ذة. وصال تقة تكتب: وأتزوج النساء..

15 فبراير 2019 17:34
ذة. وصال تقة تكتب: وأتزوج النساء..

هوية بريس – ذة. وصال تقة

“#دعها تعنس”
حراك اجتماعي جديد، وحملة من تلك الحملات التي أصبحت تسري مسرى النار في الهشيم في مواقع التواصل، فتلقى إقبالا واسعا من شريحة كبيرة من الشباب، قد تقاسموا نفس الهموم، وتواطئوا على تقديم الحلول، أو على الأقل تشاركوا التعبيرعن شجبهم وتنديدهم ورفضهم لظاهرة من الظواهر المجتمعية المستشرية في عالم ما يفتأ يتغير ويتحول وتنقلب موازينه.

قد نفهم ونتقبل أن يدعو المجتمع المدني إلى حملة مقاطعة لبعض المنتجات على اعتبار غلائها في السوق، فالمستهلك غير ملزم بالخضوع إلى مساومات المنتج، وغير مضطر إلى أن يُفرض عليه ما عليه أن يستهلكه، خاصة مع تنوع المنتوجات، وكثرة البدائل. بل إن هذه الحملات قد تذكي روح المنافسة بين المنتجين أوالمستثمرين، وقد تحد من الاحتكار والجشع واستنزاف المستهلك. لكن أن تعمم التجربة لأجل مقاربة القضايا المجتمعية الحساسة؛ فيكون التحريض على منع ما أحل الله، وما جعله سببا للسكن وللمودة والرحمة مصداقا لقوله سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]، وما نصح به النبي صلى الله عليه وسلم شباب أمته حلا للغض من البصر، وللإحصان في قوله عليه أفضل الصلاة والتسليم: “يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء” (رواه البخاري ومسلم)؛ فهذا ما لايرضاه مسلم حق، وما لا تقبله الفطر السليمة والعقول الحكيمة.

أليس من العته والاعتباطية أن تكون مقاطعة الزواج؛ وسيلة للحد من ارتفاع تكاليفه، وأن يكون الحث على “تعنيس” النساء، الذي هو في حد ذاته “تعنيس” للرجال؛ مأتى للحد من المغالاة في المهور، وأن تكون الرغبة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ مطية للانتقام من النساء؟

ثم لماذا يفترض أن يشار بأصبع الاتهام إلى الفتيات، وتحميلهن كل المسئولية فيما آلت إليه الأوضاع من اشتراطات مجحفة، وطلبات خيالية تعجيزية مثقلة للكاهل؛ في حين أن الأمر مسئولية منظومة مجتمعية برمتها قد تعارفت على كم من الشروط، وتواطأت على ترتيبات ومتطلبات وسار الأمر على ذلك لعقود؟

بل هذا يجرؤنا على المساءلة: ما الذي جعل العوائل تتعارف على هاته الشروط وتجعلها وسيلة لضمان حقوق بناتهم؟ وما الذي أوصل الناس إلى درجة من التخوين، وعدم الأمان، والتوجس الدائم، وأخذ الحيطة؛ باختراع – في بعض المجتمعات- القائمة، ومؤخر الصداق، و”النيش” وغيرها من “المعجزات المثبطات” التي جعلت من الزواج حلما بعيد المنال؟

