بعد أن خبا الضجيج هذه شهادتي ذوقا فيما وقع بين الناس والتعليم الخصوصي زمن الحجر الصحي

09 سبتمبر 2020 17:33

هوية بريس  – محمد بوقنطار

[email protected]

 تعلمنا ودأبنا أن نعلم وأن نختبر وأن نتابع الأستاذ في زيارتنا الصفية وهو يشرح للمتعلمين علاقة الصورة بالعنوان وعلاقة الاثنين بالنص، وما فتئت أعتقد أن الصورة هي رسالة بصرية تؤدي وظيفتها في إطار من التناسب والتناغم والتعاضد خدمة لمراد الكاتب من نصه وكشفا لما استضمرته سطوره من معاني ولازمات وإشارات جاءت العبارات حبلى بها، لا أريد أن أطنب في هذا الخوض التربوي البيداغوجي فليس هذا مكان بسطه، اللهم التنصيص على أن تلك الصورة التي تعلو المقال متمثلة في ذلك الظرف الذي بلغ نصابه واجب الزكاة متى ما ثبت دوران الحول عليه، هو ظرف وهي صورة أرسلتها أم أعرف اسمها ورسمها، أرسلتها بمعية رسالتين صوتيتين لا يزال هاتفي الشخصي يحتفظ بطنين صوتها وهي تشرح لبعض مكونات جروب الواتساب وخاصة المكوِّن النسوي أن امتناعها عن أداء ما بذمتها لصندوق المعهد الخصوصي الذي تدرس ابنها فيه لم يكن ولن يكون العوز أو الحاجة كما فهمت بعض نساء الجروب، فذلك الضغت من خليط من الأوراق الزرقاء والحمراء هو مبلغ يمارس تقاعده المريح في دولاب قعر قعر بيت السيدة، فلا تكاد تحتاجه أو حتى تتذكر وجوده أحيانا كثيرة كما أفادت، وهي صورة تحكي وتذهب بعيدا في تحديد أن المعركة إن جاز التعبير أو الخصومة التي استحالت إلى عداوة استدعت نضالا ومقاومة وتحريضا وتجييشا وجلبة وضجيجا  حتى ليخيل للمرئ أنه لو كان السلاح متاحا لاستعمل فيها نسأل الله السلامة والعافية للجميع، قلت تحكي وتذهب مذهب تأطير هذه المعركة وأنها صراع أخلاقي أريد له أن يتلبس بأزمة مادية تحت طائلة قرائن الكثرة وما استمرأه الناس عموما من أحكام القيم الجاهزة التي تصدر عادة عندما يكون الصراع مثلا بين الأم وزوجة ابنها أو بين الفقير والغني أو بين الشعب والدولة، أو بين العامة والنخبة، فالحق دون الخوض في تفاصيل ملامحه هو جاهز بالوجدان ليكون فيه الحكم والاصطفاف لصالح الطرف الأضعف أو من استطاع أن يلحن بحجته وأن يتمسلخ بمسلاخ المسكنة ويأخذ غريمه بالصوت والعويل مصداقا لقول أجدادنا المغاربة في المثل الشعبي “ضربني وبكى وسبقني وشكا”

لا أريد أن أكون قاسيا أو أُرمى أو أُتهم بأنني لا أحمل هموم طبقتي الشعبية التي تربيت آكل في صحنها وأُشارب في كوبها وأشارك ذويها ولا أزال هموم العيش وصلف الظروف في دائرة الحمد طبعا نسأل الله الشكر وحسن الثناء، ولكن ومرحبا مع هذا الاستدراك الحرفي بأي نقد أو دفع صادق منصف أو حتى غير منصف، ذلك أن للحق أو ما أراه حقا ضريبة وقرابين بين يدي التلبس بتهمته في سياق باتت تحكمه الأنوية وتتحكم فيه مساوئ الاستغلال الغابنة المتواطئة على لسان واحد، لسان الشكوى ورفع شارة المظلومية، وهي مزاعم أو حتى حقائق عُلِّق رهان دعواهما على الحجة والبرهان، وإنما مبنى الإنصاف على التجرد لا على غيره، وانظر في هذا الشأن إلى ذلك الإنصاف والتجرد الرباني في قوله تعالى: “}آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا  [النساء: 11{ وقد علم بالاستقراء في غير غور ولا سبر منطقة الاشتباه في هذا الخصوص بين الوالد والابن وما ولد في عدل القسمة بالنقل تفاديا لحيف العاطفة وسلطان الوجدان.   

