الروهنغيا في بنغلاديش.. من الترحيب إلى التضييق (تقرير)

18 سبتمبر 2019 15:41
ماليزيا تعرب عن قلقها حيال أوضاع مسلمي الروهينغا

هوية بريس – وكالات

بعد محاولة فاشلة لإعادة لاجئي الروهنغيا إلى ديارهم في ميانمار أغسطس/آب الماضي، بدأت بنغلاديش تكثيف الضغط على تلك الشريحة المضطهدة.

وقال وزير الدولة البنغالي للشؤون الخارجية شهريار علم، للأناضول، إن “دكا” ربما لا تبدي مرونة في معالجة أزمة الروهنغيا مستقبلا، وانتقد المجتمع الدولي لعدم إظهاره اهتماما كبيرا بالمساعدة على حل مشكلتهم.

وأضاف الوزير: “حتى الآن، فشل المجتمع الدولي في زيارة قرى ولاية راخين (أراكان) غربي ميانمار، التي فر منها الروهنغيا، لكنه يعمل بشكل عشوائي في بنغلاديش”.

وتابع: “تساعد بعض المنظمات غير الحكومية ووكالات الإغاثة، الروهنغيا على التسلل للإقامة في ميانمار، بشكل يتجاهل القوانين والقواعد القائمة في البلاد (..) يجب أن نتخذ موقفا أكثر صرامة حيال ذلك”.

وأردف: “يجب أن يكون للدولة المضيفة الحق في اتباع قواعدها ولوائحها الخاصة في تنظيم عملية إيواء أكثر من مليون لاجئ”.

ومضى بالقول: “بنغلاديش دولة مستقلة وذات سيادة، لكننا نواجه تحديات في الحفاظ على قانوننا ونظامنا. إذا كان لدينا أي إشكاليات ناتجة عن الروهنغيا، فيجب علينا اتخاذ موقف أكثر صرامة”.

تجدر الإشارة أن بنغلاديش فتحت أبوابها أمام الروهنغيا المضطهدين، عقب حملة عسكرية وحشية في ولاية آراكان غربي ميانمار، غشت 2017.

ووفقا لتقرير صادر عن “وكالة أونتاريو للتنمية الدولية” (غير حكومية مقرها كندا)، “قتل قرابة 24 ألف مسلم من الروهنغيا على أيدي القوات الحكومية في ميانمار، فيما اعتقل أكثر من 34 ألفا، وتعرض ما يفوق 114 ألفا آخرين للتعذيب والضرب منذ بدء حملة القمع الأخيرة”.

وذكر التقرير أن “حوالي 18 ألفا من نساء الروهنغيا تعرضن للاغتصاب على أيدي عناصر من الجيش والشرطة في ميانمار، وتم إحراق أكثر من 115 ألف منزل وهدم 113 ألفا”.

لكن الموقف الذي أبداه الوزير البنغالي بتشديد الإجراءات ضد الروهنغيا، يختلف عن الموقف الأولي الذي اتخذته السلطات لمعالجة الأزمة.

وفي سبتمبر 2017، زارت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، مخيمات الروهنغيا في “كوكس بازار” الحدودية جنوبي بنغلاديش، وأعربت عن تعاطفها مع اللاجئين.

وقالت رئيسة الوزراء لوسائل إعلام محلية بعد زيارة أحد المخيمات: “تم حرق منازلنا أيضا في 1971 (أثناء حرب التحرير).. فر شعبنا إلى الهند عندما لم يكن لديه مكان يذهب إليه. لذلك، نحن نفعل كل ما في وسعنا لمساعدة الروهنغيا”.

وخلال حرب التحرير في بنغلاديش عام 1971، لجأ 10 ملايين من الهندوس والمسلمين إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية، ووصل معظمهم إلى ولايات البنغال الغربية وتريبورا وآسام وميغالايا، لكنهم عادوا جميعهم تقريبا إلى ديارهم بعد الحرب.

وفي 14 سبتمبر 2017، قالت الشيخة حسينة أمام برلمان البلاد: “إذا لزم الأمر، فسنشاركهم (الروهنغيا) طعامنا”.

واستجابة للسخاء المتميز الذي أظهرته حسينة، أطلقت عليها القناة الرابعة في المملكة المتحدة اسم “أم الإنسانية”.

** موقف مغاير

ولكن عقب فشل مبادرة 22 أغسطس 2019، الخاصة بإعادة 3450 روهنغيًا إلى ميانمار، بدأت بنغلاديش على ما يبدو بتغيير موقفها.