صحيح أن الشارع الحكيم -الذي جعل الصداق تكريما للمرأة، وتفريقا به بين النكاح الحلال والمخادنة- لم يحدده بمقدار، وإنما جعل ذلك محتكماً فيه إلى العرف والعادات، وسماه في حالاتٍ مهرَ المثيلة. وصحيح أن أيسرهن صداقا؛ أكثرهن بركة، مع مراعاة الحريات الشخصية في التقليل أو الاستكثار، إذ ليس هناك أي نهي صريح ظاهرعن اشتراط صداق يشابه المماثلة، وليس هناك أي أمر للنساء بأن يعتنقن الزهد ويتنازلن عما يرينه حقا لهن، إلا أنه من عجيب ما ترسخ في أذهان الرجال، وما جعلوه قاعدة ملزمة للنساء لا تحيد عنها إلا مارقة؛ أنه يكفي الفتاة شرفا وعزا أن يطرق بابها من ينقذها من عزوبيتها ووحدتها، وربما مِن تأخر الزواج؛ فثواب هذا الطارق المتفضل عليها، أن تقبل منه بالهزيل من المهور، وأن تُقبل- باشة طربة – على شظف العيش معه، وإن كانت قلة ذات يده ليس من فقر ولا من تصاريف الأقدار، وإنما من كسل وتقاعس وتقصير في طلب الرزق، أو بسبب اقتناعه بوجوب تخلّيها عن مهر مثيلاتها والاكتفاء بما يجود به عليها من قروش. فإن أبت؛ اتهمها في ديانتها وأخلاقها. وأما إن كانت أرملة أو مطلقة، إن هو تكرم وتفضل “بالإحسان” على مضض إليها، والقبول بها زوجة على ما هي عليه من وصمة عار وشنار ألصقها بها المجتمع العقيم، فكلامها إن هي تكلمت عن الصداق أو عن القوامة والإنفاق؛ ضرب من الخبل ومن التطلب ومن استعطاء ما لا تستحقه، وإنما قد تكون ذات حظ وفير إن كانت ذات مال، فتنفق على نفسها وعليه، وتشتري بمالها متفضلا يرفع عنها سخمة الترمل أووصمة الطلاق. ولو شاءت السنة الكريمة أن تجعل تنازل المطلقة أو الأرملة عن مهرها مقابلا للزواج؛ لبينت ذلك ولكان الامتثال إليه مما تتشرف به، ولو شاء الشارع أن يحدد الصداق في عتبة لا يجب تجاوزها، وفي مبلغ أو مقدار مسمى؛ لكان الأمر بذلك في كتاب الله وسنة رسوله، شأنه شأن الديات والمواريث والكفارات وغيرها مما جاء تفصيل مقداره. ولو كان محددا بالقلة؛ لما ميّزه الله بالقنطار في قوله جل وعلا: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا }، ولما هدى من لم يستطع الطول (أي القدرة والسعة) إلى أن ينكح من ملك اليمين، وإلا لكان أمَر النساء بالتنازل عن المهور أو التخفيف منها قدر استطاعة الخاطب المعوز. فالطَّول يستلزم المقدرة على المناولة، ومادامت هذه المقدرة مفقودة مع صنف من النساء ، فليبحث عند غيرهن.

خلاصة الأمر، أنني لست بصدد التحريض على ارتفاع المهور، ولا لأجل تكريس الأعراف المجحفة، والتواطؤ مع الاشتراطات المعجزة، فالعاقل الحكيم المتأمل في أحوال المجتمع؛ يفطن إلى ما تسببت فيه العادات المشينة والتقاليد الظالمة من خراب بيوت، وانتشار الفساد، وتأخر الزواج على الجنسين معا، وتعسير على الشباب، ومطالبتهم – ذكورا وإناثا – بما لا يلزمهم، بل بما لا ينفع وسيلة لحفظ الحقوق، فالمحاكم تشي بأنه حينما تستحيل العشرة، وتتنافر الأرواح، فلا شيء سيقف أمام فراق وشيك، ولا أسهل من بذل المال لأجل الخلاص من حياة ما أرادها الله سجنا مؤبدا، فيهون في مقابل ذلك مؤخر الصداق وإن كان قنطارا، ويسهل على النفس التنازل عليه وعلى كل الممتلكات شراء لروح؛ حياتها في حريتها وفي مبعد عما يسبب تعاستها ويهدد سكينتها.

وإنما هي محاولة للحث على مراجعة الغاية والدافع من هذه الحملة، وبيان الحقيقة التي تغيبها الحماسة والنزق والاستعجال في طلب الحلول، والنشاط إلى التكالب على الآخر، واهتبال الفرصة للإزراء به والتطاول عليه، ألا وهي أن الهجوم لا يكون على الدوام وسيلة للدفاع، فرب هاجم ينال من نفسه قبل الخصم، ويزري بنفسه وقد رام الإزراء بالبرآء، وأن الحياد عن شرع الله لا يصنع الحلول، وأن الزهد والتزهيد في الزواج ليس يفعل أكثر من تعميق الهوة وإدماء الجراح، وأن راغبا عن سنة الزواج مرغبا عنها قد صنف نفسه فيمن تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيما قاله:
((وأتزوَّجُ النساء، فمن رغِب عن سنتي، فليس مني)).

(المصدر: “مركز إرشاد للداراسات والتكوين“).