بالذوق وبلاء الأمر يمكن القول أنه وفي إطارها العام وعلى امتداد ربوع الوطن، هي أزمة ولدت في رماد ساخن، بات الذين نفخوا فيه، ثم ذروه عبر رياح الفتنة بين صفوف الأسر المغربية المتعاقدة في موادعة وثقة خلاقة مع المدرسة الخصوصية المغربية المواطنة عبر عقود من الزمن المستوعب لمواسمه الدراسية الناجحة كما وكيفا وجنسا ونوعا، باتوا في الصفوف الخلفية واضعين أصابعهم في آذانهم، ومتوارين بعيدا عن لطميات النياحة، وبمنأى عن ضجيجها المتزايد والمتعالي في غير إنصاف ولا تجرد، بل كل ما هنالك التحامل ثم التحامل، والتطفيف ثم التطفيف والحقد المحيّن المغلف في ثوب من دروشة الشكوى والتباكي.

نعم للجائحة ثقلها وللوباء تداعياته، كما للفترة الاستثنائية خصوصياتها، هي خصوصيات كما يجب أن تراعي وقع الجائحة على الأسرة المغربية، عليها أن تُبقي على حق المؤسسة الخصوصية في طابعها المقاولاتي الاجتماعي قائما ومحفوظا، سيما أن لهذه الأخيرة التزاماتها المادية تجاه الدولة والتي لم تطالب بإسقاطها أو التخلي عن واجبها الوطني، فلا هي تريد ولا هي تستطيع إن أرادت، كما لها التزاماتها مع طاقمها التربوي والإداري والخدماتي، ولا شك أنه نسيج لا ينفك عنصره البشري عن كونه من صميم الأسرة المغربية التي أصابتها الجائحة بضراء، وإن غُض عنه الطرف وضُرب بحقوقه الطبيعية والمشروعة والحرية بكل أنواع التضامن، نعم لقد ضُرب بحقها عرض الحائط على طول خط المواجهة إن جاز التعبير، حتى ليحسب المرء منطلقا من هذا الضرب والتغافل أن هذا الطيف من الأسرة المغربية من جنس من لا تمتد أيديهم إلى الطعام، أو كائنات لا علاقة لها بحاجيات الحياة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، فلربما كانت عبارة عن رقيق أرسطي عليه أن يحتسب وإياه ثم إياه أن يفكر أو يحلم أن يكتسب

لقد تم إنزال المدرسة الخصوصية من مقصورة القيادة ومنزلة الريادة إلى دركة الاتهام الذي لا يبقي ولا يذر، فلطالما كانت حتى الوقت القريب ـ ما قبل الجائحة ـ الكثير من شرائح المجتمع المغربي تنظر إلى التعليم الخصوصي كأنموذج تعليمي مشع ونوعي الجهد ومتفوق الحصيلة، ما فتئ المتعاقد عهدا ومعهودا يحس بجدوى الإنفاق وإيجابية الانتماء ودفء العلاقة التعاقدية الرضائية، إلى أن استحالت هذه الحميمية إلى تجاذبات بلغ معها الإسفاف والاستخفاف ذروة شرخه وسحيق عمقه  الذي أذهل الوجدان وأضاع معه النسيان بوصلة السير ووجهة العير، لقد أصبحت فرادة الإدارة التربوية بمعية أطقمها التعليمية والخدماتية بين أمواج هذه اللجة وفي سياقها التمردي الاحتجاجي، أصبحت فقط تبرر وجودها وتشرعن فلسفة كينونتها الذاتية كشريك لطالما رسم الناس على ظهره لوحة سريالية، حيث انتقلت من مكرهة تدبير أزمة التدريس عن بعد الذي فرض بسلطان القوة القاهرة وأمر السلطة الشرعية ممثلا في قرار الوزارة الوصية تفاديا لنكسة السنة البيضاء، وذلك باختيار استكمال أسدس الموسم الدراسي الذي أصيب نصف نصفه الثاني بنكسة الكوفيد 19، حتى كان أن لبست الإدارة التربوية والمؤسساتية لبوس سواد المحاماة دفاعا عن ميراثها التربوي في وجدان المنصفين  والمطففين على حد السواء، حيث أصبح المكوّن التربوي مجرد محام يرافع عن منتوج وكيله وعن حقوقه المادية، وعن صرحه كشريك حقيقي ضمن نسيج المدرسة المغربية بشقيها العمومي والخصوصي…

