رسالة مفتوحة لمعلمة بتاوريرت إلى برونيل رئيس ناحية وجدة سنة 1953

26 أكتوبر 2018 18:03
رسالة مفتوحة لمعلمة بتاوريرت إلى برونيل رئيس ناحية وجدة سنة 1953

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

على إثر الحوادث التي عرفها المغرب أواخر سنة 1952 وبدايات 1953 ومنها ما وقع في الدار البيضاء، التي بلغ عدد القتلى فيها ألفي قتيل، والجرحى الذين تم استجوابهم بإدارة الشرطة بالرغم من جروحهم الخطيرة بلغ عددهم 500، والقتلى في مخافر الشرطة يتراوح عددهم بين 20 و30 فردا يوميا، والذين أعدموا في مستشفى العمق حوالي 21 نقابيا، والذين أخفيت جثتهم أو ألقي بها في البحر يزيد عددهم على مائة قتيل، ممن تعرف هويتهم، الأمر الذي أثار احتجاجات كبيرة في جميع أنحاء البلاد أدت إلى اعتقالات واسعة، وكان من بين ضحاياها الأستاذ محمد حجي وزوجته، التي نقدم رسالتها إلى رئيس ناحية وجدة، المسمى برونيل.

“استدعت ناحية وجدة الأستاذ محمد حجي مدير مدرسة العروبة، وقد اتصل برئيس مكتب الصحافة والأخبار، وأخيرا اتصل برئيس الناحية الذي حقق معه طويلا.

وقال له: إنك مطرود من (أيت زر) لأنك مشوش، وإن زوجتك مشوشة مثلك، وإن النفي والإبعاد سيكون جزاء لكما أنت وزوجتك.

وفي الوقت الذي كانت فيه إدارة الناحية بوجدة تحقق معه، كانت مراقبة (تاوريرت) تحقق مع زوجته المدرسة هناك بمدرسة حكومية رسمية، وعلى إثر التحقيق معها رفعت كتابا مفتوحا إلى رئيس الناحية بوجدة استطعنا أن نحصل على نسخة منه وإلى القراء نصه:

سعادة المراقب المدني رئيس ناحية وجدة المسيو برونيل

تحية واحتراما، وبعد:

فأنا شامة محمد بن جلون زوجة محمد حجي مدير مدرسة العروبة بوجدة، والمدرسة بمدرسة البنات بتاوريرت، أتقدم لجنابكم بكتابي هذا مضمنة تأسفي الشديد على ما أرمى به -من حين لآخر- من التشويش والإخلال بالأمن العام، وأحيطكم علما بأنني ضحية الاتهامات المختلفة، والإفتراءات التي يأتيكم بها كل من يريد أن يبيض وجهه معكم، ويسود وجه امرأة تقدر واجباتها، وتريد أن تحيى حياة ثقافية علمية، غير مشوبة بالخرافات والتفكير الضيق الذين يقضيان القضاء المبرم على صرح الأسر الإجتماعية والإنسانية جمعاء.

ولا أكتمكم فقد تعجبت أشد العجب مما بلغتموه لزوجي ولي بواسطة مراقب تاوريرت يوم الثامن من الجاري (يناير 1953)، ولست أدري والله كيف يصوغ الأفاكون من الباطل حقا، ومن الكذب صدقا، ومن الخيال حقيقة؟

لست أدري ورب الكعبة كيف تتعدى جرأتهم الوشاية بامرأة تشارك بأمانة وعدم تشويش في بناء صرح الأمة المغربية التي تعهدت دولة الديموقراطية، والحرية، والإخاء -فرنسا-، بالأخذ بيدها لتكون بجانب الدول الديموقراطية الراقية.

ولا شك أنكم تستنكرون بدوركم كل ما من شأنه أن يسود وجوه البرآء ويدنس سمعتهم الشريفة، ليت شعري بأية حجة يتهمونني بالتشويش؟ ألكوني أعين زوجي بمدرسة العروبة في إعطاء دروس لتلميذاتها؟ أم لكوني أصبحت موظفة مع إدارة التعليم في إعطاء دروس بإحدى مدارسها؟

اللهم إن كانت هذه حجتهم فاجعلوني من المشوشات.

إن المشوش في نظري هو من بلغكم أني مشوشة لأنه شوشكم، وأقلق راحتكم في وقت كان من الواجب عليه أن يدعكم تنصرفون إلى ما يعود على على الصالح العام، أما أنا فحسبي أنني أساهم بجهود جبارة كزميلاتي في إنقاذ عقول من الجهالة الممقوتة التي دعت لمحاربتها قوانين السماء والأرض، إذن فلا داعي لأي واش أن يبلغ عني ما دمت أرضي ضميري في القيام بواجباتي فقط.

هذه هي الحقيقة، وهذا ما يجب أن تجعلوه في ملف الحقائق، فلتتفضلوا فتسدلوا على ترهات المغرضين ستارا من فولاذ، وعدوا كتابي هذا كوثيقة تاريخية خطتها يد امرأة مغربية لا تجامل ولا تصانع ولا تتبع المطامع.

إمضاء شامة بن جلون”.

(انظر “هذه هي الحماية في مراكش”، ص:83/84).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M