدا دون الإكثار من التمارين.

ثالثا: وهو الغريب ازدواجية لغة التعليم، مثال ذلك الرياضيات بعض المؤسسات تدرسها بالفرنسية، والذي يبث في القناة بالعربية، فلما سألت مدير مؤسسة، قال لي يوجد بالعربية والفرنسية في نفس المستوى، فلم أملك إلا أن أحوقل وأسترجع وأتعوذ على طريقة ابن حزم رحمه الله.

وأخيرا هل ستجعلنا أزمة وباء كورونا نغير من نمط تعليمنا، فنعطيه أولوية، ونرفع من مكانته، ونجدد بناءه؟ هل سيجعلنا نضع خططا فعالة جاهزة لحل الأزمات التي لا قدر الله تحل بنا؟

إن الأوراش الكبرى اليوم أمام الدولة التي تحتاج إلى حلول واهتمام وتخطيط التعليم والصحة، فالأوطان لا تبنى إلا ببناء الإنسان، والإنسان لا يبنى بالعلم أولا والصحة ثانيا.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. السلام عليكم ورحمة الله. جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه في جريدتكم النقية الموضوعية، وأنا من المتتبعين لها باستمرار ولا آخذ الأخبار إلا منها باستمرار. المطلوب منكم لو سمحتم تغيير الخط الذي تكتب به المقاللات والأخبار إلى خط عريض وواضح حتى يسهل على المتتبع قراءته. أعانكم الله ووفقكم لكل خير.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M