قصة ومعنى

18 فبراير 2019 23:35
قصة ومعنى

هوية بريس – يونس الگمراوي

يُحكى أن طالبا متعلما لفن الرسم، قام برسم لوحة فنية بيده، فأُعجب برسمه، وظن أنها الأجمل على الإطلاق، فقرر أن يبرز موهبته للجميع، ليرهم قدراته اﻹبداعية، فوضع لوحته في مكان عام، وترك قربها ألوانا وريشة، وكتب فوق اللوحة، العبارة التالية: ​”من رأى خللاً ولو بسيطًا فليضع إشارة حمراء فوقه” ثم انصرف

وفي المساء عاد إلى مكان اللوحة ليجدها مشوَّهة بإشارات حمراء تدل على الخلل، لدرجة أن الرسم الأصلي طمس تمامًا، فأصيب بإحباط كبير، وذهب إلى معلمه ليخبره أنه قرر ترك الرسم لشدة احباطه، فأخبره المعلم بأن لا يجزع من ذلك، وطلب منه أن يغير العبارة التي كتبها فوق اللوحة، وليعد الكرة مرة أخرى

وبالفعل استجاب لكلام أستاذه، ورسم نفس الرسم اﻷول، ثم أخذ اللوحة لذات المكان، ولكنه هذه المرة وضع ألوانًا وريشة وكتب تحت الرسم العبارة التالية : ​”من رأى خللًا فليمسك الريشة وليصلح الخلل”.

لكن الغريب في اﻷمر أنه لم يقترب أحد من اللوحة اليوم كله، مما جعله يترك اللوحة أيامًا إضافية، ولﻷسف لم يقترب منها أحد..

فدهش لذلك؛ وسأل أستاذه لماذا لم يفعل المارّة مثل الذي فعلوا مع اللوحة اﻷولى على اﻷقل؟!

فأجابه المعلم قائلا: يا بني كثيرون أولئك الذين يرون الخلل والعيب والنقص في كل شيء… ولكن المصلحين قليلون ..

صحيح؛ هذا هو حالنا مع إبداعات الغير، وابتكاراتهم، وإنتاجاتهم، وأفكارهم، وآرائهم، نعم؛ نبحث عن أخطائهم، وندقق في كلامهم، ونعشق انتقاد إبداعاتهم، ونهوى الرد حتى ولو لم تقتض الحاجة، ونرغب في التعقيب من أجل التعقيب، ونعترض من أجل الاعتراض.

أما تقديم الحلول الخالية من العيوب، والخلل والنقص والهفوات، فلا، ولن يستطيع أحد تقديمها لاختلاف العقول واﻷفهام، واﻷحاسيس واﻷذواق.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M