القضاء المغربي لا يجرم الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات

06 أكتوبر 2016 12:32

الأستاذ محمد النويني* 

شنت الدولة المغربية بواسطة جهازها الأمني حملة اعتقالات على دعاة مقاطعة الانتخابات التشريعية التي

نظمت يوم الجمعة 25 نونبر 2011 و ما بعدها ، حيث اعتقلت آنذاك ما يزيد عن 133 معتقلا ضمنهم 58

عضوا من جماعة العدل والإحسان.

و ارتباطا بالموضوع، لجأت الأجهزة الأمنية بابن سليمان بتاريخ 17 نونبر 2011 إلى اعتقال السيدان

رضوان المويسي و يوسف بنصباحية على خلفية ضبطهما متلبسين بتوزيع منشورات تدعو إلى مسيرة شعبية

يوم الأحد 20 شثنبر 2011 من أجل مقاطعة الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها آنذاك في الخامس و

العشرين من نونبر من ذات السنة، لتتابعهما النيابة العامة من أجل دفع الناخبين إلى الإمساك عن التصويت و

ذلك باستعمال أخبار زائفة و إشاعات كاذبة، طبقا للمادة 51 من ظهير 14 أكتوبر 2011 المتعلق بالقانون

التنظيمي لمجلس النواب.

و بعد مناقشة الملف ابتدائيا و استئنافيا من طرف المحكمة بحضور الطرفين و دفاعهما قضت الغرفة الجنحية

الاستئنافية لدى المحكمة الابتدائية ببن سليمان في قرارها الصادر بتاريخ 13 يونيو 2013 تحت عدد:118

ملف جنحي استئنافي عدد : 410/2012 ببراءة المتابعين مما نسب إليهما مع تحميل الخزينة الصائر.

معللة قرارها بما يلي :

و حيث لئن ضبطا المتهمان و هما يقومان بتوزيع منشورات لأجل مقاطعة الانتخابات و اعترافهم بذلك في

جميع مراحل البحث حسب المسطر أعلاه فإن ذلك لا يفيد قيامهما بتحويل أصوات ناخبين أو دفع ناخب أو

أكثر إلى الإمساك عن التصويت حسب المنصوص عليه في الفصل 51 موضوع المتابعة و ليس بالملف ما

يثبت ذلك.

و حيث إن فصل المتابعة يتعلق بيوم الاقتراع و ليس بالحملة الانتخابية و الناخب هو المسجل في اللوائح

الانتخابية ، و أن الغاية من الفصل أعلاه هو تحويل صوت ناخب من جهة إلى أخرى ، و أنه لا يمكن معرفة

الناخب إلا يوم الاقتراع و ليس في أيام الحملة الانتخابية.

و حيث إنه بناء على ذلك فإن الأفعال المرتكبة من طرف المتهمين أعلاه لا تدخل ضمن مكونات مقتضيات

الفصل 51 من الظهير المنظم لذلك.

و حيث إنه استنادا لما ذكر أعلاه تبث للمحكمة و اقتنعت من خلال دراستها للقضية و ما راج أمامها من

مناقشات أن العناصر التكوينية للجنحة موضوع المتابعة تبقى غير قائمة ضمن الوقائع أعلاه، و بالتالي فإن

الحكم الابتدائي قد جانب الصواب فيما قضى به من إدانة المتهمين مما يتعين معه التصريح بإلغائه و القول

بعدم مؤاخذتهما من أجل ما نسب إليهما و الحكم ببراءتهما .

نفس الاتجاه ذهبت إليه المحكمة الاستئنافية بمدينة بني ملال في قرارها عدد: 232/2012 الصادر بتاريخ 11

دجنبر 2012 ملف جنحي استئنافي عدد : 202/2012 في مواجهة 15 متابع محمد أوشاشا و من معه .

و الذين سبق أن توبعوا بتاريخ 19 نونبر 2011 من أجل إقدامهم باستعمال أخبار زائفة و إشاعات كاذبة و

غير ذلك من طرق التدليس على دفع ناخب أو أكثر على الإمساك عن التصويت طبقا للمادة 51 من القانون

التنظيمي لمجلس النواب.