فقد طالب النازحون بحقوق المواطنة، وضمان السلامة تحت إشراف المجتمع الدولي، قبل إعادة توطينهم في أماكنهم الأصلية في ولاية أراكان التي فروا منها.

وخلال أسبوع، منعت بنغلاديش 41 منظمة غير حكومية من القيام بأي نشاط في مخيمات الروهنغيا، واتهمتها بالانخراط في “ممارسات خاطئة”.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أمرت الحكومة البنغالية بحظر خدمات الهاتف المحمول، وبيع بطاقات تشغيل خطوط تلك الهواتف بمخيمات اللاجئين، في محاولة لقطع الاتصالات عن مئات آلاف مسلمي الروهنغيا.

وفي الوقت نفسه، اقترح جيش بنغلاديش إقامة سياج شائك حول مخيمات الروهنغيا في كوكس بازار “لأسباب أمنية”.

وقال مدير الجناح الإعلامي للجيش البنغالي المقدم محمد عبد الله بن زايد، للأناضول: “لقد طُرح هذا الاقتراح في اجتماعات حكومية مختلفة بناءً على حاجة واضحة”.

ففي 4 سبتمبر الجاري، كشف الجيش البنغالي في اجتماع لقياداته، أنه من بين 1.2 مليون لاجئ روهنغي في 31 مخيما مؤقتا، هناك 400 ألف طفل ـ تراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما ـ لا يتلقون أي تعليم، ويشكلون تهديدا ليس فقط للبلاد، ولكن للمنطقة بأسرها.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن الفريق محفوظ الرحمن، المسؤول بالجيش، قوله “بالنظر إلى هذا الوضع، سينتشر الأطفال في جميع أنحاء بنغلاديش، وقد تحاول المنظمات الإرهابية الدولية استغلالهم لخدمة مصالحها”.

وخلال الأسابيع الماضية، أفادت تقارير محلية بأن السلطات ألقت القبض على عشرات الروهنغيا في أنحاء متفرقة من البلاد، بعد اتهامهم بالحصول على جوازات سفر وبطاقات هوية بنغالية بصورة غير قانونية.

** دعوة إلى رفع القيود

إلا أن الإجراءات الأخيرة التي تمضي فيها بنغلاديش، ستضر على ما يبدو بصورة الشيخة حسينة “أم الإنسانية” أمام المجتمع الدولي.

ففي بيان صدر مؤخرا، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، حكومة بنغلاديش إلى “إنهاء القيود المفروضة على حرية تنقل لاجئي الروهنغيا، والوصول إلى الإنترنت، والاتصالات عبر الشبكة العنكبوتية”.

ورأى رضوان صديقي، وهو صحفي محلي بارز، أن بنغلاديش لن تكون قادرة على الاحتفاظ بـ 1.2 مليون روهنغي لفترة طويلة.

وقال صديقي للأناضول: “إذا حاولت بنغلاديش الآن استيعاب 1.2 مليون روهنغي على أراضيها لفترة طويلة، فإن الهند ستحاول طرد 1.7 مليون من البنغال غير المسجلين، من ولاية آسام، حيث وصفت نيودلهي مؤخرا هذا العدد من الأشخاص بأنهم بنغاليون غير شرعيين”.

ومع ذلك، فإن مجموعة مدافعة عن حقوق الروهنغيا، تعتبر الإجراءات الأخيرة “حيلة من حكومة بنغلاديش، لنقل اللاجئين إلى جزيرة نائية على خليج البنغال”.

بدوره، قال الأمين العام لمنظمة التضامن مع الروهنغيا آر عبد الرشيد: “ينبغي للحكومة البنغالية أن تضغط على ميانمار لتسهيل بيئة يعود فيها الروهنغيا إلى بلادهم بشكل آمن، بدلا من أن تضغط على اللاجئين”.

وأقامت بنغلاديش ملاجئ لنحو 100 ألف روهنغي في باشان تشار، وهي جزيرة تبعد نحو 40 كيلومترا عن أقرب ساحل في منطقة نواخيلي، جنوب بنغلاديش.

وتم تأجيل عملية نقل الروهنغيا إلى تلك المنطقة، بسبب النقد والضغط على الحكومة من قبل جماعات حقوقية محلية ودولية.

المصدر: وكالة الأناضول.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M