قضية الغازي والقاضي بلعربي

05 مايو 2018 00:33
قضية الغازي والقاضي بلعربي

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

تقديم
نقدم فيما يلي جزء آخر من تقرير ربير منطان السالف ذكره، ويتعلق بشخصيتين محوريتين في التجديد والتطوير بالمغرب، ونقصد بهما العلامتين الفقيهين: محمد غازي ومحمد بلعربي العلوي، وإذا كان هذا الأخير تم التعريف به بشكل ضافي كرائد من رواد السلفية، إلا أن الأول رغم إسهاماته الكبرى في الميدانين الدعوي والتعليمي والجمعوي والصحافي،لم يحض بما يستحق من الدراسة بالرغم من أن له كتابات كثيرة خاصة بعد إدارته لمجلة “المغرب” الصادة في الأربعينات.
وإذا كان الشيخ بلعربي العلوي استخدم سياسيا بإظهاره كمعارض من خلال إجلاسه في منصة تأسيس “الإتحاد الوطني للقوات الشعبية”، حيث بقيت صورته تلك تستخدم في وجه من ينتقد الغربنة، ومريدو تدمير الهوية الإسلامية والوطنية باسم التحديث والعلمنة اعتمادا على أن الشيخ كان من دعاة التحرربالمغرب، دون أن يستشارفيما ينسب له ولا طلب التصديق عليه ،لغاية وفاته، وحتى اليوم بعد وفاته نجد من يقوله ما لا يتناسق مع مذهبه.
بخلاف الفقيه غازي الذي بقي منتميا لحزب الإستقلال مشاركا في أنشطته، غير أنه طاله التهميش، ليرضى بسفير في العربية السعودية لغاية وفاته رحمه الله هناك.
نص التقرير الثاني:
“من خلال التطور الطبيعي لإحدى المدارس التجديدية المؤسسة في فاس سنة 1923 تشكلت تدريجيا في الزاوية الناصرية حيث يوجد قبر الولي سيدي موسى بن المكي الناصري، مجموعة من الطلبة الذين يتلقون عددا كبيرا من الرسائل ذات التوجهات العصرية.
وقد تولى أمر هذه المدرسة الفقيه الغازي الذي كان يتيما، أواه من قبل السيد عمر الحجوي المحمي من طرف الأنجليز والمناهض لسياستنا
ويوجد من بين أساتذتها معلمان من الثانوية الإدريسية هما: عبد السلام السرغيني، وأحمد بن اليزيد البكراوي، وكان رئيسها الشرفي هو قاضي فاس الجديد العالم النزيه بلعربي العلوي، وغالبا ما نشاهد هذا الأ خير وهو أنبغ المجددين في فاس، يخطب داعيا إلى التطوير المكثف للتعليم والعلوم بالعربية، ويتمنى إصلاح القروين.
وفي ربيع 1927 أدى التحريض الذي تقوم به هذه الجماعة الصغيرة، ضد تقديس الأولياء إلى إحداث اضطرابات في عاصمة الشمال (فاس) حيث طائفة المغاربة الشيوخ الجامدة، ولكنها كثيرة العدد،تدعو إلى المحافظة على التقاليد، وجاء مثقف من سلا السيد المكي الناصري الذي يعمل كاتبا لدى المخزن ليعرض المذاهب الوهابية ويهلل لها.
وأمام وشوك اندلاع الإضطرابات التي ستتواجه فيها شخصيات هامة، قرر الجنرال قائد المنطقة إغلاق الزاوية الناصرية، وإبعاد الفقيه الغازي، وقد فرض هذا الإجراء نفسه، خاصة أنه لا توجد أية وسيلة بالنسبة لنا، لمراقبة سير العمل داخل هذه المدرسة.
استقبل الغازي أول الأمر بحفاوة في مكناس وسلا، وبعد ذلك تخلى عليه أصدقاؤه بسرعة، ليدخل في خدمة عائلة اليعقوبي المعروفة في الدار البيضاء بمناهضتها لنا.
أما القاضي بلعربي فقد عين رئيسا للمحكمة الشرعية العليا في الرباط، ليلتحق به أصدقاؤه ويتقلدوا مناصب مختلفة داخل المخزن
وخلال هذه المرحلة المضطربة بكاملها، أبان محميو الأنجليز وقدماء تلاميذ الثانوية الإسلامية، عن حيوية هائلة في الدفاع عن الفقيه الغازي
واستمرت سمعة بلعربي في تزايد بعد ذلك، كما مكنته علاقاته الجديدة مع السيد لمعمري نائب رئيس التشريفات، من القيام بدور يليق بمزاياه الذهنية واستقامته.
وقد لاحظنا كثيرا المصداقية التي يتمتع بها لدى المخزن خلال عودته الأخيرة إلى فاس، والمتمثلة في العناية الفائقة التي يحاط بها
ولقد كتبت جريدة (الفتح) القاهرية في شهر مارس الأخير تقول:
(إن رئيس المجددين في المغرب هو العالم الكبير مولاي محمد بلعربي العلوي الذي كان من قبل قاضيا على فاس، ثم أصبح حاليا رئيسا لمحكمة الإستئناف بالرباط، وتعتبر هذه المحكمة أعلى هيأة قضائة شرعية في المغرب، ورئيسها أسمى مو ظف في العدالة الإسلامية بهذا البلد بعد وزير العدل.
كما أن العالم المعمري حاجب جلالة السلطان يعد بدوره من أكبر المجددين”.
ربير منطان (الرباط 15/71929) ترجمة الحبيب بلكوش.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M