معللة قرارها القاضي بالبراءة كالتالي :

و حيث إن المخالفات المنصوص عليها في المادة 51 من القانون التنظيمي رقم 11.27 المتعلق بمجلس

النواب، هي من ضمن الجرائم المرتكبة بمناسبة التصويت و الاقتراع و إعلان النتائج.

و حيث إنه تبعا لذلك فالمادة 51 المذكورة تتعلق بيوم الاقتراع و ليس بالحملة الانتخابية ، و الناخب هو

المسجل في اللوائح الانتخابية، و الحال أنه ليس بملف القضية ما يثبت كون الأضناء كانوا يستفسروا

المواطنين عن تسجيلهم في هذه اللوائح أم لا.

و حيث إنه استنادا لما ذكر، ثبت للمحكمة و اقتنعت من خلال دراستها لمستندات القضية و ما راج أمامها من

مناقشات أن العناصر التكوينية للجنحة موضوع المتابعة الواردة بالفصل 51 من القانون التنظيمي لمجلس

النواب غير قائمة، وبالتالي يكون الحكم الابتدائي قد جانب الصواب، مما يتعين إلغاؤه وفق ما يرد بمنطوق

هذا القرار…و بعد التصدي التصريح بعدم إدانة المتهمين من أجل ما نسب إليهم و الحكم ببراءتهم و ترك

الصائر على الخزينة العامة.

و علاقة بنفس المتابعة قضت المحكمة الابتدائية بسطات في حكمها عدد 2900/2012 الصادر بتاريخ 25

يونيو 2012 في ملف جنحي عددك 3145/2011 ببراءة كل من السادة امحيريش مراد و يونس بنسلطانة و

مولاي العربي اشهيبات من جنحة دفع الناخبين إلى الإمساك عن التصويت باستعمال أخبار زائفة و إشاعات

كاذبة المنصوص عليها و على عقوبتها في الفصل 51 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، و هذا ما أيدته

محكمة الاستئناف بسطات بتاريخ 05 يناير 2016 .

و من بين الدفوع و المؤيدات التي رافع بها دفاع المتابعين، و التي اعتمدتها محاكم المملكة في اتخاذ توجها

يقضي بعدم مؤاخذة الداعين إلى مقاطعة الانتخابات، دفوع مستمدة من روح الفصول 6 -7- 10-12 -25

من دستور 2011 .

حيث دفعوا بمقتضيات الفصل 6 من الدستور المغربي الذي ينص على أن السلطات العمومية تعمل على

توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنين والمواطنات والمساواة بينهم، ومن

مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

و أن الفصل 7 من الدستور ينص على أن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنين وتكوينهم

السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة

الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديموقراطية

و أن الفصل 10 ينص على أن المعارضة البرلمانية تشارك في العمل البرلماني والحياة السياسية،

ويضمن لها الدستور حرية الرأي والتعبير والاجتماع، وحيزا زمنيا في وسائل الإعلام الرسمية يتناسب

مع تمثيلها.

فيما نصت المادة 12 من الدستور على أن جمعيات المجتمع المدني تمارس أنشطتها بكل حرية في نطاق

احترام الدستور والقانون.

في حين أكده الفصل 25 على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.

خلاصة القول أن المعارضة السياسية من حقها أن تقاطع الإنتخابات و تعلن عن موقفها صراحة و تدعوا الناس

إلى الاقتضاء بها دون ملاحقة أمنية أو قانونية أو قضائية لأن ذلك الحق مكفول بمقتضى الدستور المغربي و

تنص عليه المواثيق و العهود الدولية و أبرمه القضاء المغربي في قرارات متواترة أصبحت بمثابة عنوانا

للحقيقة ، و أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية لا يعدو أن يكون مجرد تعسف و شطط في استعمال السلطة ينبغي

الإقلاع عنه و مساءلة من يعمد إتيانه.

*محام بهيئة الدار البيضاء

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M