لماذا غضب أنصار الشيخة من الأستاذ العمري؟؟

21 أبريل 2022 11:10

هوية بريس – إبراهيم الطالب

الأستاذ ياسين العمري من الدعاة القلائل الذين يتجمع حولهم الشباب من كل الأطياف، حيث يلقى اهتماما منقطع النظير، بلغ معه مرتبة النجومية بمعناها الإيجابي البنّاء، وذلك لأنه يتحدث لغتهم ويعينهم على إيجاد التوازن النفسي، واكتساب الرؤية الواضحة للدين والدنيا، والتي تجعل منهم مواطنين مسلمين أسوياء ينفعون أنفسهم وبلادهم، ولهذا كله يُحبه المغاربة ويتفاعلون مع ما ينتجه من محاضرات وندوات وبرامج.

لقد تابعت الجدل الذي أحدثه كلام الأستاذ ياسين العمري حول أحد المسلسلات “الحامضة” التي تبث عبر قناة الدوزيم، والذي جعل مناصري هذا الفن الهابط من أنصار الرداءة، يستشيطون غضبا، من هؤلاء الذين يقتاتون على صناعة التفاهة المفسدة ويحرصون على تقديمها للشعب من أجل الحفاظ على حالة الغيبوبة التي يعيشها في مستنقع التتفيه والتجهيل والتسفيه.

ومن خلال متابعتي للتعليقات سواء في الصفحات المؤيدة للأستاذ أم المخالفة له، تبين لي أن الغالبية الساحقة مؤيدة للرأي الذي أبداه الأستاذ العمري، والذي اعتبر مثل هذا المسلسل الذي يريد من المغاربة تغيير معايير حكمهم على وظيفة الشيخة الأم مخلا بمقومات الأسرة المغربية.

لكن، قبل التعليق وإبداء الرأي في الموضوع نتساءل: هل قصد الأستاذ ياسين انتقاد هذا المسلسل نقدا خاصا؟؟

الجواب: لا أبدًا، فكلامه حول المسلسل وموضوع الشيخة لم يكن مقصودا لذاته بل جاء ضمن محاضرة تتحدث عن الأسرة فاقت مدتها الساعة والنصف، فكان مما قاله الأستاذ ياسين عبارات تنتقد المسلسلات والإعلام الذي يهدد مقومات الأسرة المغربية، ومثَّل بهذا المسلسل الذي يقدم “الشيخة” كشخصية ينبغي أن يرد لها الاعتبار، وألا تَحُط من قدرها الأنظار، وهذا ما صرحت به بطلة هذا العمل الرديء والذي لا يمت إلى الفن بصلة أو علاقة، الأمر الذي غاظ مناصري الفن الهابط.

ولست أدافع هنا عن الأستاذ المحترم الداعية ياسين العمري، فهو لا يحتاج دفاعي، كما أن الآلاف من محبيه دافعوا عنه ضد هجومات الغوغاء الذين يستخفهم تمايل الشيخات ويحلو لهم أن يتابعوا رقصهن وأغانيَهن الهابطة لا من حيث الذوق والألفاظ والكلمات فقط، بل من حيث اللحن والصورة والأداء كذلك، هذا بغض النظر عن رأي الشرع في ذلك.

لكن ما انضاف في موضوع الأستاذ ياسين هو اصطفاف الإعلام الذي ينشر التفاهة والوضاعة والفجور والفسق، ويعمل منذ نشأته على محاربة التدين وتشجيع كل الموبقات الجنسية والعقدية بدعوى الحريات الفردية وحرية الاعتقاد والحرية الجنسية، في الهجوم على الأستاذ ياسين، لبضع كلمات صدرت منه على وجه التمثيل لا التعيين.

وكعادتهم في التصدي لمواقف العلماء والدعاة استعانوا بأمثال رشيد أيلال السارق للكتب والأفكار والمعادي للبخاري والتراث الإسلامي، ولكل ما هو ثابت شرعا ومعمول به في المغرب طيلة 15 قرنا، والإصرار على تسميته “باحث في الشأن الديني”، لينثر جهله وفظاعاته.
وكذلك المتحول فكريا من عقيدة التكفير اللاشرعي إلى عقيدة التفكير اللاديني المشهور بأبي حفص الذي تساءل في ورقة نشرتها الجريدة الإلكترونية التي اشترتها الإمارات لتجعلها بوقا للتطبيع وإفساد المغاربة وحربِ مظاهر التزام المغاربة بدينهم وعقيدتهم، ومعاداة الإسلاميين، والذي قال بكل صفاقة: “ولكن شنو ممكن تسنا من شخص تيحرم حتى سماع موسيقى كلاسيكية؟ أش بغيتي يقول ف شيخة؟ إنما لي تنتعجب ليه هوما الناس لي عاجباهم ديك الهضرة وتيطبلو ليها”.

