مبادرة دعوية بمصر.. رواد المقاهي يستقبلون وعاظ الأزهر بدهشة وارتياب وترحاب

07 نوفمبر 2018 17:59
مبادرة دعوية بمصر.. رواد المقاهي يستقبلون وعاظ الأزهر بدهشة وارتياب وترحاب

هوية بريس – وكالات

مشهد غير مألوف بات متكررا بمقاهي القاهرة والأقاليم، إذ يفاجأ رواد المقاهي الشعبية بشيخ أزهري معمم يتقدم شيخين آخرين، ويطلب الحديث مع الجالسين في شؤون الدين.

ومن بين دخان الشيشة المتصاعد، يمكن ملاحظة علامات الدهشة الكبيرة تتقافز على ملامح رواد المقاهي، فتختلط نبرات تعجبهم مع كركرة الشيشة، وتمتزج مشاعر الترحيب بالريبة.

يقطع هذا الاضطراب البادي موعظة لبضع دقائق تتخللها آيات قرآنية وأحاديث نبوية يحض المشايخ بها الحاضرين على حسن الخلق، ثم ينصرفون، تاركين رواد المقهى غارقين في دهشتهم وانقسامهم ودخانهم.

يقول هيثم منصور، وهو خريج جامعي حديث حضر أحد هذه اللقاءات، إن الشيوخ ركزوا في عظتهم على حديث نبوي يتعلق بآداب الجلوس في الطريق، من غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

يؤكد هيثم تجاوب معظم رواد المقهى مع الشيوخ، باستثناء فردين، علق أحدهما -بعد انصراف الواعظ- بالرفض لكل شيوخ الأزهر جملة معتبرا أنهم علماء سلطة، ويتكلمون بتعليمات أمنية، وأن العظة المقبلة ستكون حتما عن “فوائد طاعة الحاكم”، بينما أبدى الشخص الآخر لامبالاة تجاه الأمر كله.

ولطالما كان الوعظ في المقاهي والشوارع حكرا على الحركات الإسلامية الدعوية بمصر، كجماعة التبليغ والدعوة الحريصة على أخذ تصاريح أمنية قبل التحرك للدعوة، لكن الأزهر خطا مؤخرا باتجاه اقتحام هذه الساحات بوعاظه المشتهرين بزيهم الأزهري المعتاد، عقب مبادرات سابقة مثل إقامة أكشاك للفتوى بمحطات المترو، وهي فكرة ماتت بعد ولادتها بأسابيع.

احتفاء ونقد
وتباينت ردود الفعل تجاه هذه المبادرة بين احتفاء في تحفظ وتشكك وانتقاد بالغ.

شريحة من الجماهير المستهدفة بالوعظ على المقاهي رأت في المبادرة “ضرورة لازمة لطرق أبواب قلوب لا تنفتح لوعظ الشاشات، ولا تذهب للمسجد إلا قليلا”، بينما انتقدها آخرون ورأوها “إهانة لمكانة الشيوخ، المفترض فيهم نهي الناس أصلا عن أماكن المعصية كالمقاهي التي تتناول فيها مكروهات وأحيانا محرمات”.

ويتشكك منتمون لجماعات إسلامية في المبادرة بالجملة، معتبرين أن هدفها “سحب البساط من تحت أقدام دعاة متطوعين حسبة لله”، وهؤلاء الدعاة بذلك، وفي نظر أجهزة الأمن، خارج السيطرة الرسمية.

وتنطلق هذه الشكوك من نظرة شرائح معتبرة من أبناء الجماعات الإسلامية إلى الأزهر على أنه “ذراع للسلطة في النهاية، وتحركاته لن تخرج عن طوعها”.

وتوسع الأزهر في نشر وعاظه بالمقاهي مؤخرا، بعد إطلاق تجريبي للمبادرة قبل شهور، “أثبت نجاحا بحسن استقبال الجماهير لوعظ الشيوخ”، حسب تصريحات صحفية لمسؤولين بالأزهر.

وعلى صفحة فيسبوك الخاصة بمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، تباينت تعليقات رواد الصفحة بين الترحيب الشديد والتنديد، مع توقعات بعدم استمرار المبادرة، نظراً لأن القائمين عليها مأمورون بها ولا يتحركون بدوافع إيمانية أو دعوية.

لن تستمر

وثمّن مستشار وزير الأوقاف الأسبق الشيخ سلامة عبد القوي المبادرة كفكرة، لافتا إلى أنها كانت مطلبا للشيوخ كي يتصدر الأزهر الدور الدعوي في الشارع، لكنه يستدرك مؤكدا أن “هذه المبادرة لن تستمر طويلا”، كما جرى لأكشاك الفتوى، لأنها جاءت “في وقت غير مناسب”، فالشارع المصري وتحديدا الفئة المستهدفة وهم شباب المقاهي لديهم “انطباعات نمطية سلبية عن علماء الدين”، رسختها الأعمال السينمائية والدرامية المصرية مؤخرا.

وتوقع المتحدث أن تنعكس هذه “الانطباعات السلبية” على تعاملات الجماهير مع الوعاظ، ومقابلة مقدمهم عليهم في المقاهي “بالاستخفاف”، مما سيحبط المشايخ ويدفعهم لتأديتها بطريقة “سد الخانة دون الحرص على نتيجة”.

ويستدعي عبد القوي في هذا المقام سلوك الدعاة المتطوعين الذين كانوا “يحتملون الأذى في سبيل الدعوة حسبة لله، وليس انتظارا لمكافأة وظيفية”.

أما الطبيب خالد منتصر الذي اشتهر بكتابات ذات نزعة علمانية “متطرفة” فكتب تغريدة يؤكد فيها أن صور الدعاة وهم يطوفون بالمقاهي لوعظ المواطنين والإجابة على أسئلتهم الدينية تذكّر ببدايات مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الإمام حسن البنا، الذي كان يعتمد على أسلوب “الوعظ بالإجبار”.

وتساءل منتصر “ألا تكفيهم مئات آلاف المساجد والزوايا المنتشرة في طول مصر وعرضها فخرجوا إلي الشوارع والمقاهي والنوادي؟ هل هو “الوعظ دليفري وبالقوة، ومع سبق الإصرار والترصد؟”.

(المصدر: الجزيرة.نت).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M