فقه حوار الأديان

01 مارس 2021 10:25

هوية بريس-بلال العثماني

إنما قلت ” فقه حوار للأديان” تأكيدا وترسيخا لمنهج التفكير الإسلامي بما هو تفكير تفقهي، أي تفكير وفق أصول الشريعة ومقاصدها؛ لأن العقل الإسلامي، في تناوله للقضايا ومعالجتها، مطالب بفقه القضايا لا الاكتفاء فقط بفهمها، لأن معنى الفقه كما استقر عليه علماء المسلمين هو فهم مراد المتكلم من كلامه، وهو معنى لاشك أعمق بكثير من الفهم.

وفي مسألة “حوار الأديان”, وقد كثر الكلام عنها وفيها، نحن المسلمين، مطالبون أولا بفهم قصد الدعوة الى حوار الأديان والحضارات، ودلالاتها الخلفية والمآلية، ثم النظر فيها بميزان الشريعة.

ومما لا شك فيه ان الإطار الحضاري العالمي العولمي الحديث يحدده الفكر الغربي بمرجعيته الفلسفية والقيمية الإغريقية- الرومانية.

ثم إن الاستعلاء بحضارة الدجال الأعور تدفع الرجل الأبيض إلى التشدد في فرض حضارته وقيمها وثقافتها قهرا واتخاذها نموذجا حضاريا يلزم كل الشعوب تبنيها، ولا اعتبار لخصوصيات وثقافات الشعوب المستضعفة.

بل إن الرجل الأبيض لا يتوانى في فرضها، إن تطلب الأمر ذلك، بالقهر الاستعماري أو الاجتياح العسكري أوالهيمنة الاقتصادية أو الاختراق الثقافي والإعلامي، او تحت مسمى احترام القانون الدولي، والمواثيق الحقوقية، والحق في تقرير المصير، وهي كلها أدوات في يد الاستكبار الغربي الطاغوتي يسترق بها الشعوب المستضعفة، ولا يسمح بترك مجال الحرية والتفكير والحركة إلا من داخل هذا الإطار الحضاري الغربي.

فعلى الآخر إذن تدبير أمر دينه وثقافته بالشكل الذي ينسجم مع قيم الدجال الأعور… فلا حركة للآخر إلا في إطار هذا الهامش الضيق الممنوح. فلم تلبث أن انتشرت دعوة ” حوار الأديان والحضارات” في الشعوب المغلوبة على أمرها كما تنتشر النار في الهشيم…وأصبح الكل في بلادنا الإسلامية يسبح بحمد ثقافة الحوار والتعارف، وفضيلةالتسامح بين الأديان والحضارات.

ومع ذلك يأبى الطاغوت إلا أن يصر على أن يحدد للعبيد معنى الحوار والتعارف والتسامح بين الحضارات، لأن كبرياءه أبى عليه أن يكون الإنسان الأبيض إلا سيدا، وغيره عبيد تبع … هكذا عرف لهم صامويل هنتغتون معنى حوار الحضارات في كتابه ” صراع الحضارات”, وتكلف فوكوياما بتحديد معنى التعايش في كتابه ” نهاية التاريخ”.

وظاهر أن كلا التعريفين يفيد معنى إلغاء الغير وحمله على الذوبان والانصهار في بوثقة حضارة الدجال الأعور. فلا حوار إلا في إطارالفكر والقيم الغربية … وكل خطاب من الآخر عن الخصوصية فهو مرفوض، وكل التماس للاستثناء فهو مردود، فلم يبق إلا الذوبان. وأما إمكان المناورة ففي هامش الخصوصية والاستثناء.

والنتيجة هي ما نسمعه كل يوم من دعاوى إعادة قراءة النص الديني، والاجتهاد في تطويع الكليات الدينية والمقاصد الشرعية حتى تلين قناتها وتستجيب لمقتضيات وشروط عقيدة الفكر الغربي، فلا مكان للقول بخصوصية أمة الإسلام باعتبارها أمة الشهادة، منوط بها تبليغ الرسالة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا مجال لذكر أو مجرد التلفظ بالجهاد إلا أن يعاد النظر في مضمونه وشروطه ومقتضياته وفق القيم الغربية لا الإسلامية، وحتى يصير جهادا ناعما لطيفا وديعا متسامحا، لايرى بأسا في قيم حرية الاعتقاد وحرية التصرف في الجسد وحرية اعلان الكفر والدعوة إليه، والحق في الشذوذ الجنسي، والمعاشرة الرضائية خارح إطار الزواج …

ومن يخرج عن إطار فلسفة الحق الغربي، وعقيدة الدجال الأعور يرمى بالتشدد والتنطع، ويتهم بتهمة التكفير، ويوضع في خانة الفكر الطالباني أو الداعشي، وكلاهما صناعة استخباراتية غربية كاد بها الصهاينة والصليبيون المسلمين ليلصقوا بهم صورة التطرف والتكفير، وليسهل عليهم ابتزازهم في دينهم وقيمهم، ويساوموهم على عقيدتهم، إلا أن يدهنوا ويميلوا ….

ثم أختم بقوله تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك..)

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. اظن ان الكاتب أعطى صورة موجزة عن حوار الأديان سليمة ولكن تصنيفه حركة طالبان مع داعش أمر عليه مراجعته والقيام ببحث أكاديمي عن هذه الحركة التي لا يهتم الباحثون بدراستها بما لها وما عليها.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M