دلالات الهجرة المحمدية غاية في العظمة والأهمية

26 أكتوبر 2016 22:07
الشيخ الشنقيطي: رحم الله محسن ويجب القصاص من قتله، كما يجب حفظ أمن المغرب

هوية بريس – الحسن بن محمد الشنقيطي المغربي

بسم الله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فإن هجرة سيدنا محمد إمام الأنبياء صلى وسلم عليه رب الأرض والسماء، لها مكانة عظيمة في صدور المؤمنين، لما حصل فيها من تغير لتاريخ دعوة النبي الأمين.. وما أعقبها من نصرة ورفعة ومكانة، لأهل الصلاح والعزة والديانة، فوجب علينا -خصوصا في هذا الزمان – الذي جهل فيه الناس كثيرا من أحوال الرسول العدنان، تجلية مظاهر سيرته، وتبيان جلائل هجرته، إحياء لعظيم جهاده وبلائه، واستجلاء لأسرار خروجه إلى مهجره وكبير عنائه، وسأكتفي ببعض الدروس والعبر، مما جمعته أو استنبطته من بطون التاريخ والسير، سابكا ذلك على وجه الإيجاز والاختصار.. خشية الإطالة وقلة الاعتبار، تاركا لقارئ الأحداث في مظانها والوقائع، فضاء التأمل والنظر الواسع، مستمدا العون والتوفيق والاخلاص، ممن نرجو بين يديه النجاة والخلاص، سبحانه ما خاب من داوم على طرق بابه، ولا ذل من اعتصم مستمسكا بجنابه.. وإليكم معاشر الخلان والأحباب، ما يسر الله زبره من الدلالات في هذا الباب دون تعليق ممل ولا إسهاب بل في غاية الإيجاز والاقتضاب…

* بداية النصر والعز والتمكين، كانت بعد تواصل النبي بالأنصار الصادقين.

* خروج الحبيب من مكة لم يكن عن خيار وطواعية، لشدة حبه لها، بل لعزمهم على تصفيته فاختار الخروج عن كراهية وجوب الهجرة عند اشتداد الفتن والمحن لقول الحق جل وعلا: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).

* الإعداد المعنوي النبوي لا بد أن يؤتي ثمراته اليانعة ولذلك تركوا الغالي والنفيس من العيال والأموال في سبيل ذي العزة والجلال.

* عدم الرضا بالذل والخنوع تحت ولاية المشركين، طاعة لله رب العالمين.

* تطويق منزله صلى الله عليه وسلم تطويق لرسالته بعد أن اتفقوا على اغتياله لاغتيال دعوته وهي سنة من بعدهم فلننتبه!

* إخراج الصالحين وإجلاؤهم من بلادهم عادة تجبرية طاغوتية وسنة تمحيصية ربانية (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله)(اخرجوا آل لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون).

* مكر خصوم الدعوة لا يتوقف، يتجدد في كل زمان ومكان لا يتخلف (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) (سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا).

* اختياره المدينة دون غيرها مهجرا، علته وسببيته صلاحيتها لزراعة جيل يحمل هم نصرة الإسلام نظرا لما رأى في أهلها من مؤهلات عظيمة وصفات كريمة تجلت أنوارها في بيعة العقبة.

* دقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخطيط لهجرته وبراعته في رسم معالمها، حيث تجلى ذلك في الأسباب المتينة التالية: – تهيئة الركب – شراء البعيرين وتعليفهما والاعتناء بهما لعظيم الرحلة وجليل السفر – مجيئه في نحر الظهيرة لكونه وقت سكون عادة – مجيئه مقنعا وأمره أبا بكر بإخراج من في البيت أخذا بمبدأ السرية والتخفي – تهيئة الزاد إذ لا سفر بلا زاد – الخروج من خوخة ابي بكر خلافا لعادة أهل البيت تكتما على العدو المتربص – كتمان السر – الخروج نحو الغار المبارك – التقاط الغلام اليافع عبد الله بن أبي بكر أخبار قريش – إعفاء عامر بن فهيرة ومحوه الأثر لئلا يهتدوا به إلى مكان الاختباء – غنم عامر ابن فهيرة زاد للحبيب وصاحبه – عدم مبيت النبي صلى الله عليه وسلم في فراشه.

* جواز الاستعانة بالكافر الأمين المأمون.

* دور الشباب في تحمل أعباء الاسلام وتضحية علي رضي الله عنه من بينهم بالنصيب الأوفى حيث بات في فراش رسول الله باذلا نفسه في سبيل الله فضرب المثل الأعلى جهادا ووفاء وبذلا وعطاء.

* اختيار الدليل المناسب والمرشد الخريت

* اختياره الطريق المناسب جهة الساحل تعمية وتخفية.

* استعمال أبي بكر التعريض والتورية: هذا رجل يهديني السبيل. ولقد صدق فلنعم الهادي الجليل

* دور المرأة في نصرة الاسلام؛ عائشة أم المؤمنين وأسماء ذات النطاقين نموذجا.

* الإخلاص النبوي المنقطع النظير لهجرته متجليا في أبهى صوره عندما يقول لأبي بكر: الراحلة بالثمن واستقر الثمن دينا عليه وهو درس للدعاة الى الله أنه لا ينبغي أن يكونوا عالة في وقت من الأوقات فهم مصدر البذل والعطاء.