آخر اﻷخبار
7 تعليقات
  1. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد الذي فهمت من هذا المقال انه يدعو إلى عدم الإنسياق وراء حملة “#دعها تعنس” لما في هذه الحملة من أظرار على الشباب والشابات ولما فيها من مخالفة للفطرة فهذه الحملة قد تكون باب من أبواب الشيطان يدخل فيها المقاطعين إلى بيوت العار والفساد ( الدعا… ) لاكن في المقابل لماذا إرتفعت العنوسة في المجتمع أنها أزمة أخلاق قبل أن تكون أزمة صداق فما ينفق الشباب على الخليلات في المقاهي يمكن أن يكون صداق لأربعة زوجات أن شباب اليوم وجدو البديل المعشوش عن الزواج انه العشيقات اللواتي أفسدتهن المسلسلات المكسيكية وتركية ووو والاختلاط في المدارس ووسائل التواصل و إبعاد الدين عن الحياة العامة في الحقيقة فكلاهما أي الشباب والشابات هم ظحايا يجب أنقاضهم
    من براتين العنوسة وذلك بتشجيع على الزواج من طرف عقلاء هذه الأمة وأغنياءها وتيسير أمور الزواج من طرف عائلات الفتيات وإعادة الأمة إلى أخلاق الذين الحنيف أعطيكم مثال عن نفسي فأنا منذ أكثر من سنة وانا ابحث عن زوجة صالحة فلم أجد ما أطمح إليه لا أقول أن المجتمع ليس فيه الصالحات فما خلت أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الخيرات والخيرين فقط أصبحو قلة في زمن الفتن والسلام والله أعلم