وهنا يتضح مدى تعصب هذه الفئة ورغبتها في أن يصير المغاربة كلهم يرون رأيهم ويدينون بما يعتقدونه ويفكرون فيه.

إلا أن أنصار الشيخات بالغوا في الهجوم على الأستاذ العمري حين اعتبروا كلامه تحريضا على الفتنة، مدعين أن: “السلفي ياسين العمري يحرض على الفتنة بين المغاربة”.

فلماذا يا ترى كل هذا الكم الهائل من الامتعاض والحنق والكراهية والحقد الذي واجه به أنصار الشيخة بضع كلمات عارضة في ثوان معدودات من محاضرة عن الأسرة مدتها أكثر من ساعة ونصف؟؟

إن الذي ينبغي أن يعلم هو أن رد فعل من أقلقهم كلام الأستاذ، ليس داخلا في دائرة الاختلاف في الرأي أو الذوق، بل هو موقف مبدئي من طرف مَن يريد أن ينزع القداسة عن الشرع ويكسوها الفن، فأنصار الشيخات يعتبرون الفن مقدسا، لا دخل للدين فيه، ولا ينبغي أن يتقيد المخرج أو الممثل فيه بناموس الأخلاق أو بمنظومة الحلال والحرام، فهم يدافعون عن مسلسل الشيخة من المنطلق نفسه الذي اعتمدوه في الدافع عن فيلم “ماروك” الصهيوني، وفيلم “كازا نيكرا” وفيلم “الزين اللي فيك” رغم الإسفاف وقلة الحياء بدعوى نقل الواقع للتحسيس به.

فهذه الأعمال كلها وما يشبهها كثير وكذا ما يستورد منها كلها أعمال مؤدلجة تخدم خطا معينا محارب للتدين والأخلاق والقيم المغربية، ويجعل من المال العام والمؤسسات الإعلامية العمومية أدوات لعلمنة المغرب وصد المغاربة عن الرجوع لدينهم وهويتهم.

لذا فأنصار الشيخة يَعتبرون من قبيل المحرم أي انتقاد للتمثيل خصوصا إذا صدر عن أشخاص لهم خلفية شرعية أو مظهر ديني أو يعتمدون معايير الفقه والشرع أساسا في الحكم على الأعمال الفنية، حتى ولو كانوا من أعلم أهل البلاد، وذلك لإضفاء الحصانة على الممثل والمخرج في مشاريعها الإفسادية الأمر الذي يجعله في منأى عن النقد والمتابعة من طرف علماء وفقهاء المغرب.

بل على العكس يُعتبر الفن عند أنصار الشيخات، من الآليات الأساسية لمحاربة ما يعتبرونه تطرفا وغلوا، لذا تراهم يدافعون عما يسمونه فنا حتى وإن كان موسيقى صاخبة تمجّها الأذواق ويؤديها مثلا ملك الشواذ للواطيين “إلتون جون” في مهرجان موازين، أو رقصا عارٍ يحرك الغرائز بهز الأرداف والأثداء، أو تمثيلا هابطا رديئا يشوه الذوق ويمسخ الهوية ويفكك الأسرة، المهم ألا يتدخل الفقيه أو الداعية في نقد الفن والدراما، كما لا دخل له بالسياسة والفكر، ولا بالاقتصاد والرياضة.

فهل يحسِب هؤلاء أن المغرب جزءٌ من “ماماهم” فرنسا، أم يعتبرونه لا يزال محتلا من أبناء ليوطي؟؟

لكن لنكن صرحاء، إن كَمَّ التأييد والنصرة والدفاع الذي حظي به الأستاذ ياسين العمري، وكذا الإقبال منقطع النظير من طرف الشباب ذكورا وإناثًا وما يحققه من نسب مشاهدة ومتابعة سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي، كل ذلك لا يمكنه إلا أن يصيب من يعادي الدين والتدين بنوبة صرع تجعله عاجزا عن كتم مشاعر الحقد والكراهية خصوصا وأن لحية الأستاذ كثة وطويلة بشكل يجعله مخيفا لذوي القلوب الرقيقة والعقول السائلة اللزجة.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M