الشيخ عمر القزابري يكتب: مِيثَاقُ التَّرَاوِيحْ…!!! 

10 يونيو 2019 23:00

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمان الرحيم..والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..أحبابه الكرام:
مرَّ شهرُ رمضان..شهرُ الهدى والنور..شهرُ النِّظام والانتظام..مرَّ سريعا..وترك صُورًا راسخة..تتراءى في وِجدان المؤمن قبساتٍ من نور…تجدد هِمَّته..وتشحنهُ بِطاقة الاستعلاء والاستغناء..الاستعلاءِ عن كل مواطن الاستِجْداء..والاستغناء بالله عن كل صُوَر الانحناء ..
رمضان: هذه النعمة العظيمة التي هي محطَّة تطهير..وتنوير..حيث يملك الانسان أَزِمَّةَ نفسه..مِن موقع الاقتدار..دون منازعة من كِبار أو صِغار..هذا الشهر المتعدد الرِّياض..وكل روضة فيه تَسرُّ الناظرين..وتسقيالواردين..وتحتضن الخائفين..
ومِن أعظم رياضه..روضة التراويح..هذه العبادة السَنِية المُتفردة..التي يقف فيها العبد ليتتلمذ على بيِّنات الآي..حيث يسمع كلماتِ ربه..تخاطبه مِن داخله..وتضعه أمام نفسه..وتجعله يدخل في محفل نوراني بهيج…. هذا وتختلف الثمار باختلاف قوة الاستعداد..فبحسب الاستعداد يكون الإمداد..هذه التراويح لها ميثاق ناطق سامق..أساسه الوحدة والحبّ…وأعمدته النِّظام..وترك الصِّدام…وسقفه ربط القلوب..بعلام الغيوب…فالتراويح بهذا الاعتبار هي مدرسةٌ تبني الكِيان..وتصونُ الأركان..وتزيلُ الاحتقان..ولكن ينبغي أن نخرج بهذه المعاني إلى واقع الحياة..كي لا تبقى حبيسة الجدران..
فالوحدة التي كانت سِمةَ التراويح..وحدةُ الصف..ووحدة الركوع والسجود وغير ذلك من صور الوحدة ..هذه الوحدة يجب أن نجعلها شعارا في حياتنا..وفي مَنطِق تعاملنا..فنتجنبَ كلَّ ما مِن شأنه أن يثير فتنة..أو يُمكِّنَ لفُرقة..ونعتصم بحبل الله جميعا..ونؤمِّن مجتمعاتنا من الدُّخلاء والخبثاء..الذين يريدون زرع بذور الفُرقة والاختلاف..
والحبُّ الذي هو من سِمات التراويح..حيث ترى اليد تمتد لليد…والقلبَ يتسعُ للقلب …هذا الحبُّ يجب أن نعيش به..يجب أن نمنَحَه ونكونَ مُصدِّرين له..بِحسن الفِعال..ولطيفِ المَقال…وترك المِراء والجِدال..والنصح بلا فظاظة ولا انفعال..والتأثر لحال المريض والمحتاج وضعيف الحال..والتجاوز عن الهفوة والخطأ وتقويمِ الإختلال..
أمَّا النظامُ الذي كان صورةَ التراويح الناطقة..حيث الوقوفُ وحسنُ الانسجام..والركوع في وقت واحد..وكذا السجود والرفع والقيام..ثم التشهد فالسلام..
هذا النظام يجب أن يكون شعارا لنا في حياتنا..فننسجمَ مع أنفسنا أولا. وبالتالي ننسجم مع الأشياء مِن حولنا..فلا إفساد..ولا عناد..بل انخراط كامل في منظومة الانتظام…تأدية للواجبات بلا إخلال..وتلقيا للحقوق بكل اعتبار وإجلال…
وعمدةُ دروسِ ورسائلِ التراويح..تَوجُّه القلوبِ نحو علَّام الغُيوب..وهذه الغاية الكبرى يجب أن نطلبها في كل جوانب حياتنا..في وظائفنا..في مَحاكمنا..في مدارسنا..في مستشفياتنا..في طرقنا..في كل مناحي الحياة..فيثمرُ ذلك..إخلاصا وصدقا ووفاء وصفاء ونقاء وارتقاء ورفعة.. .فنمتطي ساعتها صهوة المجد والرفعة…ونصل حاضرنا بِيُمنِ ماضينا…فهذه رسائل التراويح تذكركم..وتناديكم..وتستحثكم..فكونوا أوفياء لرسائلها..كما كنتم في رمضان أوفياء لحضورها…
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M