الشريعة والقانون أو الفوضى الفتاكة

07 نوفمبر 2019 19:23
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – د.أحمد اللويزة

في بيان حال المنافقين وسماتهم ذكر القرآن أنهم تفضحهم العبارات وتخونهم الكلمات فينكشف منها ما هو مخبوء في الصدور قال تعالى (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، فكيف واليوم يصرح خونة الامة وأعداء الملة الطابور الخامس، بحقيقة ما يختلج أفئدتهم ويجول في أخلادهم.

كان المنافقون دائما سلاحا في يد الاعداء وخنجرا مسموما في ظهر الأمة، ألسنتهم مع المؤمنين وقلوبهم من الأعداء، يخذّلون ويحرضون ويتواطؤون… هذا ما نراه اليوم وبشكل صارخ وبلا التواء ولا مراوغة.

فمطالب القوم ليست مطالب شعبية ولا تنبثق من رحم معاناة الأمة ولا هي مطالب يمكن أن ترفع عن الأمة الهوان والقهر والذل والتخلف.

بل على العكس من ذلك هي قيم وأخلاق تتنافى مع اختيارات الأمة، مفروضة من طرف الأعداء بالضغط والإكراه والتوظيف المشبوه للحركات النسوانية والجمعوية والحقوقية حتى يبدو الأمر وكأنه مطالب شعبية وإرادة محلية. والدليل على ذلك أن هذه المطالب هي ما تقرر فرضه على العالم الإسلامي في دهاليز منظمة الأمم المتحدة تحت مسمى اتفاقية المرأة والطفل.

فلا عجب من سقف الجرأة لدى هؤلاء الطابور المرتزق، والنفس الاستعلائي الذي يتحدثون به إلى درجة تحدي الدولة ومحاولة إلزامها وإخضاعها والتصريح بأنهم خارجون عن القانون. والخروج عن القانون معناه الفوضى. فلسان الحال ومقتضى المقال إما الفوضى وإما الفوضى؛ أي تغيير القوانين لإباحة الفوضى الأخلاقية أو سنفرضها بالأمر الواقع، والاستقواء بالخارج.

فهذه الحرب على القيم والفضيلة والدين تستعمل فيها كل الاساليب القذرة؛ أحيانا بالتهجم على الإسلام وأحيانا بتوظيف الإسلام عن طريق التحريف والتأويل الفاسد الممجوج. هذا الإسلام الذي جاء للقضاء على الفوضى الأخلاقية الإباحية التي كانت تسود العالم الجاهلي في صور شتى؛ ومن صورها دخول جماعة من الرجال على امرأة واحدة والزنى بها ثم تلحقه  بمن شاءت منهم.

ومنها أن يأذن الرجل لزوجته أن تُمكِّن نفسها من رجل معين يتميز بالشجاعة أو الكرم؛ ليكونَ لها منه ولد مثلُه، ويسمى نكاح الاستبضاع.

ومنها: السفاح بالبِغاء العلني، وكان عند العرب خاصًّا بالإماء دون الحرائر. واليوم يعتبر من علامات الحرية والتقدم. بل وجعله موردا من موارد الخزينة العامة.

ومنها: اتخاذ الأخدان، أي: الصواحب العشيقات، وكان عرب الجاهلية يستترون به ويعدون ما ظهر منه لؤمًا وخِسّة. وهو اليوم تقدم وتحضر، ومن لا يفعله متخلف ورجعي.

ومنها: نكاح البدل والمبادلة، وهو أن يَنزل رجلان كلٌّ منهما عن امرأته للآخَر والمعروف اليوم بتبادل الزوجات.

ومنها نكاح الشِّغَار وهو أن يزوِّج كلٌّ من الرجلين الآخَرَ بنتَه أو أخته بدون صداق.

ومنها أن يتزوج أكبر أولاد المتوفى من زوجة أبيه أو يرث نكاحها، وله الحق في منعها من الزواج حتى تموت فيرثها، أو يزوجها إلى أحد أخوته بمهر جديد.