  2. بسم الله أقول: صاحبة المقال الأخت وصال تقة أستاذة اللغة الفرنسية علقت على من نادى بمقاطعة الزواج من النساء خليها تعنس بسبب غلاء المهور وجاءت بكلام جانبت فيه الصواب كقولها: صحيح أن الشارع الحكيم -الذي جعل الصداق تكريما للمرأة، وتفريقا به بين النكاح الحلال والمخادنة- لم يحدده بمقدار، وإنما جعل ذلك محتكماً فيه إلى العرف والعادات، وسماه في حالاتٍ مهرَ المثيلة. وصحيح أن أيسرهن صداقا؛ أكثرهن بركة، مع مراعاة الحريات الشخصية في التقليل أو الاستكثار، إذ ليس هناك أي نهي صريح ظاهرعن اشتراط صداق يشابه المماثلة، وليس هناك أي أمر للنساء بأن يعتنقن الزهد ويتنازلن عما يرينه حقا لهن.. ولو شاء الشارع أن يحدد الصداق في عتبة لا يجب تجاوزها، وفي مبلغ أو مقدار مسمى؛ لكان الأمر بذلك في كتاب الله وسنة رسوله.. ولو كان محددا بالقلة؛ لما ميّزه الله بالقنطار في قوله جل وعلا: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا }، ولما هدى من لم يستطع الطول (أي القدرة والسعة) إلى أن ينكح من ملك اليمين، وإلا لكان أمَر النساء بالتنازل عن المهور أو التخفيف منها قدر استطاعة الخاطب المعوز. فالطَّول يستلزم المقدرة على المناولة، ومادامت هذه المقدرة مفقودة مع صنف من النساء ، فليبحث عند غيرهن.. والعجيب الغريب أن أمر العنوسة أزعج الأخت من خلال نبرتها في تحليل ظاهرة خليها تعنس.. ولتوضيح ما جانبت فيه الأخت أستاذة اللغة الفرنسية الصواب نبدأ بعون الله تعالى على البيان التالي: أولا أقول للأخت: لا تستصعب مخالفة الناس والتحيّز إلى الله ورسوله ولو كُنتَ وحدَك؛ فإنَّ الله معك”. [ابن القيّم رحمه الله – الفوائد: صـ ٣١٩] وثانيا الأخت قالت أن المهر لم يحدده الشرع بمقدار وإنما جعلت ذلك محتكماً فيه إلى العرف والعادات، وسماه في حالاتٍ مهرَ المثيلة.. وأنا أستغرب من استنباط أستاذة اللغة الفرنسية هذا فالأصل في المهر التيسير لا المغالاة.. وكثرة الصداق لو كان فيها شيء من المصلحة للمرأة وأوليائها فإن ما يترتب على ذلك من المفاسد يربو على تلك المصلحة إن وجدت.. والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.. والشباب أعيتهم الأسباب فلم يقدر وا على هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان.. وهو تكليف فوق طاقتهم.. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر.. ثم بأي عرف وعادة يا أستاذة اللغة الفرنسية نحتكم وهو من تسبب بعنوسة نسائنا وعزوف شبابنا عن الزواج.. ولا شك ولا ريب أن من أكبر الأسباب المغالاة في المهور التي استدللت له بتلك الآية: وآتيتم إحداهن قنطارا.. وهذا استدلال في غير محله.. ومهر المثل عند الفقهاء (أو ما اصطلحت عليه بمهر المثيلة) جعلوا له حالات وأنت عممتيه وخلطتيه بالمهر وما وضحتيه حتى لا يختلط الأمر على الناس.. بل وجوزتيه من دون تقييد كما فعل فقهاء الشريعة حيث خصصوا له حالات ستة عن المهر المتعارف عليه لدى عموم الناس وهي: يجب مهر المثل كله فيما يلي:
    1- إذا عقد الرجل على زوجته ولم يسم لها مهراً.
    2- إذا تزوج امرأة على أن لا مهر لها فيجب لها مهر المثل بالدخول أو الموت قبله.
    3- إذا عقد عليها وسمى لها مهراً محرماً، أو مجهولاً، أو غير مقدور على تسليمه، أو غير مال كميتة، فيجب لها مهر المثل بالدخول أو الموت قبله.
    4- المكرهة على الزنا.
    5- الموطوءة بنكاح باطل كالخامسة، والمعتدة، والموطوءة بشبهة.
    6- إذا توفي الزوج بعد العقد وقبل الدخول، ولم يفرض للمرأة صداقاً، فلها مثل صداق نسائها، وعليه العدة، ولها الميراث.
    وزدت الطين بلة بقولك: ليس هناك أي نهي صريح ظاهرعن اشتراط صداق يشابه المماثلة.. واستدللت له يا استاذة اللغة الفرنسية بالآية: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا.. وهذا خطأ منك بين وظاهر فالآية إنما تدل على جواز أن يكون المهر كبيرًا إذا تيسر ذلك للزوج وكان في قدرته، لا أن الأصل هو المغالاة في نفقات الزواج ومؤنه.. وهذا تخبط منك فمن تكلم في غير فنه يا أستاذة اللغة الفرنسية أتى بالعجائب.. ولحد الآن حسب اطلاعي البسيط ما علمت أحدا من أهل التفاسير المعتبرة استدل بالآية السابقة على مهر المثل كما سماه فقهاء الشريعة او ما اصطلحت عليه بمهر المثيلة.. بل بعض أهل التفسير كالتفسير الكبير.. لما فسر آية: وآتيتم إحداهن قنطارا.. ذكر فيها مسائل خمسة وعند المسألة الثالثة قال: هذه الآية يدخل فيها ما إذا آتاها مهرها وما إذا لم يؤتها، وذلك لأنه أوقع العقد على ذلك الصداق في حكم الله، فلا فرق فيه بين ما إذا آتاها الصداق حسا، وبين ما إذا لم يؤتها.
    فالآية وردت في المرأة التي يريد الزوج أن يطلقها ، وكان قدر لها مهراً ، فلا يجوز له أن يأخذ منه شيئاً دون رضاها ، مهما كان كثيراً ، فقد قال تعالى: ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وءاتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ) فالآية وردت في وجوب المحافظة على صداق المرأة وعدم الاعتداء عليه، وما جاء من الأحاديث النبوية الشريفة في تخفيف المهر وعدم المغالاة فيه.. لا ينافي بوجه من الوجوه عدم الاعتداء على المهر بحكم أنه صار حقاً لها بمحض اختيار الرجل، فإذا خالف هو، ووافق على المهر الغالي فهو المسؤول عن ذلك دون غيره.. فشرعنا الحكيم لا يحابي أحدا.. ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا..
    ثم إن مهر المثل من المسائل الخلافية بين الفقهاء التي غفلت عنها ولم تتطرقي لها بشيء من التوضيح.. ومررت عليها مرور الكرام.. وقد أجاز الله سبحانه في آيات أخر للمرأة أن تتنازل لزوجها عن صداقها كله، أو بعضه، فقال تعالى: ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/4.
    قال القرطبي في تفسيره (5 /24 ): ” قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) مُخَاطَبَةٌ لِلْأَزْوَاجِ، وَيَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا: جَائِزَةً، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ “.
    قال في “حاشية الروض المربع” (6/392) :
    “وإن عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها، أو عن بعضه، أو وهبته إياه بعد قبضه، وهي جائزة التصرف في مالها : جاز بلا خلاف، لقوله تعالى إِلا أَنْ يَعْفُونَ وقوله فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا “.
    وهذا العفو المقصود في الآية وفي كلام العلماء إنما هو العفو بعد العقد والاستحقاق، أو بعد القبض، أما إن أسقطته قبل العقد، فقد أسقطته قبل أن تملكه أو تستحقه، فالإبراء إذن غير صحيح.
    وهذا التنازل من المرأة عن المهر يشترط أن يكون برضاها ، فلا يجوز للزوج أن يكرهها على ذلك.
    قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 163): ” فَإِنْ طِبْنَ لَكُم عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ أي: من الصداق نَفْسًا بأن سمحن لكم عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه. فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا أي: لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة” انتهى.
    وقال الشنقيطي في “أضواء البيان” (1/167):
    “قوله تعالى: وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فأولئك هُمُ الظالمون. صرح في هذه الآية الكريمة بأن الزوج لا يحل له الرجوع في شيء مما أعطى زوجته، إلا على سبيل الخلع، إذا خافا ألا يقيما حدود الله ، فيما بينهما ، فلا جناح عليهما إذن في الخلع”.

