لماذا لا يطبق أردوغان الشريعة؟!

22 يونيو 2019 00:39
لماذا لا يطبق أردوغان الشريعة؟!

هوية بريس – إلياس العمراني

قبل مجيء أردوغان عام 2002 أي في ظل حكم تحالف العسكر والعلمانيين كان الجيش التركي والشرطة وباقي أجهزة الدولة يمنع عليها جميعا الجهر بالصلاة والصيام وإظهار شعائر الإسلام وكان الحجاب ممنوعا في الأماكن العامة وأماكن العمل وفي مؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان وكان التضييق على الصلاة يصل إلى حد خفض صوت الأذان ومنع بناء المساجد الجديدة ومتابعة الملتزمين بالصلوات الخمس، وكان إعفاء اللحية أمرا ممنوعا في جميع مؤسسات الدولة ومرافقها العامة وكانت القوانين التي تشرع للمحرمات والكبائر أمرا مألوفا في البلاد ومن ذلك الربا والخمر والخنزير والقمار والعري والزنا والشذوذ وغيره، وفي المقابل كانت القوانين التي ترهب وتخنق التوجه الإسلامي للأفراد والجماعات لا تنفك تصدر الواحدة تلو الأخرى، وكانت الكتب والمجلدات الدينية لا تباع في المكتبات إلا كما تباع المواد المحظورة حيث كان العديد منها يمنع قانونا بمبررات واهية، وأما الكتاتيب والمدارس القرآنية فكانت ضربا من الخيال اللهم في بعض القرى النائية بالبلاد.
كل هذا التضييق العلماني على الإسلام كان ضمن خطة محكمة خطط لها العلمانيون بعناية تامة منذ مدة طويلة من أجل فسخ هوية الدولة العثمانية وسلخها عن دينها وتوطئة الفكر العلماني وجعله الأصل والفرع في كل شيء، وكانوا يعتقدون أن الإسلام هو السبب في تأخر وتخلف الأمة بينما الانسلاخ عن الدين واتباع نهج العلمانية الأوروبية هو الحل نحو التقدم والرقي والازدهار.
وعندما أتى أردوغان واستلم مقاليد الحكم رأى أنه من الاستحالة بمكان تغيير الوضع السائد منذ 80 سنة في يوم أو يومين حيث كان سيواجه بثورة وتمرد من الشعب نفسه قبل أن تأتي من العسكر والقضاء ولذلك لم يكن بوسعه فعل شيء سوى مداراة الحكام الفعليين “الجيش والقضاء” ومداهنتهم ريثما يتمكن من بعض السلطة الفعلية وبالخصوص ريثما يغير بعض القوانين الفرعية والجزئية التي كانت تحول دون الترخيص لبعض الوسائل المعينة على أسلمة المجتمع وبالتالي إعداد الأجيال القادمة المخلصة من لوثة العلمنة والتغريب.
طبعا فبعد 17 سنة من الحكم وبعد إرهاصات كثيرة وأحداث عظيمة وانقلابات معلنة وغير معلنة ومعاناة في ترويض الجيش والقضاء كانت هناك ثمة إنجازات كثيرة لعل أبرزها إنهاء حالة المنع التي كانت تطال كثيرا من شعائر الإسلام وتطهير مؤسستي العسكر والقضاء من أغلب غلاة العلمنة النافذين وكذا من عملاء أجهزة الاستخبارات الأوروبية والأمريكية وأسلمة المجتمع التركي بشكل كبير ومسترسل وخصوصا الأجيال الصاعدة حيث نجح في فتح آلاف الكتاتيب والمدارس القرآنية وكذا الجامعات والمعاهد الإسلامية وأدخل المساجد إلى عقر دار المؤسسات الأمنية والعسكرية ..
لكن هل حان الوقت الآن للبدء بتغيير جذري في الدستور وجعله موافقا لأحكام وشرائع الإسلام ؟
المسألة ليست بالسهلة واليسيرة كما يظن البعض لأنها تتطلب أولا وقبل كل شيء نضجا مجتمعيا كبيرا ورقابة وسيطرة تامتين على جميع الأجهزة النافذة بالبلاد واستقلالية كبيرة في شتى أمور المال والاقتصاد وخصوصا عن المؤسسات الربوية الدولية الكبرى، ثم قبل كل هذا تحضيرا إعلاميا وسياسيا وتربويا مركزا يستمر لشهور متواصلة حيث تفصل المسألة شرعا وقانونا وتبين المصلحة العليا للأمة من خلال برامج توعوية وتثقيفية دقيقة ومتقنة.
وعلى هذا الاعتبار فالذي أراه الآن أن هذا المشروع العظيم لا زال يحتاج لبعض الوقت وكذا لإنهاء بعض المعضلات الكبرى وعلى رأسها إنهاء الصراع السوري وإنهاء الأزمة المفتعلة على العملة المحلية والاستقلال أكثر عن النظام المالي الأجنبي ثم إنهاء حالة الصراع البارد مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ودون إنهاء هذه المعضلات الكبرى فإن فرص نجاح تطبيق الشريعة تبقى متدنية ما دام الشرق والغرب وكل أعداء الإسلام وأهل النفاق متربصون بالتجربة التركية أيما تربص.

