دفاعا عن السنة النبوية الشريفة: سلسلة الردود العلمية على خريج دار الحديث الحسنية «محمد بن الأزرق الأنجري»

13 فبراير 2016 21:01
الدروس المؤصلة لمن خالف العلماء وفقد البوصلة

منير مرود

هوية بريس – السبت 13 فبراير 2016

رد على مقال: “تصحيح حديث فضائل القرآن”

الجزء السادس: الحلقة الثانية

تقديم

لا تزال رحلتنا مع مقالات “ابن الأزرق الأنجري” زاخرة بالفوائد والنكت الحديثية المستفادة من زلاته وسقطاته التي بثها في جل كتاباته التي قمت بتتبعها ودراستها في هذه السلسلة، وبعد أن انتهيت من نقد مقالاته على وجه الإجمال في الأجزاء السابقة، آن الأوان لرد شبهاته التي يوردها في مشاركاته المختلفة على وجه التفصيل.

وقد وقع الاختيار في بداية الرد التفصيلي على مقال له حاول من خلاله تصحيح حديث في فضائل القرآن الكريم، وهذا حق من حقوقه العلمية ولا شك، لا يمكن لأحد أن يحجر عليه فيه كما قررت في المقدمة الخامسة عشرة، حيث أشرت هناك إلى أن التصحيح والتضعيف وفق القواعد المقررة في علم الحديث، والتي توارثها العلماء جيلا عن جيل عن معرفة وتحري، حق مكفول لكل باحث منصف، يلتزم بتلك القواعد، لكن صاحبنا لم يتقيد بشيء منها، بل أغرب، وأتى في مقاله بالعجائب كما سيتبن لنا من خلال هذه الحلقات.

وقد آثرت أن أقسم الرد على تصحيحه لحديث “فضائل القرآن” إلى حلقات، حتى لا أطيل على القراء الكرام فيملوا، ولكي تعم الفائدة جميع طبقات المتابعين لهذا السجال العلمي، وإن كانت المادة العلمية كلها مجموعة لا تحتاج إلا إلى بعض التنقيح.

وفيما يلي تتمة ما كنت بدأته في الحلقة الماضية من زلات وسقطات وقع فيها “الأنجري” في مقاله موضوع الدراسة والبحث، فلنتابع معا…

المحور الثالث: عرض طرق الحديث ورواياته:

أولا: حديث مولانا علي بن أبي طالب:

1 — رواية الحارث بن عبد الله الأعور:…

أولا: طريق محمد بن كعب القرظي:

كتب “ابن الأزرق”(قال ابْنِ إِسْحَاقَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وذكره).

ثم قال: (وهو مخرج في مسند أحمد بتحقيق شاكر (1/473)، ومسند أبي يعلى الموصلي1/302، ومسند البزار (1/155)).

السقطة الأولى: لا يمكن الركون إلى إحالات “ابن الأزرق” لأنه كثيرا ما يخطئ فيها نظرا لغفلته وقصوره في البحث[1]، أو نقله ذلك عن غيره دون تكلف عناء الرجوع إلى المصادر للتأكد من صحة ما نقل، وقد ضربت لذلك مثالا في المقدمة التاسعة من هذه السلسلة فلتراجع.

وقد أخطأ هنا في عزو هذه الطريق إلى مسند “البزار”، فهو عنده في الجزء الثالث الصفحة 70، برقم: 834. طبعة مكتبة العلوم والحكم سنة 1988 وهي الطبعة الأولى والوحيدة فيما أعلم.

وهذا خطأ مغتفر، ذكرته هنا ليعرف “ابن الأزرق” أن الوهم والغفلة يقعان منه والحاسوب أمامه، والمكتبة الشاملة بين يديه، فكيف بمن يعتمد في ذلك كله على حفظه وذاكرته!؟

السقطة الثانية: قوله (وأخطأ الشيخ أحمد شاكر حيث قال: الظاهر أنه منقطع، لقول ابن إسحق: “وذكر محمد بن كعب القرظي” فإني لم أجد أنه روى عنه مباشرة، بل هو يروي في السيرة عنه بواسطة. ه-

قلت: بل صرح بالسماع من القرظي عند البزار والموصلي، وذكره مترجموه في الرواة عنه، وشاكر رحمه الله لم يكلف نفسه البحث والاستقصاء.

