تقاعد البرلمانيين والمزايدات الدماغوجية والشعبوية

14 أكتوبر 2020 10:12

هوية بريس – د.محمد عوام

المبدأ الذي أومن به ولله الحمد أن تعالج جميع القضايا العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية…إلخ بنظرة استيعابية ومنهجية شمولية، لأن هذه النظرة والمنهجية هما الكفيلان بدراسة القضايا دراسة جيدة، وفق المعطيات العلمية والواقعية والسياسية الحقيقية. أما غيرها من النظرة الدماغوجية والسياسوية والمزايدات الشعبوية وهلم جرا لا تفيد في شيء سوى تأليب الجهال، وإلهاب مشاعر الضعفاء، وإثارة عواطف البسطاء، وهذه مهما أثرت فلن يكتب لها النجاح، ولن تستمر في الحياة، لأنها مبنية على الباطل والتضليل، وما بعد الحق إلا الضلال.

من هنا أقول لا داعي لإثارة الضجة وافتعال المواقف الشعبوية ضد تقاعد البرلمانيين، بالكذب الصراح والنفاق المكشوف، لا لكوني أؤيد تقاعدهم على ما هو عليه، أو ما كان عليه سابقا، وإنما أنا من دعاة المراجعة الشاملة للأجور الضخمة التي تنهك ميزانية الدولة، من الألف إلى الياء، ومن A إلى Z، كائنا من كان صاحب هذا الأجر، لأنه لا يعقل في ظل هذه الوضعية الصعبة التي تمر منها البلاد، وفي ظل مأساة البؤس، والحرمان، والفقر، والبطالة، والأمراض، والأوجاع، والأسقام أن تظل بعض الأجور مرتفعة، أو بعض ميزانيات بعض الوزارات ضخمة، لا أحد يجرأ على مناقشتها، وإعادة النظر فيها، ناهيك عن التعويضات التي يحظى بها بعض المسؤولين، فأين هي من تقاعد البرلمانيين، لا شك من مكان بعيد.

إذن من أراد أن يتحدث عن تقاعد البرلمانيين، ويركز عليه فقط دون التطرق إلى ما هو أفحش منه، فهو في تقديري يمارس المزايدات الشعبوية، ويروج للدماغوجية في أبهى صور البلادة، ويخدم أجندات معينة، للتدليس على الرأي العام، ويخفي الكثير ويسكت عنه، فمثل هؤلاء الجبناء لا حق لهم في الكلام.

أما كلمة السيد إدريس الأزمي، اتفقنا معه فيها أم لا، فإن أكبر سمتها أنها كلمة صادقة وواضحة، لا لبس فيها، ومما يستغرب منه أن الذباب والباعوض الإلكتروني وبعض سفهاء القوم لم يجدوا أمامهم إلا أن ينقضوا على بعض ما جاء في كلمة السيد الأزمي، فيحرفون به مجمل كلامه، بل يخرجونه عن سياقه وسباقه ولحاقه، فكأن السيد الأزمي وحزبه هم من صنعوا تقاعد البرلمانيين، وصنعوا كل هذه المعاناة التي نعيشها، وهم من أوصلوا المغرب إلى هذه الوضعية المزرية على جميع الأصعدة.

وصفوة القول أن تقاعد البرلمانيين ما هو إلا الحلقة الضعيفة والبسيطة، إذا قورن بغيره مما تضخ فيه الأموال، من غير دعوة إلى المراجعة وتغيير القوانين في ذلك بما ينفع البلاد والعباد، ولذلك نحن في حاجة إلى مراجعة شاملة للأجور الضخمة وللميزانيات التي لا طائل من ورائها، من حيث الإجمال، سوى تبديد المال، والمال قوام الأعمال، وإذا أصابه التبديد فعلى الإصلاح اقرؤوا التحية والسلام.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M