د.بنكيران يكتب: حادثة “فقيه بادية طنجة”.. مقرئ القرآن وتهمة الاغتصاب

22 سبتمبر 2020 10:21
د.بنكيران يكتب: حادثة "فقيه بادية طنجة".. مقرئ القرآن وتهمة الاغتصاب

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

الفعل القبيح والمنكر المشين يزداد شينا وقبحا ونكارة في بعض الأحوال، ومع بعض الأشخاص وفي بعض الأماكن،

فأن تكون الضحية المغتصبة طفلة فهذه قبيحة ما بعدها قبيحة، والاغتصاب في القانون المغربي هو مواقعة رجل لامرأة كرها، فكيف إذا كانت المغتصبة طفلة!!؟

وأن يكون عدد المغتصبات ست طفلات بدل واحدة فلا جرم أقبح بعد هذا الجرم،

وأن يكون المغتصب للبنات الصغيرات معلما لهن فإن الكلمات تختفي لتصف قبح الغدر والخيانة التي صدرت من المغتصب،

وأن يكون المغتصب للتلميذات الصغيرات معلما للقرآن فإنها جرائم بعضها فوق بعض، تكاد أن تخر الجبال من هذه الجرائم هدّا.

والإسلام يفرق بين جريمة وجريمة وإن كان الفعل الجرم المجرد هو نفسه بين الجريمتين؛ فالزنا هو حرام وكبيرة، ولكن أن يكون هذا الفعل وقع مع زوجة الجار وحليلته مثلا، فهنا فعل الزنا يقبح ليصير أفحش الزنا، ففي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ ؟
قَالَ : ” أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ “. ثُمَّ قَالَ : أَيُّ ؟ قَالَ : ” أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ “. قَالَ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : ” أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ “. فالزنا مع زوجة الجار من أعظم الذنوب جاء بعد الشرك بالله وقتل الأب ولده.

من حيث قضاء الدنيا ، فإن معلم القرآن الذي يقال إنه اغتصب الطفلات الست يستحق أشد العقوبات الممكنة، فهو مغتصب للعرض هاتك له، وغادر بالثقة التي وضعها الأباء والمجتمع فيه، وخائن لأمانة التعليم، ومستهزئ بمضمون ما يعلمه وهو القرآن الكريم، فجريمته لها تداعيات كثيرة على المجتمع فضلا عن المظلومات البريئات، فلو رأت مؤسسة القضاء عقوبة الإعدام لكان لاجتهادها ما يسوغه من باب التعزير المشروع.

هذا كله نقوله ونرفع به أصواتنا، ولا نحابي فيه أحدا.

ولكن كل ما ذكر هي مجرد اتهامات صدرت من أمهات الطفلات لم يثبت منها إلى حد الساعة شيء، بل وجدنا أن شهادة الناس في الموضوع قد تضاربت فيما بينها، وفسرت الحادثة بأنها تصفية حسابات بين عائلات راح ضحيتها “فقيه طنجة”، وجاءت نسوة أخريات من نفس المكان تكذبن ما قيل في حق هذا “الفقيه” وتبرئ ساحته، وصرحت تلميذات أخريات بشهادة تصف “الفقيه” بالسلوك الحسن الذي ينفي تلك التهم الثقيلة البشعة.

وإذا كان جرم “فقيه طنجة” – إن صح ما اتهم به – يقبح للاعتبارات آنفة الذكر فإن الكذب عليه في المقابل يكون جريمة خطيرة يستحق من خطط لها أشد العقوبات الممكنة أيضا، فلا يمكن أن تمر عقوبة الكذاب القاذف لعرض “الفقيه” والمزعزع ثقة الناس والمجتمع في معلم القرآن بعقاب لا يناسب حجم الضرر الذي ترتب عن كذبه بغض النظر عن الهدف من وراء كذبه.

وواجب المسلم اليوم أن يقف موقفا محايدا في هذه الحادثة وغيرها، فالمتهم بريء حتى يثبت جرمه بالدليل القاطع، ومن وقع في الذنب يستحق العقوبة بعد ذلك.

ولكن لا يفوتني أن أشير إلى أمر يلحظه كل متتبع لهذه الواقعة وغيرها من الواقائع التي تصنف في دائرة وقائع ذات الرأي العام، أن فئة من الناس تريد أن تجعل من قضية “فقيه طنجة” محاكمة للكتاتيب القرآنية وللمعلمين ومحفظي القرآن، فإدانة هذا الفقيه إن ثبتت فهي إدانة لهذه الكتاتيب ومقرئين القرآن حسب زعمهم ومدلول كلامهم.

ولعمري فإن هذه مغالطة قبيحة تخبر عن النيات السيئة المبيتة لمحاضن القرآن وأهله، ولا يمكن بحال أن تنطلي هذه المغالطة على المجتمع المغربي الذي يرفض أن يستغفله أحد ويستحمره ويمرر عليه تلك المغالطة الخرقاء، فجريمة المجرم تخصه لوحده، ومن الظلم معاقبة الجميع بجرم الفرد الواحد.

ولو عممنا هذا الفهم السقيم لأبطلنا وظائف شريفة لخطأ بعض أفرادها، فمهنة الطب مثلا أو الأمن أو القضاء، فكم من طبيب أو رجل أمن إو قاض تورطوا في جرائم يندى لها الجبين، ولو حكمنا على الوظيفة بسلوك الموظف لما سلمت لنا أبدا في الدنيا وظيفة شريفة.

وفي الختام نقرر:

أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته

أن جريمة المدان تخصه لوحده، ولا يعاقب أبرياء بسبب مدان واحد.

أنه لا علاقة لكتاتيب القرآن بجريمة الاغتصاب. ومن يربط بينهما ربط النتيحة بالسبب فإنه مختل عقليا أو حاقد على الإسلام محارب للقرآن عدو لله عليه لعنة الله والملائكة وصالح المؤمنين أجمعين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M