آخر اﻷخبار
10 تعليقات
  1. السلام عليكم ، بسم الله و قبل كل شيء أحب أن أقول لك عزيزي كاتب المقال أننا كلنا مسلمون نختلف مع إردوغان صباح مساء و نأكد اختلافنا لأننا رأينا ضلاله وكذبه على الأمة الإسلامية ، دجله فاق الحدود و نفاقه استولى على عقول المثقفين و الأميين و في هذا قول لرسول اللله (ص) : “أخوف ما أخاف على أمتي من منافق عليم اللسان” أتفهم دفاعكم المستميت على الشريعة الإسلامية التي ندافع من أجل تطبيقها بالطريقة الحقة التي تخدم الشعوب قبل الحكام ، لكننا و ايضا ؛ نواجه من يستغل إيماننا العميق بشرائعنا لخدمة أجنداته التخريبية في الوطن العربي الأمازيغي و من أجل الوصول إلى أهدافه النزقة التي لا تمت للإسلام بصلة و ما يفعله إردوغان بالشعب التركي الله و رسوله منه براء لأن الله لا يوالي المنافقين و الأفاكين و سيدنا الرسول لا يحب الدجالين ،إن أكبر مصيبة ابتليت بها الأمة الإسلامية هي أن كل من يتحدث باسم الدين يصبح مقدسا عند المسلمين و لو كان منافقا و قد رأيت في مقالك هذا كيف تبرر له أفعاله الشيطانية و بدم بارد و لو أن ملك المغرب أو ملك السعودية من قام بهكذا تصرفات و شرع هكذا قوانين لأقمتم الدنيا و ما أقعدتموها ، و لنناقش كل نقطة قلتها ؛ قلت أن إردوغان لا يستطيع تطبيق الشريعة و السبب هو سيطرة الجيش و القضاء حسنا لنفترض بصحة هذا و هل الجيش و القضاء هم من أمرا إردوغان بتقنين الدعارة التي لم تكن زمن الجيش و هم من أمرا إردوغان بتقنين المثلية و شطئان العراة و هل الجيش و القضاء هم من أفتوا بالتطبيع من الكيان الصهيوني أه أم أن إردوغان كان مضطرا و حين طبعت مصر مع الكيان الصهيوني قلتم أن السيسي كافر و مرتد و قلبتم الدنيا عليه فقط لأنه عدو لإردوغان و ليس لأنه عدو لله لأن عدو الله ظاهر للعيان إلا أنكم أصبحتم تعبدون الرجل من دون الله فظننتم أنكم على خير و أنتم و الله على ضلالة لم ارى مثلها قال تعلى : ” أفسحر هذا أم أنكم لا تبصرون ” إردوغان الذي قتل زكي مبارك الفلسطيني الذي اتهم بالجوسسة و لماذا لم يتم محاكمته لأنهم لم يجدو دليلا على إدانته فتخلصوا منه و الدليل موجود على جسد الرجل الذي وجدت على جسده آثار تعذيب بشهادة أسرته و لكنك لن تسمع هذا على قناة الخنزيرة الموالية لهذا العلج قرددوغان قد تظنني حاقدا عليه و والله إني لأشفق على كل من يتبع هذا الرجل لأنكم مغيبون ثم ليس بيني و بينه أي مشكل فلست ذو ميول علماني و لست يساريا و لكني على الحق بإذن الله ، إذن قبل أن تبررو ا أفعال الرجل و تشيطنوا افعال السعودية و الإمارات فقط لأنها تخالف هواكم راجعوا أنفسكم فقد انسلختم عن عبادة الرحمان و اصبحتم عبيدا لهذا المرتد الفاسق

    11
    19
    1. اقف مندهشاً أمام الأكاذيب و المغالطات المنطقية التي يحتويها تعليقك اخ يوسف 🙁
      و السؤال هل أنت أمازيغي ؟
      الجواب لا شك في ذلك
      انا أمازيغي لكن لن أترك هذا الإنتماء يغمض يعمي بصري و بصيرتي حول ما فعله اردوغان من اجل الإسلام و ما فعله الحكام العرب المولودون في بلاد الإسلام …
      إتّف الله يا رجل ، ستحاسب على كل كلمة و كل كذبة غيرت بها مجرى المقالة
      حسبنا الله و نعم الوكيل

      15
      3
    2. نصيحة لك أخي أن تنشغل بنفسك بدلاً من الإنشغال بالتكفير والردة و فإن أخطر علم هو علم التكفير وتترك هذا الرجل المسلم هو وإنجازاته أما السيسي وملك السعودية فهم كل يوم يقتلون بغير مبرر في اليمن ولم ينصرهم الله في حربهم بالرغم من العدة الهائلة كل يوم الحوثيون يطلقون صاروخا والسيسي تكفي صعوده للعرش بالخيانة وقد فعل أشياء تنقض الإسلام فقد دعا الغرب إلى مراقبة المساجد و….. أما بن سلمان فيكفي اعتقاله العلماء والدعاة الأبرياء وتعذيبهم وقتلهم و قضية خاشقجي تكفي أما ملك المغرب فهو فيه خير مقارنة بهؤلاء أما أردوغان فله عيوبه ولكن فيه بذرة خير وأنت اتهمته بالدجل والكذب بغير دليل وبغير حجة المطلوب أخي الدعاء لولاة أمور المسلمين بالخير.والسلام عليكم