ثم إن محمد بن كعب تابعي كبير، وكان كوفيا كالحارث الأعور، فكيف لا يسمعه ويجالسه؟

وهو ثقة من رجال الجماعة، فصح السند إلى الحارث الأعور) اه-.

قال أبو عدي -كاتب هذا المقال-: قد وقع منه في هذا الكلام المتهافت عدة زلات سأبينها في الفقرات التالية:

الزلة الأولى: تخطئته للشيخ أحمد شاكر، حين قال: (وأخطأ الشيخ أحمد شاكر حيث قال: الظاهر أنه منقطع، لقول ابن إسحق: “وذكر محمد بن كعب القرظي”).

قلت: الصواب ما قاله الشيخ “أحمد شاكر” رحمه الله، لأن “محمد بن إسحاق” صدوق يدلس، قال “ابن حجر”: «صدوق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم وصفه بذلك أحمد والدارقطني وغيرهما»[2]، وحديثه حسن إن صرح بالتحديث وإلا فإنه يعتبر به، وهو هنا لم يصرح بالسماع كما سنرى بعد قليل، أضف إلى ذلك أنه لا يروي عن “القرظي” مباشرة في الغالب، والدليل أنه روى عنه المغازي بواسطة، ومن بين وسائطه عنه، نجد بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي (فيه نظر وقد رمي بالرفض)، كما روى له النسائي في “خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ” حديثا بواسطة (يزيد بن محمد بن خثيم عن محمد بن كعب القرظي)[3]، قال عنها البخاري: «وهذا إسناد لا يُعرف سَماع يَزِيد مِن مُحَمد»[4]. فهناك احتمال بأن يكون قد روى هذا الحديث بواسطة راو ضعيف فأسقطه، وبما أن هذا الاحتمال قائم، سقط به الاستدلال، وتبين أن الحديث منقطع كما قال الشيخ أحمد شاكر.

وهذا لا ينفي ورود بعض الروايات في كتب السنة التي وقع فيها التصريح بالسماع بين “ابن إسحاق” و”القرظي”، كما عند الطبري في تفسيره 12/537، و19/596، والطبراني في معجمه الكبير 11/62 رقم 11051، والمستدرك 2/605 رقم 4039، والعقوبات لابن أبي الدنيا ص: 165 رقم 246. إلا أنه ليس فيها ما يطمئِنُّ القلب إليه، فنعتمده كسند نستدل به على الاتصال بينهما، لأن كل ما يصرح فيه بالتحديث هو من كلام “القرظي” نفسه، إلا رواية الطبراني التالية:

حدثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا أحمد بن أيوب بن راشد البصري، ثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن كعب القرظي، والحكم بن عتيبة، عن مقسم، ومجاهد، عن ابن عباس، قال: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة فنظر إلى ما به قال: «لولا أن تحزن النساء ما غيبته، ولتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطيور حتى يبعثه الله مما هنالك».

وفيه “أحمد بن أيوب بن راشد” ذكره بن حبان في الثقات وقال: «ربما أغرب »[5]. وأعتقد أن هذا السند من غرائبه، خاصة أن “البيهقي” قد روى الحديث نفسه في “دلائل النبوة”[6] 3 / 285- 286 بسنده إلى “ابن إسحاق” مع ذكر الواسطة بينه وبين “القرظي”، حيث قال: «عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، وحدثنيه بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب، قال: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بحمزة من المثل جدع أنفه ولعب به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن تجزع صفية وتكون سنة من بعدي ما غيب حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير».

فبالمقارنة البسيطة بين السندين يتبين أن “أيوب بن راشد” هو من حذف هذه الواسطة ووصله بين “ابن إسحاق” و”القرظي” والله أعلم.

وأيا كان الأمر، فإن هذه الرواية التي بين أيدينا لم يصرح فيها “ابن إسحاق” بالتحديث، كما سنبين بعد قليل، وكون “محمد بن كعب القرظي” من شيوخ “ابن إسحاق”، لا يعطي للسند أية مزية بعد أن “عنعن”.

الزلة الثانية: قوله : «بل صرح بالسماع من القرظي عند البزار والموصلي».

قلت: لم يصرح بالسماع عند الموصلي خلافا لما ذكره “ابن الأزرق”.

