ظهور المطبعة الحجرية بالمغرب

06 ديسمبر 2019 17:30
ظهور المطبعة الحجرية بالمغرب

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

عثرت في منتهى القرن الماضي على التقييدة التالية:

“الحمد لله وحده وصلى الله تعالى وبارك على سيدنا محمد وآله وسائر ذويه.

يوم الجمعة الرابع من رمضان المعظم 1336 أخبرني الأديب البركة السيد الطيب بن محمد الأزرق الفاسي وكان يباشر المطبعة بفاس حين أنشئت زمان السلطان سيدي محمد بن مولانا عبد الرحمان العلوي، أخبرني عن أول دخولها المغرب، ومن كان جاء بها، فقال:

أول ذلك أن رجلا يقال له الشيخ امحمد المصري، وصحبته مطبعة الحجر، فورد ثغر الصويرة وهي معه، وكان الأمين بمرساها إذ ذاك رجل من أهل فاس يقال له الفرنساوي القباج، فأخبر به الأمين عاملها القايد عبد الله وبه السوسي الشهير بالبذل وأنواع السبيل في الحرمين الشريفين، فأخبر القايد المذكور السلطان سيدي محمد المذكور، وكان بمكناس، فأمر فجاء لمكناس بمطبعته فأنزله بدار هناك بمحل يقال له لهديم.

قال الأزرق أخبره بذلك المصري المذكور، وأخبره أيضا أنه لما استشاره السلطان في أي كتاب يبتدئون به، فأشار المصري بكتاب الشمائل للترمذي، فطبعها بمكناس، فهي أول كتاب طبع بمكناس بل بالمغرب، فلما أكملها قال السلطان: إن الناس أخبروني بأن الأليق بالمطبعة هو فاس لكثرة علمائها وكتبها، فأذن له في المجيء لفاس، فابتدأ في طبع شرح سيدي الخرشي على المختصر، وفي أثناء ذلك طبع شرح الشيخ التاودي على التحفة، والشيخ ميارة على المرشد، والشيخ خالد الأزهري على الجرومية، فبقي في طبع الخرشي نحو ستة أعوام، وكانت نفقة المطبعة على أحباس القرويين عدا مونة الشيخ امحمد فمن المخزن.

ثم في أثناء العمل حصل بينه وبين السيد عبد الله بن احمد بن موسى البخاري منازعة بسبب أن عبد الله كان يتعرض له على المتعلمين الذي يريد الشيخ أن يعلمهم ويمنعهم الآخر من ذلك غيرة من الشيخ امحمد حيث كان يعظمه السلطان، حتى أنهم حاسبوه على ما طبعه، فألقى أن الخرشي طلع باثني عشر مثقالا، وأما الكتب الأخرى المذكورة مدرجة معه أثناء الطبع فامتنع السيد امحمد من أخذ الأجرة عليها، وقال إنه خدمها لله تعالى.

ثم استعفى وطلب من السلطان أن يرجع لمصر من حيث جاء، فكساه ووصله وأخذ كل شيء كان اتخذه له من الأواني والفرش، ونفذ له أربع مائة لويزة بمرسى طنجة.

واستولى الأزرق المذكور أمر المطبعة وكان كلما فرغ من جزء وجهه للسلطان بمراكش فيوجه له كسوتين ويكسو جميع متعلميه ويصلهم.

وأخبرني الأزرق المذكور أنهم طبعوا شرح الشيخ التسولي على التحفة من نسخة مؤلفه، والذي أشار عليه بطبعه هو القاضي العلامة مولاي امحمد العلوي، وأن الذي كان يحرر له شرح الخرشي والتاودي هو الفقيه العلامة قاضي فاس عمر الرندي، وأنه هو الذي جعل بها تلك التوقيعات العجيبة.

وأخبرني أيضا أن شيخه الشريف سيدي امحمد الدباغ المعروف ببوطربوش أخبره أن الشيخ التسولي كان له جنان خارج فاس، وكان يخرج بنفسه يباشر بعض أموره بيده معه كراسة، فيكتب ما تيسر له هناك من الشرح المذكور، وأن برطربوش لقيه يوما داخلا أو خارجا للجنان، فقال له: مالك وحداني؟ فأجابه التسولي بديهة بقوله: إني لا أريد الثاني.

وأخبرني أيضا أنه أخبره سيدي محمد بوطربوش أن شريفا زيد عنده ولد فبات مهموما من أجل شأن صائره، فرآى النبي صلى الله عليه سلم، فقال له عليه السلام: يذهب إلى الشيخ التاودي ابن سودة ويقول له: إن رسول الله صلى عليه وسلم أمرك أن تعطيني خمسين مثقالا بإمارة أنك كنت تصلي الشفع والوتر جالسا أمس، فقال لك: صل من قيام، فاستعاد الشيخ التاودي الكلمة من الشريف أربع مرات، وهو يقول له: كيف قال لك؟ فضجر الشريف في الرابعة، فأعطاه مائتي مثقال تثنية، وقال له: لو أعدتها أكثر من ذلك لأعطيتك أكثر، وكان الشيخ قد باع دارا وبيده مال من ذلك” انتهى بالمعنى.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M