ولعل السؤال المؤلم الذي بات يطرح نفسه بإلحاح ويفتح بابه أمام ترادف معطوفات من الأسئلة النوعية، هو ذلك السؤال الذي يبحث في سر هذا الانقلاب العجيب وهذه الاستحالة النكدة التي وقعت بين التعليم الخصوصي ومعشر المتعاقدين معه؟؟؟

ولا شك أنه سؤال تتناسل من رحمه مجموعة من الأسئلة التي كان استهلالها في ظل هذا الطلق والمخاض العسير محيرا ومباغثا في مجيئه…

إذ هل كان من المناسب والأليق أن يستصرخ ويستنصر أولياء الأمور في خصومتهم اللجوجة مع الحواضن التربوية والتعليمية ذات الطابع المقاولاتي، بقنوات ومواقع إلكترونية مافتئ الناس لسنين عددا يعرفون سيرة منتوجها المناوئ لقواعد التربية وأضراب الفضيلة، ذلك المنتوج الموغل في الاستشهار لكل نقيصة أخلاقية عج بها مكان أو حي أو مدينة من مدن مملكتنا الشريفة؟؟؟

ثم هل كنا نتوقع أن يناشد الأب أو ولي الأمر ـ وهو من هو ـ “إذاعيا” كثيرا ما رأينا وسمعنا وشممنا ريح هيامه في كل واد من أودية الانحراف الأخلاقي، ولطالما وصلتنا جميعا عبر برامج ماجريات اليوتوب موبقاته المهلكة، ودندنة حلقاته التي تبقي في القلب نوعا من الحسكة على الوطن وقاطنيه؟؟؟

ولك أن تُسرِّح طرفك في أيها شئت موقعا من مواقع هذه الخصومة، وحجم الاصطفاف الذي وقع ضد المؤسسات الخصوصية والتي يجب أن لا ننكر من باب العدل والإنصاف أن بعضها كان متصلفا في مواقفه وإجراءات شروط الجباية، إذ لا يعقل أن يُطالب أولياء الأمور بتسديد رسوم النقل والمداومة والأكل، وهي خدمات قد أتت عليها الجائحة بالنسف والتعطيل، كما لا يعقل أن يحاسب الناس على مقياس مادي واحد، بينما الواقع الاجتماعي يذهب في اتجاه أن المكوِّن البشري المتعاقد مع المؤسسة الخصوصية ليس على نسيج واحد، والاعتبار في هذا الشأن لميزان العدل لا ميزان الفضل، قلت : لك أن تسرِّح الطرف في أيّها شئت جهة لتقف على حقيقة الرمي الذي مفاده أن التعليم الخصوصي شكل ويشكل لوبيا يمتلك أدوات الضغط والتوجيه، سيما وقد عرّى واقع الجائحة على أن تنسيقيات أرباب المقاهي وسيارات الأجرة كان دفعها ودفاعها زمن الحجر أجدى وأقوى وأوقع وأبرع تنظيما من مجموع عدد المدارس الخصوصية، إذ تبيّن أنه شرف وفضل لم تحظ ناصيتها

 بتتويجه، ولا شك أن المنكر لهذه الحقيقة عليه أن يحجب ويواري حقيقة وواقع كيف واجهت هذه المدارس الخصوصية هذا السيل العرم من التحامل، متجردة عن أي من أدوات المواجهة والدفع، إذ كيف للوبي أن لا تكون له جرائد ورقية وأخرى إلكترونية وذباب إلكتروني ومكاتب مدنية أو شركات مدنية للمحاماة والترافع وأخرى للدراسات والاستشارات وثالثة للمحاسبة، بل أين المقر أو الصرح المكاني والمؤسساتي لرابطة التعليم الخصوصي بالمملكة المغربية، بله أين التمثيلية النقابية التي من شأنها أن تُنْزِل الصراع إلى طاولة الحوار الاجتماعي الذي يحفظ الحقوق ويُبقي على الواجبات بين أطراف الصراع قائمة تحت سلطان قاعدة أن الضرر يجب أن يزال…