وهذا هو السند الذي رواه به “الموصلي” في مسنده فتأمل: «حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، وذكر محمد بن كعب، عن الحارث بن عبد الله الأعور، عن علي». فأين هو هذا التصريح بالسماع في مسند أبي يعلى يا ترى!؟، أليس هذا تقصير واضح يا فتى!

لكن يبقى الإشكال في التصريح بالسماع الوارد في مسند البزار، حيث قال: «حدثنا عبيد الله بن سعد، قال: حدثني عمي يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: نا أبي، عن ابن إسحاق، قال: نا محمد بن كعب القرظي ».

قلت: الجواب على هذا الإشكال سهل يسير على من يسره الله عليه، فما لا يعلمه “الأنجري” ولم يخطر على باله أبدا، هو أن الحافظ أبا بكر البزار هو من وهم في رواية هذا السند !، فرواه بصيغة التحديث بين “ابن إسحاق” و”القرظي”، خلافا لأحمد وأبي يعلى الموصلي، وهو كثير الخطأ في الإسناد والمتن كما ذكر العلماء في ترجمته.

 قال عنه ابن حجر العسقلاني : «صدوق مشهور.

قال أبو أحمد الحاكم: يخطئ في الإسناد والمتن… وقال الحاكم: سألت الدارقطني عنه فقال: يخطئ في الإسناد والمتن حدث بالمسند بمصر حفظا ينظر في كتب الناس ويحدث من حفظه ولم يكن معه كتب فأخطأ في أحاديث كثيرة جرحه النسائي وهو ثقة يخطئ كثيرا»[7].

فلو كان عند “ابن الأزرق” نفس وذوق المحدثين للاحظ أن رواية “البزار” للحديث وحدها وردت بصيغة التحديث بين “ابن إسحاق” و”القرظي”، وأن الطريق إليهما واحدة، عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه، وقد روى هذه الطريق عن يعقوب الإمام أحمد صاحب المسند مباشرة، كما رواها عن يعقوب أيضا كل من أبي يعلى بواسطة أبي خيثمة، وهو (ثقة ثبت)، والبزار بواسطة عبيد الله بن سعد وهو (ثقة من رجال البخاري)، وبالتالي فإن الخطأ في التصريح بالتحديث إما من “البزار” وإما من شيخه “عبيد الله بن سعد”، وبما أن “البزار” كان يخطئ رحمه الله في الإسناد كما سبق، فإن الظن الراجح أنه من أخطأ أثناء الأداء والله أعلم.

وقد تفطن لهذا الخطأ في التصريح بالتحديث محقق المسند طبعة الرسالة، وذهب إلى غير ما ذهبت إليه فقال: «وقد وقع في “مسند البزار”: ابن إسحاق قال: حدثنا محمد بن كعب، ويغلب على ظننا أنه خطأ من الناسخ، والله أعلم»[8]، وهذا التخريج له وجهه إذا ما قوبلت النسخ والمخطوطات التي اعتمد عليها محققو مسند البزار، فإذا اتفقت على التصريح بالتحديث، لم يبق لنا وجه إلا القول الأول والله أعلم.

الزلة الثالثة: قوله: (وشاكر رحمه الله لم يكلف نفسه البحث والاستقصاء).

قلت: وقد تبين للقارئ اللبيب أن الأنجري هو من لم يكلف نفسه عناء البحث والاستقصاء، بل تعجل قبل أن يتحصرم.

الزلة الرابعة: قوله: (وذكره مترجموه في الرواة عنه)، أي أن أصحاب التراجم ذكروا أن محمد بن إسحاق بن يسار من الرواة عن محمد بن كعب القرظي.

قلت: لم يذكر أحد ممن ترجم له – فيما أعلم – أنه ممن روى عنه، بل جميع القرائن تدل على أنه لم يأخذ عنه الحديث مشافهة بل بواسطة كما ذكرنا من قبل، وهذا تدليس قبيح من “ابن الأزرق”، إذا لم يذكر من هم هؤلاء الذين عدوه من شيوخه.

الزلة الخامسة: قال: (ثم إن محمد بن كعب تابعي كبير، وكان كوفيا كالحارث الأعور، فكيف لا يسمعه ويجالسه؟).

