دار الكرا خير من دار الربا

15 مارس 2016 15:13
حين غارت أختكم

حامد الإدريسي

هوية بريس – الثلاثاء 15 مارس 2016

كم أحزنني حاله وهو يشكو لي ما يعانيه من ضنك وغمّ بسبب هذه الدار المشؤومة منذ أن دخلها، قال لي: لقد كنت في دار فسيحة أكتريها بمبلغ معقول، وكنت سعيدا غاية، وكان تحتي أربعون مليونا، لكن زوجتي ألحت علي وتعلقت بالشقة الفارهة وساعدها علي الأبناء، وها أنذا منذ أربع سنوات أعيش في تقشف وضيف بسبب أقساط البنك، وأحس بسوط الأقساط كل شهر وألم الذنب كل يوم، ووددت أن لو استيقظت فوجدت أني في حلم لا حقيقة له، ثم غرغرت عيناه.

كثير من الناس استدرجه هذا الوهم، وهم التملك، واستجاب لضغط المجتمع والأصهار يقولون: لا يطرق عليك صاحب الدار، وينسون أن طرق البنك أشد وظلمه أسود ، وأنك إن لم تدفع باعوه فوق ظهرك، وأكلوا عليك الحب والتبن، وهذا ما حصل لكثير ممن فقد عمله أو تغيرت حاله فعاش بالذنب والحسرة في بيت من بيوت الإيجار.

يقول الناس: فلان دار دارو، ودار علاش يرجع، ونسوا أنه لا رجوع في هذه الحياة بل هي مسير دائب إلى قبر وحيش، وبالغوا في الأمر حتى جعلوا هذا هدف الأهداف وغاية الغايات ونسوا أن الله يمحق الربا فتذهب البركة من البيت وتكثر القلاقل بين الأسرة وتحضر الشياطين ويستعر الخلاف، فيقول الزوج ما بالها انقلبت علي ! وينسى أن ذلك بعض أردان الربا وآثار المعصية.

والله ليس عيبا أن تعيش بالإيجار، بل والله إن العيب كل العيب أن تحارب الملك القهار، تحاربه بالنعمة التي أعطاك، وتنسى وصيته التي أوصاك “اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين“.

ولا يغرنك من يقول إنها الضرورة، فالانتقال من اسم مستأجر إلى مالك ليس بضرورة بإجماع المسلمين، وما دمت تستطيع دفع القسط فأنت تقدر على دفع الإيجار، ولو أردت أن تسأل قلبك فسيجيبك وهو يئن: نعم إنه الربا.

واسأل نفسك سؤالا آخر: لو استطعت أن تسرق مالا وتشتري به بيتا أكنت تفعل؟ ستقول: لا لأنها سرقة، فاعلم إذن أن الربا أعظم من السرقة، ولأن تسرق مال غيرك، أهون عليك من مبارزة خالقك: “فأذنوا بحرب من الله ورسوله“.

فانبذ الآن الفكرة من رأسك ولا تأخذ قرضا ربويا وتشتري بيتا تعيش فيه مع أبناء ربما عقّوك ومع زوجة ربما فارقتك فتدخل قبرك لتُسأل عن ذلك المال الحرام الذي ستحاسب عليه أنت دونهم، فلهم الغنم ولك الغرم، لهم المتعة ولك العذاب والحساب.

وها أنا مثلك أعيش في الإيجار سعيد بما قسم الله موقن أن من ترك الحرام لله عوضه الله خيرا منه. فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك.

آخر اﻷخبار
5 تعليقات
  1. الناس تحتاج لإعادة ترتيب الأولويات، الدين قبل الكل، و الحج قبل الدار، و الراحة و السعادة قبل مجاراة الناس.

  2. بسم الله
    يا أيها الكاتب جزاك الله خيرا، فأنا أيضاً أسكن في الإيجار رغم نصيحة أقربائي لي بأن الثمن الذي أدفعه في الإيجار يمكن أن أدفعه في إمتلاك بيت، فأجيب وما هو الفرق فا دين البنك لا ينتهي إلا باقتراب أجلي، أي ما الفائدة من الشقة التي سأملكها بعد عشرين عاما و كم سأعيش بعد، وأنني تعودت على نمط حياة معين بإقتطاع طرف من راتبي الشهري، وما الذي سيستفيده أبنائي من هذه الشقة بعد موتي حتى لو باعوها فنصيب كل واحد منهم لا يكفيه لشراء غرفة ولو كانت القسمة على اثنين. إذن فلماذا أدخل في حرب من الله ورسوله، وأعيش في الدنيا معذبا و مثقلا بذنوب الربا ومتحسرا على عاقبة أمري في الآخرة التي لو صبرت فقط قليلا لنلت فيها قصورا خالدة. عقدة إمتلاك البيت تعتبر من أمراض العصر الحديث عند المغاربة، هذا المرض إستغلته الأبناك الربوية ليزيد الفقير فقرا ويزيد الغني ثروة. الحمد لله على نعمة الإيجار و على راحة البال وعلى الشعور بالرضى .

  3. بارك الله فيك. انا اشتريت بيتا باهضا والآن اريد ان أتوب الى الله تعالى . اريد بيعه ولكن ثمنه جد نزيه لا أستطيع ان ارجع المبلغ الى البنك. ما العمل إذن .
    جزاك الله عنا كل خير

  4. يحتاج الناس إلى التمييز بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات كما هو مبين في كتب المقاصد

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M