    2
    2
  3. الغريب ان كاتبة المقال في امر الزواج وتعنيس النساء.. نسيت فعل شعيب عليه السلام مع نبي الله موسى عليه السلام في امر ابنتيه وكيف زوجه من احداهما بالاجارة وكيف تناست الاخت واقعة سعيد بن المسيب مع طالبه الذي قدم له ابنته واعطاه درهمين وطالبه فقير ليس له ما يعطيه او ينفقه.. كيف غاب عن الاخت عرض عمر رضي الله عنه ابنته على الصحابة من اجل الزواج.. وكيف غاب عن الاخت تبويب البخاري باب عرض المراة على الرجل الصالح لقصد الإعفاف والإحصان.. كيف نسيت او تناست وتغافلت الاخت عن مثل هذه الدرر الجميلة التي تنير قلوب الناس وتشرق طريقهم لتيسير الزواج وتخفيف المهور للشباب الصالح العفيف.. ولنا وقفة أخرى باذنه تعالى مكملة لما بدأناه في توضيح كلام الأخت استاذة اللغة الفرنسية… حول خليها تعنس..!!!؟

    2
    2
  4. بارك الله فيكم لا تنشروا لمن لم ليس من أهل الإستنباط والتحرير والتحقيق .
    فليس كل من أجاد اللغة العربية قادر على أن يكتب في دين الله تعالى .
    أشكر صاحب التعليق الأول على المتابعة .
    وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى

    2
    2
  5. بسم الله أقول: فتكملة لما سبق وأن أوضحته حول مهر المثل وحول ما كتبته الأخت في مقالها أعلاه.. أكمل ما بدأته مستعينا بالله تعالى في توضيح ما أبهمته الأخت أستاذة اللغة الفرنسية في قولها: صحيح أن الشارع الحكيم -الذي جعل الصداق تكريما للمرأة، وتفريقا به بين النكاح الحلال والمخادنة- لم يحدده بمقدار، وإنما جعل ذلك محتكماً فيه إلى العرف والعادات، وسماه في حالاتٍ مهرَ المثيلة. وصحيح أن أيسرهن صداقا؛ أكثرهن بركة، مع مراعاة الحريات الشخصية في التقليل أو الاستكثار، إذ ليس هناك أي نهي صريح ظاهرعن اشتراط صداق يشابه المماثلة، وليس هناك أي أمر للنساء بأن يعتنقن الزهد ويتنازلن عما يرينه حقا لهن.. ولو شاء الشارع أن يحدد الصداق في عتبة لا يجب تجاوزها، وفي مبلغ أو مقدار مسمى؛ لكان الأمر بذلك في كتاب الله وسنة رسوله.. ولو كان محددا بالقلة؛ لما ميّزه الله بالقنطار في قوله جل وعلا: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا }، ولما هدى من لم يستطع الطول (أي القدرة والسعة) إلى أن ينكح من ملك اليمين، وإلا لكان أمَر النساء بالتنازل عن المهور أو التخفيف منها قدر استطاعة الخاطب المعوز. فالطَّول يستلزم المقدرة على المناولة، ومادامت هذه المقدرة مفقودة مع صنف من النساء، فليبحث عند غيرهن.. فأقول: إن الشرع الحنيف يسر المهر وأمر بتخفيفه ورغب فيه بل وحدده النبي عليه الصلاة والسلام في أزواجه ومع بناته في اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً.. روى الإمام ابن ماجه رحمه الله تعالى أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في “صحيح ابن ماجه”.
    (لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق. . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه.
    وقد نبه على الزيادة عن مهور أزواج وبنات سيد البشر عليه الصلاة والسلام ورضوان الله عليهم جميعا الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في “مجموع الفتاوى” (32/194) ووصف من زاد وغالى في ذلك بأنه جاهل أحمق فقال: فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، وهذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة.
    وقال أيضاً رحمه الله تعالى في “الفتاوى الكبرى”: “وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ”.
    وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في “زاد المعاد” (5/178) بعض الأحاديث الدالة على تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال:
    فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله. . وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره.
    وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها أمر مخالف للشرع، والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة: وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة كثيرة من نسب الطلاق المرتفعة ونسب العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج المخيفة وازدياد الأمهات العازبات ونسب الإجهاض والأولاد المتخلى عنهم والأولاد اللقطاء وأطفال الشوارع و أبناء الزنا وذيوع الفساد وانتشار المتعة وزواج الفرند وزواج المسيار والزواج العرفي والأخذان وهلم جرا..
    وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية من نصوص الوحيين في نكاح الفقير.. والتخفيف من المهور.. قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.. وهذا يدحض ما قالته أستاذة اللغة الفرنسية في مقالها أي لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة؛ إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاما من معاصيه. فطلب رضا الله جل في علاه مقدم على رضا النساء وأولياء أمورهن وضريبة المغالاة في المهور والإمتناع عن تزويج الصالحين بحجة الفقر واضحة ومنكشفة للعيان.. فإن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.. وكم ممن تزوج غنيا فأفقره الله جل في علاه وكم ممن تزوج معسرا فأغناه الله جل في علاه والقصة كثيرة في هذا الباب.. قال ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح ؛ وتلا هذه الآية . وقال عمر – رضي الله عنه – : عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح ، وقد قال الله تعالى : إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله . وروي هذا المعنى عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أيضا . ومن حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ثلاثة كلهم حق على الله عونه المجاهد في سبيل الله ، والناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء . أخرجه ابن ماجه في سننه . فإن قيل : فقد نجد الناكح لا يستغني ؛ قلنا : لا يلزم أن يكون هذا على الدوام ، بل لو كان في لحظة واحدة لصدق الوعد . وقد قيل : يغنيه؛ أي يغني النفس . وفي الصحيح ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس . وقد قيل : ليس وعد لا يقع فيه خلف، بل المعنى أن المال غاد ورائح، فارجوا الغنى. وقيل : المعنى يغنهم الله من فضله إن شاء ؛ كقوله تعالى : فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ، وقال تعالى: يبسط الرزق لمن يشاء . وقيل : المعنى إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنا.. فهذه الآية دليل على تزويج الفقير ، ولا يقول كيف أتزوج وليس لي مال ؛ فإن رزقه على الله . وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد ، وليس لها بعد ذلك فسخ النكاح بالإعسار ؛ لأنها دخلت عليه ؛ وإنما يكون ذلك إذا دخلت على اليسار فخرج معسرا ، أو طرأ الإعسار بعد ذلك لأن الجوع لا صبر عليه ؛ قاله علماؤنا . وقال النقاش : هذه الآية حجة على من قال : إن القاضي يفرق بين الزوجين إذا كان الزوج فقيرا لا يقدر على النفقة ؛ لأن الله تعالى قال : يغنهم الله ولم يقل يفرق . وهذا انتزاع ضعيف ، وليس هذه الآية حكما فيمن عجز عن النفقة ، وإنما هي وعد بالإغناء لمن تزوج فقيرا . فأما من تزوج موسرا وأعسر بالنفقة فإنه يفرق بينهما ؛ قال الله تعالى : وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته . ونفحات الله تعالى مأمولة في كل حال موعود بها.. فالأخت عضلت بالفقر الرجل والمرأة من التزويج والآية موضحة للأمر.. ورضا الله مقدم على رضا الناس.. والعنوسة سبب لتقديم رضا الناس عن رضا الله جل في علاه..
    ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات.. وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج .
    حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج.
    والمهر حق مفروض للمرأة، فرضته الشريعة الإسلامية، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها، قال الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء /4 .
    ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع، بل هو رمز للتكريم والإعزاز، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق.. فالشرع لم يحدد المهر بمقدار معين لا يزاد عليه.. ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره.. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع.
    وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع.
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
    وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر .
    روى أبو داود والنسائي – واللفظ له – عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة – . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي.
    فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة.
    وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته.. عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أعظم النساء بركةً أيسرُهن صداقًا))، وفي رواية: ((أيسرهن مؤنة)).
    وعنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يُمنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها))، قال عروة: “وأنا أقول من عندي: ومن شؤمِها تعسير أمرها، وكثرة صداقها”. فلا ينبغي للإنسان أن يغالي في المهر، فلا خير في المغالاة، ولا خيرَ في المرأة التي يتعسَّر أمر الزواج منها.
    فتيسير أمر الزواج لصاحب الدِّين والخُلق مأمور به شرعا وعرفا وعادة في المجتمع المسلم كما سبقت الإشارة إليه في الآية السابقة.. يقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخُلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)).. فلا بد من المسارعة بتزويج البنات وعدم تأخيرهن، وقد ورد عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عليُّ، ثلاث لا تؤخِّرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيِّم إذا وجدت لها كفؤًا)). فتيسير الخِطْبة من بركة المرأة وسعادتها: ((إن من يُمنِ المرأة تيسير خِطْبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها)).. والأحاديث التي استدللت بها كلها صحيحة..
    فإن من علامات بركة الزواج يسر أمره، وقلة مهره، وتبسيط أموره كلها.. هكذا كان هدي الصحابة والسلف الصالح.
    فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وكان المهر أن يعلم الرجل امرأته سوراً من القرآن الكريم، وقال لبعض أصحابه: ” التمس ولو خاتماً من حديد ” والحديث في الصحيحين
    وقد خطب أبو طلحة رضي الله عنه أم سليم وهي مسلمة، وأبو طلحة إذ ذاك لا يزال مشركاً فجعلت مهرها أن يسلم، رضي الله عنهم أجمعين. قال أحد التابعين: فما سمعت بامرأة أكرم مهراً من أم سليم. والحديث رواه النسائي عن أنس رضي الله عنه.. أما أثر أصابت إمرأة وأخطأ عمر فهو ضعيف سندا ومتنا وقد ضعفه ونبه عليه الكثير من أهل العلم.. وفي هذا كفاية وأعتذر عن الإطالة..
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

    1
    1
  6. لا تنهض الأمة بالمطبلين وراء كل متفوه أو ناعق.. ولا بالمثبطين الذين يوجهون سهامهم للسواعد البناءة التي تنتقد لتبني وتنهض بوعي الأمة وتحيي الأمل في نفوس شباب الأمة.. فالأفهام السقيمة والعقول المريضة.. متربصة بالصالحين الدوائر.. والطيور على أشكالها تقع.. وأقول للمطبلين المثبطين.. ليس هذا بعشك فادرجي..

  7. شعاري: قل كلمتك وامض.. لا ننتظر جزاء ولا شكورا.. والنقد البناء مُرَحب به.. انشر ما يفيد ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.. النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام أرشدنا لنهضة الأمة وخيريتها بقوله عليه الصلاة والسلام: بلغوا عني ولا آية.. ولم يقرنها بمرتبة علمية أو درجة أكاديمية.. فالعلم نقطة كثرها الجاهلون.. ولو سكت الجهال لقل الخلاف.. كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.. سكوتنا عن الزلل والخطأ من دون تقويم في دين الله تعالى مَهْلَكَة للأمة..

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M