قلت: لقد أثبت أعلاه هذا الكلام “للأنجري”، ولم يتبين لي وجه لكي يسوق هذه الجملة هنا، إذ لا ارتباط بينها وبين ما قبلها، حيث كان يتحدث عن الانقطاع بين “ابن إسحاق” و”القرظي”، ثم انتقل به السياق بعد ذلك إلى العلاقة بين “القرظي” و”الحارث الأعور”، وهو خروج ظاهر من الموضوع لا يفهم سببه ولا الغاية منه.

وإذا جاريناه، وقبلنا منه هذا الخلط والخبط، فإننا لا نسلم له قوله بأن “محمد بن كعب” كوفي، بل هو مدني باتفاق المترجمين له، وأظن أن الوهم وقع “لابن الأزرق” من قول من ترجم له: قيل (بصيغة التمريض) إن أباه نزل الكوفة وولد له ابنه محمد هناك، ونشأ فيها قبل أن يتحول به أبوه إلى المدينة[9]، ولم ينعته أحد ممن ترجموا له بأنه كوفي كما فهم صاحبا، بل أجمعوا على كونه مدنيا، رغم أنه رحل إلى الكوفة ومكث فيها زمنا[10]، وهذا يبين مدى الخلط الكبير عنده في مصطلحات العلماء والمحدثين !

ثم إن الظاهر من خلال متابعة ترجمة كل منهما، أن “محمد بن كعب” لم يسمع من “الحارث الأعور”، لأنه لم يذكر أحد أنه من شيوخه، وبالتالي فلا يمكن أن نستسلم لظنوننا في إثبات رواية راويين أحدهما عن الآخر كما فعل “ابن الأزرق”، بل يجب الركون في ذلك إلى أقوال أئمة هذا الشأن، والأصل في الراوي عدم السماع حتى يقوم الدليل على عكس هذا الأصل، وقد تفطن البزار رحمه الله إلى ذلك فقال عقب رواية الحديث موضوع الدراسة من هذا الطريق: «ولا نعلم روى محمد بن كعب القرظي، عن الحارث، عن علي، إلا هذا الحديث»[11].

أضف إلى ذلك أن الإمام أحمد حصر روايات علي رضي الله عنه من طريق “القرظي” في رجلين اثنين فقط. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «حدثني أبي قال حدثنا حجاج عن شريك عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب قال سمعت علي بن أبي طالب.: قال أبي وهذا وهم، محمد بن كعب يحدث عن عبد الله بن شداد عن علي وعن شبث بن ربعي عن علي، ولم أر أبي يصحح أن محمد بن كعب سمع من علي»[12]. فلم يذكر الإمام أحمد رواية “محمد بن كعب” عن “الحارث” الأعور فتنبه!.

ويبقى السؤال هنا هو: من سبب هذا الانقطاع الحاصل بين “القرظي” و”الحارث الأعور” ؟

قلت: يمكن حصر سبب هذا الانقطاع في شخصين اثنين:

الأول: منهما هو “ابن إسحاق” فقد علمت أنه كان صدوقا من أوعية العلم لكنه كان يدلس وقد “عنعن”، ونحن لا نعلم الواسطة التي أسقطها هنا، لذلك يجوز أن يكون هذا السقط من هذا الراوي الذي لم يذكره “ابن إسحاق”.

والثاني: هو “محمد بن كعب القرظي”!!

وقد يتعجب البعض من ذلك، لما عرف عن الرجل من كونه ثقة حجة، بالإضافة إلى كونه من رجال الجماعة كما ذكر “ابن الأزرق” نقلا عن علماء هذا الشأن، لكن ما لا يعلمه، أن قولهم: «من رجال الجماعة»، لا يغني عن التنقيب في سيرته، ولا يجعله فوق النقد، لأن غاية هذا القول هو أنه قد روي له في الكتب الستة، وليس كل من روي له في الصحيحين أو غيرهما تقبل أحاديثه كلها.

فإذا رجعنا إلى سيرة “محمد بن كعب” نجد أنه كثيرا ما يرسل!، قال الذهبي في “سير أعلام النبلاء”: «وهو يرسل كثيرا، ويروي عمن لم يلقهم، فروى عن: أبي ذر، وأبي الدرداء، وعلي، والعباس، وابن مسعود، وسلمان، وعمرو بن العاص، ويروي عن: رجل، عن أبي هريرة. وكان من أوعية العلم»[13]. فإذا كان الأمر كذلك فإن “عنعنته” لا تحمل على الاتصال دائما، خاصة أنه لم يثبت سماعه من الأعور، وبالتالي فإننا نحكم على هذا الطريق بالانقطاع بينهما.

