د.الودغيري يكتب “انحراف في التفكير” ردا على رغبة لشكر فرض عقوبات على مقاطعي الانتخابات

31 يوليو 2021 15:36
د.الودغيري يكتب "انحراف في التفكير" ردا على رغبة لشكر فرض عقوبات على مقاطعي الانتخابات

هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري

نُقِل عن قائد حزب عتيد تصريحٌ قيل فيه: إنه «مع التفكير في فرض عقوبات زَجرية على مُقاطِعي الانتخابات في حال استمرار العزوف».

رحمَ الله ذلك الزمن الذي كان فيه للسياسة معنى، وكانت الأحزاب الوطنية الحقيقية تفسِّر العزوف عن المشاركة في الانتخابات، بيأس المواطنين من العملية السياسية الفاسدة، واحتجاجهم الصامت على سلوك أجهزة الإدارة التي تتدخل في عملية التصويت وطبخ النتائج وتزوير إرادة الناخبين وإفراز نخّب مزوّرة فاقدة للمصداقية. وكان لذلك التفسير معقولية ومقبولية تؤكدهما الوقائع والأحداث.

أما اليوم، وقد تمّ تدجين تلك الأحزاب، واٌدمِجت المعارضة في الأغلبية، ودخل الجميع في بيت الطاعة، واختلطت الأوراق والألوانُ، وتشابكت الخيوط، وفسدت لعبة السياسة، وسقط القناع عن الوجه المغشوش لكثير من السياسيّين، ولم يعد (الزعماء) يخشون شيئا سوى أن يُقذَف بهم بعيدًا عن سلطة الكراسي، فلا عجبَ أن يصبح العزوفُ في نظر هؤلاء خطيئةً يرتكبها المواطن، وجريمة يُعاقَب عليها الناخب ويُبرّأ منها المنتخَب، ولا يؤاخَذ بها السياسي الفاسد.

والله لا أكاد أصدق درجة الانحراف الخطير في تفكير أمثال هؤلاء (القادة) وسلوكهم السياسي، بعد أن وجدوا أنفسهم في غفلة من الزمن، على رأس أحزاب كان لها بالأمس القريب، طنينٌ ورَنين، ودور كبير في صنع تاريخ المغرب الحديث.

ألم يجد هؤلاء وقتا كافيا، في زحمة الجري وراء المقاعد والمناصب، لكي يتأمّلوا ويبحثوا في الأسباب الحقيقية لهذا العزوف وهذه اللامبالاة التي يقابل بها المواطنون ذلك الضجيج الصاخب الذي تصنعه مواسمُ الحملات الانتخابية، ويفكروا في حلول صحيحة لها بدل المجازفة بالدعوة إلى زَجر العازفين واليائسين والغاضبين، وسنّ العقوبات والغرامات لإرغامهم إرغامًا على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وسلب حقهم وحريتهم الشخصية في التعبير بالصمت والمقاطعة؟ ألم يكفهم ما فعلوه من قبل عندما أقدموا على تغيير نظام الانتخابات وتفصيله على مَقاسهم، حين قرّروا -بمنطق غريب- احتساب أصوات المسجّلين في اللوائح لا أصوات المشاركين الفعليّين في عملية الاقتراع؟ أبمثل هذه المجازفات الخرقاء، يظنون أنهم قادرون على إصلاح أعطاب السياسة في البلاد وحمل الناس على إعادة الثقة في العملية الانتخابية والطبقة السياسية؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M