شاعر الريف الفقيه المجاهد محمد بن علي الوكيلي بولحية

17 يناير 2020 18:06
شاعر الريف الفقيه المجاهد محمد بن علي الوكيلي بولحية

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

شاعر الريف الفقيه المجاهد محمد بن علي الوكيلي ابن الفقيه المجاهد الشهير بالفقيه بولحية الذي كان مصاحبا للمجاهد عبد الكريم الخطابي داعية لتوحيد القبائل وحثها على الانضمام للحركة التحررية التي كان يقودها، ولما توقفت الحرب، وتم أسر القائد، نُفي الفقيه بولحية لآسفي من قبل السلطات الفرنسية مع أسرته ومن ضمنهم شاعرنا الذي ولد في سنة 1918 بقرية غلبون على واد النكور، وتوفي سنة 1973.

وبمدينة منفى والده آسفي بدأ تعليمه، ثم بعث به لاستكماله بفاس، وهناك ظهر نبوغه الشعري، فكانت قصائده مسموعة مقروءة، حيث لقبه الزعيم علال الفاسي بشاعر فاس بسبب القصيدة التي قالها في زيارة محمد الخامس للمدينة سنة 1934 متحديا الإقامة العامة التي أبت عليه الالتقاء بأعضاء الحركة الوطنية أثناء زيارته للقرويين، بِيد أنه فعل ذلك، فكان أن ألقى شاعرنا الشاب بين يديه قصيدة طنانة، جعلت الكتلة الوطنية تشركه في لجنة الإعلام وكتابة الخطب والقصائد الوطنية، وهو ابن 16سنة، لكنه اختار أن يلقب بـ”شاعر الريف“.

جاء في قصيدة الزيارة التي حولتها الحركة الوطنية لنشيد:

إن فاسا تتباهى***بك يا حامي حماها

كلل الحسن رباها***بك زهوا وكداها

تتهادى في خلاها***إذ حدا الحب هواها

لك يا حامي حماها

إن هذا اليوم فيها***هو حقا يوم عيد

فيه طابت لبنيها***فيك رنات النشيد

يهتفون اليوم فيها***لك حبا بالخلود

لك يا حامي حماها

أسعد الأيام فيها***كل يوم زرتها فيه

وجدير أن تتيها***تزهى بمعانيه

كل فرد من ذويها***يتغنى بأمانيه

لك يا حامي حماها

وكتب في سنة 1936 عن القرويين وما كان يدور حولها من صراعات بين أعوان الإقامة العامة من المشايخ وشباب العلماء والطلبة الرافضين لكل تدخل استعماري في شأنها:

قد مضى ذلك الزمان بما فيـــــه عليه الثناء والتمجيد

وأتى آن للنبوغ وللفكــــــــــر وحق التبديل والتجديد

فلئن دامت الإدارة فوضى**فمن الصعب أن يزول الجمود

وفي غمرة الجهاد المناهض للسلطات الاستعمارية، وموقف بعض شيوخ العلماء من حركة شباب العلماء ومتطلِّبتهم، وما نتج عن ذلك من ملاسنات وكتابات وموالاة للمستعمر ظهرت عدة انتقادات لهؤلاء الأخيرين؛ منها هذه القصيدة للشاعر بولحية الذي كان طالبا وقتها، ورأى عيوب ما صار يسمى بالضابط المسنون، الذي هو أساس القبول في القرويين أو الطرد منها:

تحت عنوان: نداء إلى الشيوخ

عذيري من شيوخ ليس فيهم***رشيد ينقذ الشعب المصابا

شيوخ يقنعون بكل شيء***ويرضون الفضيحة والسبابا

شيوخ كلما أسدى عتابا***إليهم شعبهم نبذوا العتابا

شيوخ كلما سمعوا شكاة***له صموا إذا فقدوا الجوابا

شيوخ إن تسلهم عن صلاح***يقولوا الله يمنع أن تجابا

شيوخ همهم أن يستريحوا***وأن يجدوا البطالة والشرابا

تراهم كلما لبسوا جساما***فتحسبهم إذا ظهروا قبابا

ألا فلتسقطوا طرا.. ويحيا***شباب آن أن يحيا وطابا

فالشباب الذي يحييه الشاعر يرى في الإصلاح الموصوف بالنظام الذي أدخلته السلطات الاستعمارية على المنهاج الدراسي في القرويين تحت مراقبة أحد ضباطها لتتمكن من مراقبة ما يجري ويدور بين الشيوخ والطلبة للقضاء على كل توجه مناهض للحماية وتسلطها، وفي ذلك يقول شاعرنا هاجيا النظام وذويه:

زمن سادت الأسافل فيه***وسطت في الضعاف جور وقهرا

إن في المعهد المقدس حمرا***ينصرون الخمول والجهل نصرا

قدموا للعلوم كل بليد***لم يزل في الجمود والجهل بحرا

ايه يا مجلس الضلال انصر الظلــــــم فإن الضلال بالظلم أحرى

قد خلا الجو والزمان ومات الـــــــحزم فاجرر ذيولك اليوم فخرا

واجعل المعهد المقدس للرقــــــــــص فقد صرت في الغواية حرا

قبح الله ذا الزمان الذي كنــــــــــــــت هناك فيه وصدرا

وفي 16 ماي 1937 أنشد قصيدة عصماء بمناسبة التذكير بالظهير البربري عجلت باعتقاله مع الذين تم اعتقالهم من المهيجين الكبار، وهي الصفة التي كانت تطلقها السلطات الاستعمارية على رموز الحركة الوطنية المناهضة له.

جاء في القصيدة:

أي ذكرى للفكر في جولانه***يجتليها الفؤاد في خفقاته

أي ذكرى للمرء يسكبها الشعــر على مسمعيه في أوزانه

فاذكر لي أمارة السعد***فالسعد تناءت عنه في ريعانه

مثلوا فوق مسرح الذكر والآ**لام منقوشة على جدرانه

وانظروا فوق التماثيل للمغـــــرب منشورة على عيدانه

تجدوا يوم حادث البربر الغابر*يبدو من مستوى أركانه

واذكروا النهضة الجديدة وابنوا*شبحا كالنجيع في ألوانه

وانشر صوت ذلك اليوم للعا*لم وابكوا الدماء في إعلانه

هو يوم للمغرب الفذ قد بر*هن فيه للشرق عن برهانه

فيه لذ العذاب والنفي والسجـن على الناشئين في عقبانه

يوم أن جاءت السياسة والمغــرب غاف يهيم في سلوانه

بزغت فيه للورى بظهير**عبرات الأسى على عنوانه

فاستجابت لداعي الوطن الداوي رجال للشعب من فتيانه

أسف المسلمون فيه من الشا**م إلى مصر إلى بغدانه

هكذا، هكذا الأخوة نرجو**ها ونرجو الجهاد في أوانه

إذ الحر من يغار إباء**إذ يرى المبكيات في أوطانه

وطني فيك يحمل القول للشا*عر حين ابتداعه وافتنانه

أنت حبي وغايتي ليس يسلوك فؤادي الكئيب من هيمانه

أتمنى المقام فيك كأني***في مغانيك بلبل في بانه

لست أرضى الحياة فيك مهيضا*أو مريبا كالذئب في أحضانه

وطني هذه عصارة قلبي**يجتليها القريض في ألحانه

زفرات ترق من كبدي الحــراء تسري كالنور في سريانه

تستنير الطموح، تستنهض الشعـب، تزجي الحماس في آذانه

إيه بشراك أيها المغرب الحر**سيصفو الزمان من أضغانه

وستحيى كما تشاء إذا ما**أقصى المستبد في عدوانه

فتقبل دموعي اليوم والشعــر، وروحي والقلب في نيرانه

فأنا ملئى الفداء وكلي**نغم، كالشعاع في نقشانه

وفي وصيته لأبناء القرويين، قال:

بني القرويين الذين عليهم***منى المغرب الهيمان واضحة غدا

دعوا العجز واسعوا في الحياة وخلدوا*لأبنائكم ذكرى تدوم على المدى

وترسل في أذن الحياة معرفة***ترتلها الأجيال صوتا مرددا

خذوا العزم واسعوا للنهوض وذكروا*بني المغرب الأقصى بهجرة أحمدا

فللعظماء الذكريات مآثر***ترددها الأعصار عنهم سرمدا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انظر مقالة “المقاومة والحركة الوطنية من منظور الشعر والمرددات الشعبية” الأستاذ عمر الصابري، في مطبوع ندوة “المقاومة والحركة الوطنية بجهة تازة-الحسيمة-تاونات”.

انظر، تعريفا بالشاعر ووالده بقلم الحفيدة سعاد بولحية.. هنا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M