د. رشيد بنكيران يكتب: همسة في أذن أئمة صلاة التراويح

12 مايو 2019 18:54
د. بنكيران تعليقا على ندوة الحريات الفردية الممولة من طرف الاتحاد الأوروبي: قل لي من الممول أقول لك ماذا يحاك لك ويخطط لك

هوية بريس – د. رشيد بنكيران

انتشر في هذه السنوات الأخيرة تصوير الإمام وهو يصلي بالناس صلاة التراويح… إما أن يصور الامام نفسه بتثبيت كاميرا باتجاهه أو بتوكيل من يقوم بذلك.
وأود في هذا المقال أن أسلط الضوء على جوانب مهمة تتعلق بهذه المسالة أو بهذا العمل، يحسن بمن يقدم عليه من الأئمة في المساجد والقراء أن يكونوا منها على ذكر.
بين يدي النظر في هذه المسألة أمور ينبغي الانتباه إليها:
1 – إن المسألة قيد النظر فيها ليس فيها نص شرعي ولا قول إمام من الأئمة المتبوعين، والسبب واضح في ذلك وهو عدم وجود الكاميرا في زمانهم؛
2 – إن هذه المسألة ليس من باب العبادات وإنما هي من باب العادات؛
3 – إن العلماء المعاصرين اختلفوا في حكم التصوير بآلة التصوير الحديثة بين محرم وبين مجوز ، إلا أنه في هذه الكلمة نتبنى رأي من قال بالجواز – وهو ما أدين الله به – ولهذا لا نعرج عن حكم تصوير الإمام وهو يصلي بالناس من هذه الجهة.

وبعد هذا التنبيه الذي كان الغرض منه بيان جوانب المسألة “تصوير الإمام وهو يصلي بالناس صلاة التراويح” يحسن بنا أن نتناول النظر فيها من جهة المقاصد والنيات، ومن جهة المصالح والمفاسد، فهما المدخلان المؤثران والموصلان إلى الحكم الشرعي في هذه المسالة لمن يرغب في معرفته، وبيان ذلك:
▪ جهة المقاصد والنيات:
إن تصوير الإمام وهو يصلي بالناس وإن كان في أصله أنه من العادات، والأصل فيها الإباحة، إلا أنه ارتبط بعبادة عظيمة، والتي يطالب فيها المصلي ـ وهو يقوم بها ـ بالإخلاص التام لله جل جلاله، والإمام الذي يصور نفسه وهو يصلي بالناس يعرض نفسه للثناء والمدح من طرف الغير وجلب المزيد من عبارات الإعجاب المرتبط بعبادته..
فإذا كانت نية الإمام وقصده من تصوير نفسه وهو يصلي بالناس أن يقال له ما شاء الله وتبارك لله ومزمار من مزامير داود … فلا شك أنه وقع في المحضور وضاعت عليه عباداته، وكان ما قام به من تصوير… لا يجوز، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه….رجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟
قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن.
قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل.
ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار»
وأما إذا كانت نية الإمام وقصده هو ترغيب من سمع تسجيله إلى أن يحضر للصلاة ويشارك الناس في صلاة التراويح ويكثر عدد المصلين في المساجد فهذا القصد حسن وهو مأجور عليه غير مأزور.
ونية المرء أمر لا يطلع عليها إلا علام الغيوب، وقد تظهر بعض أمرأتها أحيانا وقد لا تظهر أحيانا أخرى، ولكن الشيء المقرر عند السلف هو خوفهم الشديد من النية ومعالجتها، ولهذا كانوا يحبون أن يخفوا أعمالهم الصالحة وقرباتهم خشية الوقوع في الرياء والشرك الخفي الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم.
▪ جهة المصالح والمفاسد:
نادر هي المصالح الخالصة أو المفاسد الخالصة كما يقال، ولكن العبرة بما يغلب، وتصوير الإمام وهو يصلي بالناس لا يخرج عن هذا الأمر، فهو يتضمن مصالح ومفاسد؛
فمن المصالح المرجوة:
ـ إظهار شعيرة صلاة التراويح في مواقع التواصل الاجتماعي؛
ـ دعوة المتخلفين أو الغافلين عن هذه الصلاة إلى حضورها؛
ـ تنافس الأئمة في المزيد من إتقان تلاوة القرآن وهو أمر محمود من حيث هو، وقد أقرته السنة النبوية، فقد ثبت في الصحيح عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «لَوْ رَأَيْتَنِي يَا أَبَا مُوسَى وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاءَتَكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُعْطِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ». قَالَ: قُلْتُ أَمْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّكَ تَسْمَعُ لِقِرَاءَتِي لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا.
ومن المفاسد المتوقعة:
ـ تكلف الإمام في ترتيل القرآن لعلمه أنه يتم تسجيله وتصويره؛
ـ مظنة ذهاب خشوع الإمام للسبب نفسه، وخشوع الإمام في صلاته يؤثر على المأمومين؛
ـ تعريض الإمام نفسه إما للإطراء المبالغ فيه أو الذم غير المنصف مما ينتج عن الأمرين إذاية نفسية له.
وأخيرا أقول: بين المقاصد والنيات، وبين المصالح والمفاسد ينظر كل إمام يصور نفسه وهو يصلي بالناس إلى أي جهة هو أقرب، وليزن قصده وفعله وباطنه وظاهره على ما ذُكر، ولا يخفى على من طلب السلامة ماذا عليه أن يفعل.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. ومذا عن الحاكم الذي يجيش له كل قنواته لاستظهار تدينه فيما المصورون والمعلقون عنها غياب … أما بخصوص ما سنه كدروس حسنية – على اسمه – فالمحاضر يحاظره لوحده فيما المتحلقون ديكورات ليسوا إلا … وقد قيل أن العلم يؤتى له ولا يأتي لأحد ما لم تكن دروسا خاصة – وهي للحاكم تنبيهات وتوضيحات ونصائح مختلات – لا أن تكون دروسا مقولبة تلوي الآيات ليا لإقحام اللامفيد بأنه هو المفيد …

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M