حدث وعبرة من سيرة إمام دار الهجرة (1)

13 يناير 2019 17:21
الإيمان باليوم الآخر في حياة المسلم

هوية بريس – نبيل كزناي

قال ابن وهب: كان مالك يدعو إلى اتباع أثر من مضى قبلنا.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد،

فهذه هي الحلقة الأولى من سلسلة من المقالات ستضم بإذن الله تعالى دروسا وعبرا من حياة شخصية تعد من خِيرَة الأعلام ومن أعلم الأخيار في تاريخنا الإسلامي الحافل، وهو إمامنا مالك بن أنس رحمه الله تعالى ورضي عنه.

وإن من نافلة القول أن أعرض الأسباب التي دفعتني إلى اختيار سيرة هذا الرجل الفذ العظيم، فقد اتفقت له من المناقب ما لم تجتمع لأحد غيره، وأجمع العلماء قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها على إمامته وجلالة قدره، وهو أحد أئمة الهدى المتبوعين، واختار المغاربة مذهبه وارتضوه للتفقه في دين الله تعالى على امتداد قرون عديدة.

وليس من السهل التحدث عن شخصية عظيمة كشخصية الإمام مالك، ولكنها محاولة للاطلاع على بعض المواقف من حياته وسيرته، لعلنا نستضيء بنورها ونسترشد بهديها، إذ المقصود من دراسة السير هو الاقتداء والتأسي، لا المعرفة الجامدة التي لا يظهر أثرها على الأفعال والسلوك، ومن أجل هذا اعتنى العلماء منذ صدر الإسلام بتدوين أخبار الأعلام، وصنفوا في تراجمهم وسيرهم ما يكاد لا يحصى من الكتب والمؤلفات.

وقد كان الإمام مالك يدعو إلى اتباع أثر من مضى، كما رواه عنه ابن وهب، ولا سبيل إلى ذلك إلا بقراءة سيرهم ومطالعة قصصهم، وهذه أول عبرة من سيرته العطرة.

فتدبر سير الصالحين له آثار قوية وعجيبة على النفس والفكر، وعلى الخلق والسلوك، ويعتبره علماء التربية والتزكية من أهم عوامل الصلاح والإصلاح، فله دور كبير في معالجة مجموعة من الآفات كضعف الإيمان، وقسوة القلوب، وتدني الهمم، وتسلط الوساوس، وملل النفوس، وقلة الصبر، وغيرها.

ولذلك نفهم تلك العبارة التي اشتهرت عن الإمام أبي حنيفة “الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه، لأنها آداب القوم وأخلاقهم”، يقول هذا مع أنه كان فقيها !
وقال مالك بن دينار “الحكايات تحف الجنة”، يعني الحكايات عن الصالحين الأبرار.
وقال الجنيد “الحكايات جند من جنود الله يثبت بها قلوب أوليائه، وشاهده قوله تعالى: وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك”.
وقال سفيان بن عيينة “عند ذكر الصالحين تنزل الرحمات”.

فيحسن بالمسلم أن يحرص على أن يخصص مما يطالعه أو يستمع إليه حظا طيبا من السير والتراجم، بدءا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بسير صحابته الكرام ثم بسير من تبعهم بإحسان، وعلى رأسهم الأئمة الأربعة وأمثالهم الذين يعد مالك النجم من بينهم كما وصفه الإمام الشافعي.

وإذا كان الإمام أحمد يقول عن الإمام مالك “إن القلب يسكن إلى حديثه” أي أنه يطمئن إلى أسانيده، فإنني أقول عنه “إن القلب يسكن بالحديث عنه” أي بالكلام عنه وعن سيرته، وهذا ما نرجوه بإذن الله تعالى من خلال هذه المقالات.

والله ولي التوفيق.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M