* الهجرة برهان من معاني التأييد الإلهي بتسخير الأسباب لنصرته صلى الله عليه وسلم بالرجال والنساء والغلمان والحيوان بل حتى بأوهن البيوت: بيت العنكبوت إلى ان استقر في الغار وخرج منه سالما غانما حيث أعمى الله منهم البصائر والأبصار حفظا ورعاية لنبيه المختار حتى وصل إلى جنوده المهاجرين والأنصار، يقول الشيخ محمد الغزالي: والجنود التي يخذل بها الباطل وينصر بها الحق ليست مقصورة على نوع معين من السلاح ولا صورة خاصة من الخوارق إنها أعم من أن تكون مادية أو معنوية وإذا كانت مادية فإن خطرها لا يتمثل في فخامتها فقد تفتك جرثومة لا تراها العين بجيش ذي لجب (وما يعلم جنود ربك إلا هو).

* قوة توكله ويقينه في الله حيث قال لصاحبه: (لا تحزن إن الله معنا) فصدق عليهما قول الباري جل وعلا: (إنني معكما أسمع وأرى).

* عظيم تفاؤله المتجلي في تبشير سراقة بفتح بلاد فارس وأنه سيلبس سوارين من أسورته بعد أن تبعهما رغبة في اغتياله والإتيان برأسه تحقيقا لمراد قومه ونيلا للجوائز الموضوعة في عظيم شأنه.

* ضخ الأموال ووضع الجوائز لقتله صلى الله عليه وسلم سنة أهل الباطل الماضية في محاربة الإسلام وصدق الحق جل وعلا: [فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون] وكذلك كان، وسيكون اليوم بإذن الله، إذا عدنا إلى ربنا وتشبتنا بتعاليم ديننا بصدق وإخلاص.

* معجزات في طريق هجرته تجلت في سيخ وغرق قوائم فرس سراقة وحليب شاة أم معبد…

* ثقته في الصديق الأكبر جعلته يخصه بالصحبة في أعظم أسفاره، وجعلته مستودع أسراره، وصندوق عظيم أخباره رضي الله عنه وأرضاه.

* الغاية العظمى من هجرته تأسيس مجتمع لرسالته ودولة تتحمل أعباء دعوته.

* الأسس التي أسس عليها المجتمع المدني ثلاثة:

* بناء مسجد وجامعة للتعلم والتعليم لتعبيد الخلق للرب العظيم.

* المؤاخاة بين المهاجرين والانصار.

* عقد معاهدات مع غير المسلمين…

* الهجرة فاتحة خير وبركة لتاريخ جديد على أمة الإسلام لا مجرد فرار من المحن أو هروب من العدو قال العلامة ابن كثير: (اتفق الصحابة رضي الله عنهم في سنة ست عشرة وقيل سبع عشرة أو ثماني عشرة في الدولة العمرية على جعل التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة وذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رفع إليه صك أي حجة لرجل على آخر وفيه أنه يحل عليه في شعبان فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها أو السنة الماضية أو الاتية؟ ثم جمع الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك فقال قائل: أرخوا كتاريخ الفرس فكره ذلك وكان الفرس يؤرخون بملوكهم واحدا بعد واحد. وقال قائل: أرخوا بتاريخ الروم وكانوا يؤرخون بملك (بضم الميم) الإسكندر المقدوني فكره ذلك. وقال وآخرون: أرخوا بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال آخرون بمبعثه وقال آخرون بل بهجرته وقال آخرون بل بوفاته فمال عمر رضي الله عنه إلى التاريخ بالهجرة لظهوره واشتهاره واتفقوا على ذلك (البداية والنهاية 3/226).

✍ قلت: فانظر إلى العزة الإسلامية المتجلية في التميز والاستقلالية وعدم الاعتماد على تاريخ الغير تأصيلا واجتنابا للتبعية واعتزازا بأحداثهم الجسام ووقائعهم العظام التي عاشوها مع نبيهم عليه الصلاة والسلام، ثم انظر ما فعل المستعمر بتاريخ الأجداد اليوم كيف طمسه؟ وعن الحياة نحاه ورفسه.. والله المستعان، فاعتبروا يا أولي الأبصار والأذهان.

* فرح أهل المدينة بقدومه الميمون وإطلالته البهية، يقول الشيخ الغزالي: ( يا عجبا لنقائض الحياة واختلاف الناس أن الذي شهرت مكة سلاحها لتقتله ولم ترجع إلا مقهورة، استقبلته المدينة وهي جزلانة طروب وتنافس رجالها يعرضون عليه المنعة والعدة والعدد)

✍ قلت: إنه التأييد الرباني والمدد الرحماني.

* من معاني الهجرة الجلية، هجر الباطل وأهله والدفاع عن سيد البشرية، في كل زمان ومكان، وخصوصا الملاحدة من بني علمان، المظهرين للإسلام والإيمان والمبطنين للزندقة والكفران. والمتطاولين على سيد ولد عدنان. فما أقبح السكوت عنهم في هذا الزمان. وخصوصا من العلماء والمؤسسات الرسمية والله المستعان..

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. وكذلك من الأمور التي بادر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة المنورة هي إيخاؤه بين المؤمنين مما قوى أفراد المجتمع.فاللهم ألف بين قلوب علمائنا واسلل سخائم قلوبهم ووحد كلمتهم وبارك في جهودهم إنك ولي ذلك والقادر عليه.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M