      15
      4
  2. الى يوسف صديق انا متفق معك فيما قلت عن تبرير صاحب المقال لافعال اردوغان وانا ازيد على كلامك هل هناك دليل يبيح له ان يقترض بالربا للضرورة !!! ومعلوم ان تركيا جل اقتصادها ربوي ولكن غير متفق معك في قولك عن إردوغان انه مرتد فهذا تكفير صريح له والتكفير لا يكون إلا إذا استوفت الشروط وانتفت الموانع اما الحكم بغير ما أنزل الله ففيه تفصيل كما ذكر اهل العلم وارجع الى كتاب الأصول الثلاثة شرح الشبخ بن عثيمين

    8
    3
  3. عذر أقبح من ذنب.
    وإن كان يدل كلام صاحب المقال على شيء ، فهو يدل على جهل بحقيقة التلازم بين الربوبية والألهية،
    وأن الأنبياء عليهم السلام جاؤوا لتعبيد الناس لرب الناس، وذلك بالخضوع لأوامره وتشريعات، وليس لتعريفهم بوجوده.
    بقوم لوط كفروا لما رفضوا شريعة الله فيهم.
    وكذا قوم هود وقوم شعيب وفرعون والتنمية.
    فالصراع كان حول لمن الطاعة، التي هي الألهية.
    فهؤلاء لا يدركون أن الاستمرار في تحكيم الناس لغير رب الناس، هو استمرار في تعطيل ألهيته في الأرض على العباد.

    5
    1
  4. أردوغان نعم مسلم ولكنه صوفي ينتمي إلى الطريقة النقشبندية وهو مازال يحضر الى حفلات الطرق الصوفية التي تقام في تركيا

    6
    2
  5. أولا أنا لست سلفيا أنا مسلم ، ثانيا تكفيري لإردوغان لأنه من يهود الدونما كما قال محمد عيسى داوود الباحث في شؤون الأمن القومي و تكفيري هذا تكفير سياسي و ليس تكفيرا دينيا بمعنى آخر أنني قصدت بكلمة مرتد أنه انسلخ عن قانون الطبيعة الإنسانية التي تجرم الكذب و إضلال الناس و بيع الوهم لهم يستغل سذاجة الناس ليمرر أجنداته القذرة ألا و هي السيطرة على بلاد المسلمين تحت مسمى خليفة و أي خليفة هذا الذي يحرم ما أحل الله (التعدد) و يحل ما حرم الله ( الزنا) آسفلكن لا أحب الدجالين و المتافقين
    ما يفعله إردوغان ليس إلا لخدمة أجداته السياسية و ليس لخدمة الإسلام أما الإسلام فله رب يحميه

    4
    2
  6. جزاك الله خيرا الأخ يوسف صديق هناك من يتغنى بشعار تطبيق الشريعة ومحبوبه العظيم الجلوس على الكرسي فالاخوان هذه حرفتهم ومهنتهم الللهم اكفينا شرهم

    4
    6
  7. لم اكن اعلم ان المدخليين ينشطون في المغرب لهذا الحد .
    يمتاز اوردوغان ببعد النظر و التريث و طول النفس عكس السلفيين وبعض الإسلاميين الذين يستعجلون تطبيق الشريعة لمجرد وصولهم الى الحكم . الاتاتوركية مازالت متجذرة في المجتمع التركي وتحتاج الى سنوات حتى تتلاشى ،،أعيش بين الإخوة الأتراك واسمع منهم العجب العجاب بما حققه الطيب اوردوغان في شتى المجالات … المجتمع التركي مازال غير جاهز لتطبيق الشريعة زِد على ذلك التربص الغربي بهذا الزعيم المسلم . اوردوغان سار ويسير بخطى بطيئة و واثقة نحو هدفه وليس في عجلة من أمره . من كان يظن قبل سنوات ان تلبس المرأءة التركية الحجاب في جميع مؤسسات الدولة ؟. من كان يظن ان تمتلأ المساجد بالمصلين وحفاظ القرآن و عودة المجتمع التركي رويدا رويدا الى التدين ؟ خصوم اوردوغان من السلفيين يعايرونه بتقنين الشذوذ و شواطىء العراة وهم صم عمي بكم عن الإنجازات الضخمة التي حققها والتي لا يسع المجال لذكرها هنا ، لكن نقول لهم خسئتم و خبتم ، كل ذلك سيزول ان شاء الله بفضل التعليم و تربية الأجيال القادمة تربية إسلامية كما عاد التدين الى المجتمع التركي بالتدرج ،ستزول هذه المظاهر كذلك بالتدرج . الحكومة التركية لها رؤيا محددة و تعرف جيدا الى ابن تريد ولا مجال للسياسات العشوائية فتلك صناعة عربية بامتياز ..

    4
    4

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M