الشيخ عمر القزابري يكتب: أَبْنَاؤُنَا..!

14 سبتمبر 2019 01:12
الشيخ القزابري: تحقيق الأمن مسؤولية المسؤولين والناس.. بالعدل وبقطع الطريق على كل فتان

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمان الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:

أبناؤنا هم عُمُدُ بناء الغد.. وهم القيمةُ الحقيقية التي سَتوزن بها مكانة الأمة.. إذن فالتعامل معهم يجب أن يكونَ مدروسا.يسيرُ وِفق منهجِ الله.. وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. تلك السنة العظيمة.. والتي مع الأسف اختصرَها الكثيرونَ في مُجرد مظاهر.. مع أنها مِنهاج حياة.. تُرخي بظلالها الوارفة على كل مناحي عيشِ الانسان.. والحاجةُ اليوم أيها الأفاضل إلى تنشئة أجيالٍ طاهرةٍ وظاهِرة..  أشد وآكَد من أي وقت آخر.. وذلك لكثرة الفِتن.. واتساع رقْعَة الأصوات النَّشاز.. التي تنشر الإلحاد.. وتزيِّن الفساد.. وَتُلَبِّسُ على الناشئة بِغرورِ زخارفِ القول.. قلبا للحقائق.. وتبْييتًا لصنوف المكر.. تسويغا للإلحاد.. وإسقاطا لهيبةِ العِلم.. وطعنًا في الدين..

في زمن هذه سِماته.. وتلك قَسماتُه.. يكبر أولادنا جسوما.. ويصغرون دينا.. يشبعون طعاما.. ويجوعون حبًّا ومجالسةً ووئاما!!

ففي اليوم الذي تغفل فيه عن ولدك.. تهجم على عقله ألف فكرة خاطئة.. وعلى عينيه ألف مقطع سيئ.. وعلى وقته ألف شاغلٍ وشاغل.. بالشر عن الخير..

فكيف بمن يغيبون شهورا ودهورا دون نصيحة أو جلسةِ تربية وإرشاد؟!!

أيها الآباء: لا حاجةَ لأولادكم في الثوب الجديد..  أو المصروفِ الكبير.. أو الميراث الوفير.. إذا لم تؤسسهم بحضورِك على حبِّ الله ومراقبته.. وتُعَرِّفَهُمْ بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..  وعِظَمِ منزلته.. وتدلهم على مكارم الأخلاق التي هي أعظم نِحْلَة.. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( ما نَحَلَ والد ولده من نحل أفضل من أدبٍ حسن ) وتكتشفَ فيهم مواطنَ الخير فتتعهدها وتسقيها وتُنمِيها.. وتعرف مكامن الشر في نفوسهم فتنتزعها وتنقيها..

أيها الآباء: لا تعتذروا بضيق أوقاتكم.. فلقد كان الصحابة الكرام يفتحون العالم ثم يعودون إلى أولادهم فيفتحون قلوبهم.. ويحسنون تربيتهم.. ويورثونهم جمال الدين.. ومكارم الأخلاق.. ولا تعتذروا بالسعي على أرزاقهم.. فبئس الرزق ذلك الذي يقدِّم للأمة أجساما معلوفة.. وأخلاقا سيئة مُهَلهَلةً ضعيفة..

معاشر الأمهات: أنتنَّ تُحفةُ الدنيا.. وزينة الحياة.. فعلِّمنَ أولادكُن مكارم الأخلاق.. علموهن كيف يكونون مصابيح في دياجير الحياة.. علموهن أن الحياة مبدأ.. وأن ميزان المُفاضلة هو تقوى الله.. وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعظم قدوة.. علموهن توقير الكبير.. ورحمة الصغير.. ومعرفة الفضل لأهله.. لا تغفلوا عن أولادكم.. فتستلمهم تلك الأيادي التي لا تَرقُبُ فيهم إِلاًّ ولا ذِمَّة.. فتقلب دينهم.. وتفسد أخلاقهم.وتضع أمامهم القدوات الورقية الفارغة التي لا تساوي شيئا في ميزان الاعتبار..

أيها الأحباب: الهجمة اليوم شرسة.. والمقصود الأول منها: قطع الأجيال عن الدين.. وشغلهم بالباطل عن الحق.. وغرس الأفكار المفسدة.. والأخبار المغرضة.. وهدم ذلك البناء الرباني الذي هو الإنسان.. والذي أراده ربه مُستخْلفا في الأرض.. يبني.. ويُعمِّر. ويغرس الفضائل.. وأراده أعداءُ الفضيلة.. وحشا كاسرا.. قد اخترمته المخدرات.. واحتوشته الشبهات.. وملكته الشهوات.. فيصبح فارغا أجوف.. يحمل سيفه.. فيخرج مروعا الناس.. وناشرا الرعب.. أو محاربا للدين.. دمية في يد الماكرين.. أو عدوا لوطنه.. لا يرعى له حرمة.. ولا يحفظ له هيبة.. وصدق الله العظيم إذ يقول: (والله يريد أن يتوب عليكم.ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) فالله الله في أبنائكم.. فلذاتِ أكبادكم.. فدعوةٌ منهم لك إذا صلُحوا.. وأنت في قبرك.. خير لك من الدنيا ومافيها.. يقول سيدنا أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم.. انقطع عمله إلا من ثلاث.. صدقة جارية.. أو علم ينتفع به.. أو ولد صالح يدعو له) ولا أعلم كلاما في عالم التربية.. أجمل ولا أكمل ولا أحلى ولا أغلى من هذا الكلام.. صلى الله وسلم وبارك عليك ياسيدي يارسول الله.. .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله سيدنا محمد النبي الصادق الوعد الأمين الفاتح الخاتم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإيمان وإحسان الى يوم الدين..

