العلماني الذي وُلد مسلماً

15 أبريل 2022 14:15

هوية بريس – تسنيم راجح

مخلوق يعيش كل حياته مذ يصبح إلى أن يمسي في بعدٍ تامٍ عن شرع الله وأوامره ونواهيه، يعيش تبعاً لروتين حياته العملية وهواه، يعبد مصالحه وقوانين بلاده الوضعية ورغباته، لكنه مع ذلك كله إن حصل واحتاج في ظرف استثنائي لفتوى شيخ تجبره على تذكر أنه ولد مسلماً وورث ديناً يُعبد فيه الله ويحكم وحده فإنه لا يتوقع إلا أن تأتي تلك الفتوى المطلوبة على مزاجه الليبرالي الغربي الذي لم يزدد مع الأيام إلا بعداً عن الحياة التي يريد له خالقها..

هناك حين لا يجد هذا العلماني البعيد تماماً عن دينه في فتوى الشيخ طبطبةً عليه ونصراً للحق الذي أقنعته الحياة الغربية وبعض أخلاقيات الإنسانوية والحقوق الدارجة أنه له أصالةً تجده يثور على تلك الشريعة التي يجهلها وكان ومازال بعيداً تماماً عنها..

تجده يريد هنا أن يملي على الشيخ علمه، أن ينقد له كل ما بين يديه، تجده في حالة صدمة وذهول تامّين! الدين لا يوافق هذه الحياة التي أعيش؟! الدين لم يوجد لأجل راحتي وتأمين سعادتي؟! أليست الرحمة الإلهية والحب ينتجان أن يكون الدين هناك في الحالات الإسعافية ليعطيني كل ما أريد؟!
وهنا يبدأ الهياج والتشويه والصياح! أنتم أيها الفقهاء من لا تفهمون دينكم! من قال لكم أنكم أوصياء علينا! دين الله للجميع فلماذا نحتاج فتواكم! أعطونا كلام الله ولنحكم به دونكم!

مع أن هذا الذي يطالب بالفتيا لنفسه لا يمكنه فهم آية واحدة ولا عبارة صغيرة من كتاب الله، سله أن يفسر الفحشاء والمنكر التي تنهى عنها الصلاة، سله عن العاديات أو الهمزة، سله عن الميسر والأنصاب، عن واحدة من آيات الجهاد، سيتفلسف ويحاول فاشلاً أن يقول أي كلمات تملأ الفراغ، لكنه فعلياً لا يعلم شيئاً من ذلك ولن تخرج منه إلا محاولات تنزيل هواه على الآيات وإثبات أن القرآن أتى ليوافق مزاجه هو الذي استخرجه أصلاً من المزاج الليبرالي الدارج اليوم والذي قد يتغير بعد ٥٠ سنة كما كان مختلفاً قيل 50 من اليوم! لكن لا بأس فيمكننا دوماً تغيير فهمنا لكتاب الله، طالما أن العامي أفقه من الفقيه في الفقه! من يحتاج أولئك العلماء على كل حال!

وهذا تماماً حال تلك الشخصية المتناقضة التي انتشر هذا الحوار أدناه لها.. امرأة امتصت كل هوى الحداثة وخرافاتها عن الخير والحق ونمط الحياة الطبيعي وما يجب فعله وما لا يجب، ثم تأتي حين تحتاج للدين لتجده منظومة كاملة لا تشترك مع ما وصلت إليه إلا بالقليل!

ولهذا كان هذا الصنف من الناس من أشد الأخطار المحدقة القريبة من ديننا اليوم وهم يريدون تحويله هو ليناسب أهواءهم بدءاً من تحييد العلماء وانتهاءً بجعل الدين لاصق على جروح جاهزاً كلما احتاجوا شيئاً منه!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M