حرب القيم.. جولة جديدة في ساحة المدرسة

05 مارس 2016 22:45
حرب القيم.. جولة جديدة في ساحة المدرسة

عبد الغني الشعيبي

هوية بريس – السبت 05 مارس 2016

شهدت السنة الماضية حركية واضحة في مناقشة قضايا الهوية والصراع الهوياتي بين القطب العلماني والقطب الإسلامي دافع كل طرف عن مشروعه المجتمعي انطلاقا من اختياراته وتحيزاته القيمة والفكرية، ويمكن للمتتبع أن يرصد هذا التدافع  من خلال واجهتين أساسيتين:

أولا الواجهة الحقوقية: من خلال النقاش الحاد على المادة 489 من القانون الجنائي التي تنص على معاقبة كل يثبت عنه ارتكاب فعل من أفعال الشذوذ الجنسي، مرورا بقانون الإجهاض، وقضية ما صار يعرف بـ”مولات الصاية “، وصولا إلى الدعوة إلى تعديل ومراجعة أنصبة الإرث.

ثانيا الواجهة الإعلامية: أوزار هذا الأخير لا تعد ولا تحصى والكلام هنا يخص القناة الثانية المتخصصة في فن الرداءة الإعلامية الموجهة قصدا إلي هدم الأخلاق وقيم الفضيلة وتمرير تصورات خاطئة عن القيم الأخلاقية التي نشأت عليها الأجيال المغربية من خلال المسلسلات المذبلجة إلي العامية في تحد صارح للقيم الدينية واللغوية المغربية، ختمت موسمها الإعلامي الكاسد بالنقل المباشر لحفلات الغناء والرقص الإباحي الفاضح في مهرجان موازين أثناء الحفل الذي أحيته دجنيفر لوبيز.

غير أن الجديد والملاحظ أن الصراع الهوياتي بعد الخطاب الملكي الأخير بالعيون قد أخذ منحى مختلف، وغير مساره نحو حقل آخر للصراع ليستدير صوب المدرسة، لعل أعداء التدين بذلك يكسبون بعض النقط في هذه الجولة بتوجه رأسا إلي مادة التربية السلامية دون غيرها من المواد، لأنها تعبر عن قيم المغاربة وانتمائهم الحضاري وهذا ما يزعج أعداء الدين والتدين.

إذن المستهدف بالدرجة الأولى ليس التربية الإسلامية كمادة مدرسية، لكن باعتبارها خزانا ونهارا للقيم يمر منه كل المغاربة، من هنا يتبن أن ما تريده هذه الطغمة الحاقدة على الإسلام وأهله تجفيف منابع الإسلام الصافية من المدرسة والإعلام والأسرة بل من الوجود كله، ونحن نقول: “والله متم نوره ولو كره الكافرون” .

فهذه محاولة جديدة تعيد للأذهان ما كان يخطط له اليسار في سبعينيات القرن الماضي الهادف إلي إجتثات الإسلام من خلال مناهج التربوية والكتب المدرسية في مادة التاريخ والتربية الإسلامية.

وها هو التاريخ يعيد نفسه مع نفس المخطط ومع وجه يساري كالح نسب للتربية الإسلامية افتراء وبهتانا ما كان يقوم به أسلافه المجرمون من اليسار ولا حاجة أن أذكر بالجرائم والمذابح المروعة التي ارتكبها ستالين وماوتسي تونغ وبول بوت.

لقد عهدنا خفافيش الظلام تخرج من الغرب لكن فوجئنا بها اليوم تخرج من البلاط مستخفية بشرعيته لائذة بحماه متمترسة خلف أسواره مستقوية به على حساب هوية الشعب المغربي وقيمه الراسخة.

خوفي أن تكون دعوة التجديد وتغيير المناهج حصان طروادة للمزيد من الإجهاز على مضامين مادة التربية الإسلامية وما تبقى من محتواها القيمي والمعرفي، بعد الذي شهدناه ولاحظناه من التآكل المستمر الذي لحق النص القرآني خاصة في سلك الابتدائي والإعدادي، مما يؤشر على وجود نية مبيتة ومخطط بعيد الأمد يهدف إلي الاستخفاف بالقرآن الكريم وعدم إعطائه المكانة التي تليق به، وحذف سوره من مادة التربية الإسلامية، وقد كانوا من قبل قد أقفلوا مدارس تعليمه.

وعليه فإن قضية التربية الإسلامية قضية كل مغربي يريد الخير لوطنه فالدفاع عن التربية الإسلامية دفاع عن الإسلام نفسه  والمساس بها مس بالهوية الوطنية للمغاربة فهذا واجب ديني ووطني وتاريخي على عاتق أصحاب الضمائر الحية والنفوس الغيورة على انتمائها وهويتها، أفرادا ومؤسسات.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M