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وجود مولانا الإمام أدام الله عزه وعلاه.
    تحية طيبة، أما بعد، أن من أعظم ثمرات الإيمان أن يوقن المومن بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره وأنه لايخفى عليه شئ من أمره في كل حركاته وسكناته. حيث أن العديد من الآيات القرآنية تغرس في قلب المومن استحضار مراقبة الله تعالى الذي لاتخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء وهو العزيز الحكيم، فهو سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم ما في البر والبحر كما يعلم ما توسوس به الأنفس وأنه لذلك كانت المراقبة من أرفع المنازل وأعلى الدرجات وأشرف مقامات العبادة.
    وحيث أن أهل المراقبة هم أولياء الله سبحانه وعباده وأحباؤه الذين يتقربون إليه بالفرائض والنوافل. إن مراقبة الله تعالى يجب أن تكون على كل حال وفي كل مكان وزمان لأن الله العلي القدير بكل شئ عليم، فمن قر في قلبه أنه لا تخفى على الله خافية راقب ربه وحاسب نفسه وتزود لمعاده واستوى عنده السر والعلن، عملا بوصية الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام “اتق الله حيثما كنت” أي في السر والعلن حيث يراك الناس وحيث لا يرونك.
    وحيث أن مراقبة الله تعالى في حياة العبد لها ثمرات جليلة ونتائج عظيمة منها إتقان العمل والإتيان به على الوجه المطلوب، سواء كان هذا العمل عبادة أو معاملة أو سلوكا وأخلاقا، لأن بذلك يصلح العمل ويصلح صاحبه وبه تصلح الدنيا والآخرة وتفتح أبواب الخير وتغلق أبواب الشر وتحفظ القلوب من أمراضها والجوارح من تمردها والأوقات من ضياعها.
    وحيث أن لمراقبة الله جل وعلا أثر بالغ في تعديل السلوك البشري وصرفه عن الوقوع في المهالك، فبهذه المراقبة يكون المجتمع نظيفا لأنه يشعر برقابة داخلية روحية تسيطر عليه ويستسلم لها بكل حب وانقياد، فهي أوامر ربانية المصدر موعودة بالرضا والثواب والجزاء في الدنيا والآخرة.
    وحيث أن الرقابة البشرية، رغم حاجة الناس لها ورغم أهميتها، سواء أكانت رقابة إدارية أو مالية أو أسرية أو اجتماعية أو فكرية، قد تغفل وقد تغيب لكن المفهوم الإسلامي يزرع معنى رقابة الله وإحساس المسلم بهذه الرقابة، ليكون على نفسه شهيدا حفيظا. لأن تنمية الإحساس الداخلي عند المومنين بأن الله يراهم ومطلع عليهم أمر عظيم الشأن لأنه يشعرهم بحقيقة الرقابة الذاتية الدائمة حتى يستوي عند المومن عمل الجلوات والخلوات والسر والعلن، حيث أن ذلك يكون بالتربية على مراقبة الله تعالى التي تصنع وازعا ذاتيا ورقيبا داخليا يرشد المرء إلى أبواب الخير ويرده عن أبواب الشر منذ الصغر، وذلك ببث الإحساس بالمسؤولية وتدريب الأطفال خصوصا على تحملها بقدر ما تستوعبه أعمارهم وأعمالهم وعقولهم، وتعويدهم على الشعور بالخوف والخشوع من الله سبحانه ومراقبته والالتزام بما أمر الله به من عبادة ومعاملات وبالقوانين الجاري بها العمل والضوابط التي تنظم المجتمع.
    وحيث أنه من الأخطاء الكبيرة فرض رقابة سلوكية قاسية على الإنسان في مرحلة من مراحل حياته لأن ذلك يدفعه إلى نوع من التحدي والرغبة في إثبات الذات، مما قد يعقده فترة من حياته، لأن المحاصرة والإفراط في المنع والحجر يصنعان نوعا من زرع الخوف من الرقيب البشري لا من الله ويخلقان نفاقا اجتماعيا ويحولان الناس إلى كائنات شكلية تراقب المظهر فقط وتعتمد عليه وتنسى معنى الإيمان والمراقبة وأن ذلك كله يقلص الانسجام الشخصي في كيان الإنسان المسلم ويبدد طاقاته وقدراته ومواهبه، ولهذا وجب أن تكون التربية على المراقبة بما يلزم من الحكمة والكياسة ولا سيما من الوالدين.
    وفي الختام ومن واجب الدعاء الصالح إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين حامي حمى الملة والوطن والدين، مولانا صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين، ويحفظه بما حفظ به الكتاب المبين، وبأن يقر عين جلالته بولي عهده الجليل صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما نسأل الله العلي القدير بأن يشمل بواسع رحمته وعفوه وجميل فضله وكريم إحسانه ورضوانه ملوك المغرب الأشراف العظام الأئمة الأعلام طيب الله تراهما وأكرم مثواهما وأسكنهما فسيح الجنان وجزيل الإحسان، إنه سميع مجيب بالمومنين قريب. والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M