ولا شك أنها معطوفات استفسارات لها وزنها وثقلها في تنحية ذلك التورم المشاعري الذي مال إلى طرف على حساب الحد الأدنى من حقوق الطرف الثاني، ولقد كنت وأنا أتابع أو أجالس أو أواجه أو أدافع عن الكيان الذي أنتمي إليه وظيفيا في مقابل الكيان الذي ولدت في أحضانه وترعرعت بين سكك دروبه أتذوق معاني التطفيف وأجليها، وأتحسس ذلك الاختلال الأخلاقي بين فعل كال للناس واكتال عليهم، إذ لا يعقل تحت أي طائلة أن يمتنع على سبيل التمثيل لا الحصر أستاذ من أساتذتنا للتعليم العمومي عن الأداء بدعوى أن أساس التعاقد بينه وبين المدرسة الخصوصية هو تقديم الخدمة الحضورية وليس الخدمة عن بعد، بينما المنطق والإلزام يستوعبه في المقابل ومن باب الأولى إذ بقيت الدولة وفية به حفية بأجره غير مجذوذ ولا منقوص رغم أن أساس التعاقد بينه وبين الوزارة الوصية على القطاع انخرم إذ كان أول ما كان على التعليم الحضوري وليس على مهمة التدريس عن بعد، وأن جنس ما يجعله مسوِّغا بين يديه تبريرا لإشباع جيبه بأجر انتقل من دركة الاستهلاك إلى درجة الادخار، هو عين ما يجوز بل يجب للمؤسسة الخصوصية وينهض لها كمسوِّغ ونعني به مسوغ القوة القاهرة مردوفا بأمر السلطة الشرعية متمثلا في مجانبة الطرح الذي نادى بالسنة البيضاء ومن ثم اختيار إتمام الموسم الدراسي عبر تصريف التعلمات عن بعد، وإننا لنربأ بأنفسنا أن نخوض مع الخائضين في الوقوف والمقارنة بين حقيقة ما وجب أن يكون وما وقع وكان، سواء من المدرسة الخصوصية التي نعتها البعض باللصوصية، أو من أمنا ورحم استهلالنا ومهد تعلمنا قديما وأعني بها المدرسة العمومية ومكونها التربوي، على أن نحيل هذا الأمر إلى قابل الأيام وللتاريخ كلمته ولو بعد حين وقد أحاط الله بكل شيئ علما وسيعلم الذين ظلموا منا عاقبة المنقلب ولو بعد حين، وإنها والله وبالله وتالله لأمانة وإنها لكبيرة إلا على من رحم الله من صالحي المواطنين والمواطنات والمعلمين والمعلمات من الذين قال أمير الشعراء في حق جنسهم القديم استقراء واستجلاء لجهدهم الجهيد وأصلهم الأصيل ومعدنهم الرفيع:

                    قم للمعلم وفِّه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا

               أعلمت أشرف أو أجل من الذي*** يبني ويُنشئ أنفسا وعقولا 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. أثبتت التجربة أن العلم و التربية لا يمكن يحصلا من الآلة المقاولاتية الربحية.. التعليم الخصوصي في مجمله ليس إلا أخطبوط جبار يلعب على وتر الفوارق الطبقية لمتصاص دماء الفقراء بالدرجة الأولى، الأصل في التعليم الخصوصي هو استدراك للتلاميذ الفاشلين و المفصولين من التعليم العمومي.. ولن يستوي منتوج يتخرج على يد أطر مؤهلة مضمون عندها قوت يومها و كرامتها مع منتوج يتخرج على يد أطر غير مؤهلة و تحارب البطالة مقابل فتات يجود به صاحب المقاولة.. ما أزمة كورونا إلا شرخ أظهر جزءا من عورة هذا الأخطبوط المعتل و ما خفي أعظم

    2
    2
  2. لو خرج الناس من بعبع الحياء المذموم الذي يجثم على أنفاسهم لعلم الجميع حجم الغبن والخيانة التي مارسها من تفضلت وربطت قيمة منتوجهم بمضمون رزقهم نعم كانت المدرسة العمومية مهد التربية والتعليم زمن وأيام كان فيها المعلم أبا وأخا وإنسانا بكل ما تكنه الكلمة من معنى أما والحال ما هي عليه اليوم فإن لم تستحي فقل ما شئت، نعم كان التعليم الخصوصي جبانة وفضلة الفاشلين في التعليم العمومي وتلك أيام قد خلت وولت نتمنى أن تعود ولكن وللأسف كل المؤشرات تذهب عكس أحلامنا بل أوهامنا والله لي ابنة وبنت كلاهما في القسمين الإشهاديين وكلاهما لم يسجلا لأغلب أساتذتهم بالتعليم العمومي وجودا أو حضورا مذ أزفت آزفة الجائحة … وما خفي أعظم وأقبح والإنصاف عزيز

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M