بين السعي إلى الحرية وتحسين شروط العبودية في التفاعل مع المفكر ولد المختار الشنقيطي

08 أغسطس 2019 16:40
بين السعي الى الحرية وتحسين شروط العبودية في التفاعل مع المفكر ولد المختار الشنقيطي

هوية بريس – امحمد الهلالي

كتب السيد ولد المختار الشنقيطي تدوينة ذهب فيها الى ان تخويف بعض النخب الاسلامية حركة النهضة من الترشح للرئاسيات رغم الرمزية ومحدودية الصلاحيات يندرج في اطار تحسين شروط العبودية وليس السعي نحو الحرية.
وتفاعلا مع هذا الحكم القيمي يمكن القول ان هاته التدوينة لا تتناسب مع المقاربة الفكرية التي دأب السيد الشنقبطي، وهو من المع نخب التفكير بين الاسلاميين المعاصرين، الانطلاق منها في معهود تحليلاته للواقع وستشرافه للمستقبل.
ان التدوينة اياها تنطوي على اقدارا معتبرة من المزايدات تخرجها من خانة تقليب النظر والبحث عن سديد الاراء وعن الصواب الى خانة المقاربات الحدية التصنيفية والاختزالية حسب وحة نظري.
وبتامل بسيط اجد ان هاته التدوينة قد سقطت في تناقض واضح، من جهة التناسب بين مقدمة التدوينة ونتيجتها . فاذا كانت الرئاسة رمزية وبصلاحيات محدودة فيكف يمكنها ان سيدفع مجرد الترشح لها الى الحرية او ان يؤدي الامتتاع عن ذلك الى السقوط في دائرة من يرضى بمجرد تحسين شروط العبودية . انها مفارقة كبيرة.
ثم ان من يقول بعدم الترشح الى الرئاسة لا يخوف النهضة من موقع رمزي في النظام سياسي محلي بل يخاف عليها من تداعيات المحيط التي تتحين فرص الانقضاض علها مما ينكشف بين الفينة والاخرى بعضه ظاهر وبعضه ما زال خبيس للتحقيقات. وهي تداعيات نابعة من تربصات موازين القوة التي لا يقول عاقل انها في صالح القوى الاصلاحية مهما بلغت شعبيتهم كما ان الخوف على النهضة لا تخويفها هو ايضا خوف مصدره يمينها المزايد عليها ممن يدفعونها الى رفع ابسقف باكثر ما يتخمله الوضع بسياقه وملابساته وظونما استحضار للشروط والمشروطات بما في ذلم دفعها الى احتلال هذا الموقع قبل اكتمال البنيان الديموقراطي الذي يتيح المنافسة الشريفة والمتكافئة بين مختلف التيارات.
ان هذا الخوف على النهضة وعلى تونس وعلى الوسطية السياسية والمنهج الينني المتظرج والتراكمي لا تخويفها او المزايدة عليها هو خوف وحرص في المحصلة من ضربين:
– كون هذا الترشح سيخلق لها من الضغوط والاكراهات والخصومات ما لا يتوازن مع ما يمكن ان تجنيه من مكتسبات لفائدة مشروعها الذي هو مشروع تونس حرة وسيدة وديمقراطية وناهضة. وهو بالمناسبة مشروع تتبوأ فيه قيم الحرية والكرامة والعدالة مكان الصدارة وذلك ضد منزلاقات الاستبداد التي ما زالت تحيط به ومشروع دمقرطة الدولة والمجتمع الذي تحيط به المخاطر من اعلى ومن تحت من الداخل ومن الخارج، وهو ايضا مشروع ببتغي صيانة النموذج الثوري الذي يتحول تدريجيا الى نموذج اصلاحي سلس وتوافقي في صحراء الاستبداد والفساد المحيطة به من كل جانب.
– ومن جهة ثانية فان دعوة النهضة الى عدم الترشح الى الرئاسة الرمزية في وضعها والمحدودة في صلاحياتها ليس دعوة لاختيار الاسهل او ايثار السلامة الشخصية امتشاق مخاطر النضال دفاعا عن المصلحة العامة والقيم الحقة، بل هو بالاساس دعوة لها للاستمرار في مواقع النضال السياسي والصمود المجتمعي من اجل دفع مشروع الدمقرطة والحرية والاصلاح من “التحت” ومن القاعدة حيث يمكنها ان تجد العديد من الشركاء المستعدين للدعم والاسناد بدون مقابل. اما السعي الى الحرية “من فوق” ففضلا عن كونه موقعها رمزيا وبلا صلاحيات تفيد هاته الحرية، فانه لا يجر عليها الا عدو حانق او منافس غير شريف او طامع او متنفع في مصلحة غير مشروعة مما يسقطها اما في ترضيات منهكة أو في شبهات مهلكة ويفقدها دعم النزهاء ويسلط عليها السنة حداد تفت في عضد قواعدها وتطفئ جدو حماسة مناضليها وتشق صفوفها.
لذلك فانه من المفيد والاصوب ان تبتعد عن الترشح في سياق موازين القوى المرجوحة لكي لا تعطي فرصة للاصطفاف ضدها لاسباب غير ضرورية وليس من وراءها كطئل سوى التهييج ضدها والتحريض على مشروعها ووضع المعيقات في طريقها وتلغيم علاقاتها وتشويه صورتها ء . وفي المحصلة فان هاته فكرة عدم الترشح هي دعوة للنهضة لعدم التفريط في انجازات مضمونة من اجل مكاسب مظنونة.
ان دعوة النهضة لعدم الترشح لرئاسة محدودودة الصلاحيات ورمزية هي دعوة نابعة من قناعة مؤداها ان خدمة الحرية من موقع المجتمع المدني ومن الهوامش التي تتيحها السلطة التشريعية والجماعات المحلية اهم واضمن للحرية والديموقراطية والتنمية والنهضة واكثر فاىدة لاداة الاصلاح ولاستمرار تراص صفوفها ووحدة كلمتها، مما يمكن ان تحققه هاته الرئاسة في شروطها السياسية الموسومة بالتوافق وفي ملابساتها الجيوستراتيحية التي تستعدي الاسلاميين وتنصب المشانق لمعتدليهم قبل مغاليهم.
وان موقع الرئاسة بما ستقود اليه من تنازلات للاستمار فيها هو ما سيراكم فعليا شروط العبودية وسيفرط ليس في المصالح بل في المبادئ والقيم.
فاين فقه الموازنات بين المفاسد والمصالح واين فقه المآلات زاين الفكر السنني المستبصر ام ان فخاخ “اللي علاها يربح” لا يسلم منها احيانا حتى كبار المفكرين والمع المنظرين.

والله اعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M