“خبير اقتصادي” يجيب عن أربعة أسئلة حول “سوق الشغل” في المغرب

03 سبتمبر 2020 21:43

هوية بريس – متابعات

يقدم الطيب غازي ، الخبير الاقتصادي بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، رؤيته حول الوضع الحالي لسوق الشغل بالمغرب، فضلا عن دور مختلف التدابير الهادفة إلى الحفاظ على مناصب الشغل من خلال تأهيل وإعادة تكوين الشباب والأشخاص النشيطين.

1. كيف تقيمون الوضع الحالي لسوق الشغل في المغرب؟

بطبيعة الحال وضعية سوق الشغل غير مستقرة والحجر الصحي ، المطلق أو النسبي ، لوسائل الإنتاج على المستوى الوطني و لدى شركائنا، كانت له انعكاسات على سوق الشغل الوطني، وخاصة على مستوى الطلب.

هذا الواقع تؤكده نتائج الاستطلاعات التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط، فالاقتصاد الوطني فقد 64 ألف فرصة عمل بالوسط الحضري، وإجمالا ما يناهز 600 ألف فرصة خلال فترة عام واحد، ابتداء من الربع الثاني من سنة 2019. أما فيما يتعلق بساعات العمل، فتشير نفس الاستطلاعات إلى خسارة 265 مليون ساعة عمل أسبوعيا خلال نفس الفترة، أي نحو 53 في المئة من ساعات العمل على المستوى الوطني، وأكثر من نصف ساعات العمل في الأنشطة الاقتصادية الأخرى غير قطاع الفلاحة، والغابات والصيد البحري ، وهو أمر يدعو إلى القلق.

وفي سياق تراجع عدد السكان النشيطين بنسبة 0.8 في المئة فقط ، فإن تعزيز التفاوتات نتيجة حتمية، وهو ما لوحظ على مستوى معدل البطالة، الذي ارتفع من 8.1 إلى 12.3 في المئة على الصعيد الوطني، ومن 11.7 إلى 15.6 في المئة في الوسط الحضري ومن 22.2 إلى 33.4 في المئة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، وكذا على مستوى المعدل الإجمالي للشغل الناقص، الذي انتقل من 9 إلى 13 في المئة على الصعيد الوطني نتيجة انخفاض ساعات العمل.

2. كيف يمكن في نظركم إنعاش هذا السوق بعد أزمة كوفيد19 ؟

أعتقد أن مسألة الانعاش تتطلب مراجعة كل مكونات سوق الشغل. نحن نعلم أن هذا السوق يواجه العديد من التحديات، حتى قبل اندلاع أزمة جائحة كورونا، والتي تشمل قائمتها ما يتعلق بانخفاض جودة وإحداث فرص الشغل، وجودة رأس المال البشري، وتوافر المعلومات التي تتيح تحديد وتوقع تطورات السوق، علاوة على ملاءمة القوانين واتساق سياسات التشغيل بهدف تسريع التحول الهيكلي المنشود.

في الواقع ، وعلى الرغم من التحديات “المعتادة” والإصلاحات والتحولات التي سيتم تنفيذها بمرور الوقت، يبدو أن أزمة كورونا سلطت الضوء على استعجالية مواجهة بعض التداعيات ، ولا سيما استمرارية نشاط المقاولات، خاصة الصغيرة منها، في سياق استمرارية الالتزامات وما يترتب على ذلك من انخفاض في التدفقات النقدية.

هذا السياق قد يترتب عنه ما يطلق عليه الخبراء الاقتصاديون “ركود الحصيلة “، وهو ما يعني من حيث المبدأ تراجع النشاط والتشغيل جراء التزام المقاولات بعملية للترشيد المالي. كما أن عدم اليقين المتعلق بالطلب الوطني والدولي يعزز احتمالية استمرار مثل هذا السلوك من جانب المقاولات، بشكل يصبح معه الانخراط العمومي ضروريا لتدبير الظرفية . ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن سبل وتوجهات هكذا انخراط تظل مجالا واسعا للمناقشة.