تنبيه: غلب استعمال لفظ المرسل عند المتقدمين على كل منقطع، لذا يجب التيقظ عند النظر في ألفاظهم، ومن هذا قولهم: «فلان يرسل»، أو: «كثير الإرسال»، يعنون روى عمن لم يسمع منه[14]، ولا يتوهم البعض أن هذا تدليس لوجود فرق بين الأمرين محله كتب المصطلح.

النتيجة: ومن خلال ما تقدم شرحه، يتبين أن هذه الطريق وقع فيها الانقطاع بين “ابن إسحاق” و”محمد بن كعب القرظي” من جهة، وبين هذا الأخير و”الحارث الأعور” من جهة أخرى، فتكون بالتالي شديدة الضعف لا تصلح في الشواهد والمتابعات. والله أعلم.

خاتمة الحلقة الثانية من الجزء السادس

وفي نهاية هذه الحلقة من سلسلة الردود العلمية على “محمد بن الأزرق الأنجري” لا بأس أن أذكر مرة أخرى بزلاته وسقطاته التي أوردتها في هذا المقال، لكي نقف على هول الفاجعة التي لحقت البحث العلمي في بلدنا الحبيب، حتى تسلط عليه من لا علم عنده ولا فهم:

1- خطؤه في عزو الحديث إلى مسند البزار.

2- تخطئته للشيخ أحمد شاكر في حكمه بالانقطاع بين “ابن إسحاق” و”القرظي”، وقد تبين أن الصواب مع الشيخ.

3- ادعاؤه وجود التصريح بالسماع بين “ابن إسحاق” و”محمد بن كعب” في مسند أبي يعلى الموصلي، والواقع خلاف ذلك.

4- ادعاؤه أن أصحاب التراجم قد ذكروا أن “محمد بن إسحاق” من الرواة عن ” محمد بن كعب القرظي”، وهي دعوى باطلة تفتقر إلى برهان.

5- وصفه لمحمد بن كعب بأنه كوفي والحال أنه مدني سكن الكوفة.

6- ادعاؤه سماع القرظي من الحارث وهي دعوى لا تستند على أي دليل.

وفي نهاية هذا المقال، أود أن اذكر أن الحلقات المتعلقة بحديث “فضائل القرآن” لم تنته بعد، فلا زال في جعبتنا الكثير والكثير من الزلات والسقطات التي بعضها أفظع من بعض، وما سيأتي منها أسوأ مما مر، فانتظرونا في الحلقة القادمة، فإنها ستشهد كوارث حديثية لم يسبق إليها، ولم يزحم عليها محدثنا “ابن الأزرق”!.

وإلى ذلك الحين ها هو صاحب المقال يحييكم بتحية الإسلام والمسلمين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه: منير المرود

خريج دار الحديث الحسنية

[email protected]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – هذه العبارة اقتبستها من مقالات “ابن الأزرق” لأنه كثيرا ما ينسب العلماء قديما وحديثا إلى الغفلة والتقصير.

[2] – تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للحافظ ابن حجر ص: 51. المكتبة الشاملة.

[3] -” خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب” للنسائي ص: 162، الم كتبة الشاملة.

[4] – التاريخ الكبير للبخاري 1 / 71 الترجمة: 175، المكتبة الشاملة.

[5] – الثقات لابن حبان 8 / 19. طبعة دار المعارف – الهند.

[6] – طبعة دار الكتب العلمية، تحقيق عبد المعطي قلعجي.

[7] – لسان الميزان لابن حجر 1 / 563-564. الطبعة المتوفرة في المكتبة الشاملة.

[8] – تحقيق المسند لشعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرون 2 / 112، طبعة مؤسسة الرسالة سنة 2001.

[9] – أنظر تاريخ الإسلام للذهبي 3 / 160.

[10] – العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله 3 / 494.

[11] – مسند البزار 3 / 70.

[12] – العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله 1 / 527.

[13] – سير أعلام النبلاء 5/ 66.

[14] – أنظر تحرير علوم الحديث للجديع 2 / 928، ومنهج النقد عند المحدثين لنور الدين عتر ص: 388.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M