أنواع من الممارسات الجنسية البهيمية وما دون البهيمية، تحط من كرامة المرأة ومكانتها وإنسانيتها، -والتي يزعم بنو علمان أنهم يناضلون من أجل حقوقها- كلها جاء الإسلام ليبطلها ويضبطها بميثاق منظم متعقل إنساني فطري، كما قالت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري: “فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ”.

وها قد جاء بنو علمان وأدعياء التقدم والحداثة اليوم ليحيوها من جديد ويزيدوا فيها من الفوضى والعبث ما لم يكن في زمن الناس من قبيل: اللواط وزواج الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وزواج الآدمي بالحيوان وهلم خنا وخبثا…

هذا الذي يريده القوم اليوم؛ الفوضى والتهور والتسيب المفضي للكوارث الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والصحية… يريدون أن يروا الرجال يركبون النساء أمام الملأ بلا استنكار ولا خجل، وهذه نتيجة حتمية لهذا التوجه، وإن كانوا مكرا ومراوغة يقولون إنهم ضد ممارسة الزنا علنا، ولكن مع ممارستها في الفضاءات الخاصة، يردون من الرجل أن يجد مع زوجته رجلا في الفراش، أو ابنته مع صديقها في غرفة النوم ولا يتكلم ولا ينبس ببنت شفة، لأنهما يمارسان الحرية الشخصية في ممارسة الزنا والفاحشة، يريدونها طاعونا يتمدد.

فترتفع نسبة الأمهات العازبات الزانيات، والأطفال اللقطاء وأبناء الحرام، والمصابون بالسيدا والأمراض المنقولة جنسيا، والخيانة الزوجية وانتساب الأبناء إلى غير آبائهم، واختلاط الأنساب حتى يتزوج الأخ أخته، والرجل عمته وخالته. وكل هذه المصائب تكلف الدولة مبالغ مالية ضخمة تقتطع من خزينة الدولة ويؤديها دافعو الضرائب، والتي كانت أولى بالمشاريع التنموية والخدماتية من أجل حياة سعيدة وكرامة وطيدة وبيئة أخلاقية راقية سامية.

إن الإنسان إذا لم يتربّ على الأخلاق التي ترعاه وتنهاه فلا بد له من رادع يصده ويمنعه. ولذلك جاء الإسلام بمشروع تربوي أخلاقي جعل من الناس أخيارا أطهارا ومن المجتمع بيئة زكية طاهرة، وللحفاظ على هذه الحالة المثالية ومنعا لكل انحراف متوقع أو واقع شرع قوانين زجرية بالأساس، غايتها المنع من الوقوع في المخالفة أصلا. والتزام الستر عند الوقوع حفاظا على طهارة المجتمع وأمنه وسلامته. وعليه فإن تدخل الدولة أمر لازم ولا يمكن لعاقل أن يقول للدولة عليك بالتنحي عن تطبيق القوانين التي تحفظ الأعراض وتصون الشرف وتضمن استمرار النسل وتحول دون الفوضى الأخلاقية.

إن تراخي قبضة الدولة عن معاقبة المجترئين عن القيم والأخلاق التي تسيء لسمعة الوطن والشعب المسلم هو ما أوصلنا إلى حالة من التسيب والجرأة الزائدة في المجاهرة بالفواحش والمنكرات والممارسات التي تتنافى والقيم الفاضلة التي يلزم إن يتربى عليها المواطن في مجتمع مسلم.

ودونكم ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات وقنوات على اليوتيوب وغيرها حتى أصبحت لغة الفائضح وصوت “الشوهة” أعلى ما يوجد في المجتمع الذي صار يصبح ويمسي على ذلك.

فكيف إذا تخلت الدولة عن تطبيق القانون في حق الجرائم الأخلاقية والممارسات المنحرفة والشاذة. وهي ملزمة اليوم وبكل قوة أن تتدخل بمؤسساتها التربوية الدينية والتعليمية ومؤسساتها القانونية قبل أن تغرق سفينة القيم ويصبح المجتمع غابة من الفوضى الأخلاقية التي لن تبقي ولن تذر.

وقديما قيل: إنما الأمم الأخلاق ما  بقيت… فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M