3. ما هو دور برامج التشغيل في التأهيل وإعادة التكوين المهني للشباب والأشخاص النشيطين، لا سيما في سياق الأزمة الصحية؟

تركز البرامج النشيطة للتشغيل في المغرب عادة على الأعمال الحرة (العمل المقاولاتي )، وتعزيز الإدماج المهني (باستثناء الإدماج الذاتي) وتحسين قابلية التشغيل. لذلك فإن التأهيل وإعادة التكوين المهني يعدان ركيزة أساسية لبرامج التشغيل، بالنظر إلى مساهمتها في تحسين فرص الحصول على منصب شغل والاحتفاظ به، والترقي في العمل، والتكيف مع التغيير طوال الحياة المهنية.

وبخصوص ظرفية الأزمة الصحية، فإن التأهيل وإعادة التكوين عاملان مهمان، على اعتبار أنهما يسمحان باكتساب المهارات بهدف الإدماج الذاتي المنشود، في سياق يتسم بإفلاس المقاولات وندرة فرص الشغل.

كما أنهما ضروريان لتقوية تكييف الساكنة وحركة الأصول في سياق إعادة الهيكلة، ولاستدامة أنظمة الأمن المرن، في سياق ضعف “الشبكات الاجتماعية ” وهشاشة عدد كبير من فرص الشغل.

4. ما هي الوسائل الكفيلة بتعزيز الاندماج الاجتماعي للشباب المحروم من التعليم والتكوين؟

أعتقد أن أي نقاش حول الإدماج الاجتماعي للشباب ووسائل تعزيزه هو دعوة لتغطية نطاق واسع من مجالات الحياة المجتمعية، لاسيما المشاركة في الحياة الاقتصادية، وفي المسلسل الديمقراطي وفي المجتمع المدني. كما أنها دعوة تضع الإنسان والمجتمع في قلب المشاريع المجتمعية للتنمية، خاصة مع سياق اللامركزية وطموح الجهوية المتقدمة، التي تنبني على التفويض، وتتطلب التدبير التشاركي وتحمل المسؤولية .

وعلاقة بالشباب المحروم من التعليم والتكوين، فيمكن القول أن مدرسة الفرصة الثانية والولوج الشامل لتكوين ذي جودة، مفتوح في وجه كل شرائح الأعمار ومتاح لجميع الشباب، يمكن أن يمثل رافعة لتوسيع نطاقات الإدماج الاجتماعي لهذه الفئة، التي تظل ضيقة إلى حد ما في غياب قدرات معترف بها.

كما أن التوجيه الجيد وتعدد المسارات التي تسمح للشباب غير الموفقين بالعودة إلى التكوين قد يكون سبيلا لتحقيق الاندماج الاجتماعي، غير أن جزءا من التحدي يكمن في الفرص الاقتصادية والتأهيل وإعادة التكوين.

جزء آخر من هذا التحدي يحيلنا على المشاركة في المسلسل الديمقراطي وفي المجتمع المدني. وهنا يجب التأكيد على الدور الرئيسي للمعلومة، لأنه يتوجب إطلاع هؤلاء الشباب بأفضل طريقة ممكنة على حقوقهم لتمكينهم من التعبير عن ذاتهم كمواطنين، كما يجب التأكيد على أهمية معرفة هؤلاء الشباب بشكل أفضل من أجل خدمتهم كما يجب.

علاوة على ذلك يمكن أن يشكل الحوار الاجتماعي، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والابتكار الاجتماعي، والمواكبة، وخفض تكاليف التنقل و الولوج إلى السكن والصحة، والمرونة الإدارية وغيرها.. وسائل لتمكين هذه الفئة من إنجاح اندماجها في المجتمع .

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M