ملاحظات عن الامتحانات الجهوية للأولى باك في مادة التربية الإسلامية

17 مايو 2021 15:43

هوية بريس – أحمد شلاط 

 (1)إشكالات الوضعية والأسناد

بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، في البداية ما سأذكره من ملاحظات لا يقدح في الجهود التي يبذلها رجال المادة من أساتذة ومفتشين جزاهم الله خيرا، بل من باب التناصح الواجب  الذي يقوم عليه الدين الذي تنسب إليه المادة ، والغرض من هذا المقال تنبيه القائمين والمشاركين في إعداد مواضيع الامتحانات الإشهادية بصفة خاصة، وغيرها من الامتحانات بصفة عامة على بعض الملاحظات لمزيد من تجويد التقويم ورفعه عن بعض النقائص التي قد تتخلل بعض المواضيع وتكون محل نقد أو استشكال من التلاميذ خلال أو بعد إنجاز الامتحان أو من الأساتذة خلال التصحيح… والتي لا ينبغي أن يلهينا الرضا العام عن مردودية التلاميذ في المادة وما يتحقق سنويا من نتائج سارة عن إثارتها ومناقشتها في أفق تصحيحها، وأملا في توحيد المنهجية على الصعيد الوطني حتى يستفيد المتعلمون عند استعدادهم من الامتحانات السابقة …

ستركز هذه الورقة على الامتحانات الجهوية للسنة الماضية أي للموسم 2020 وما سأذكره من أمثلة عن الجهات قد يكون في واحد من امتحاناتها إما الخاص بالقطب العلمي أو القطب الأدبي نظرا لعدم توحيد الامتحان في السنة الماضية، والغرض هو التمثيل وليس الاستقراء. وسأركز في هذا المقال على إشكالات الوضعية والأسناد، وإن يسر الله قد تكون قضايا أخرى موضوعا لمقال آخر إن شاء الله.

1) إشكالات الأنواع والأعداد

رغم وحدة الإطار المرجعي إلا أن اعتماد الأسناد يختلف من جهة إلى أخرى فمن الجهات من لم تعتمد منهجية الأسناد بعد الوضعية كجهة الرباط ، وسوس والداخلة في إحدى الوضعيات… بينما أغلب الجهات تعتمد منهجية الأسناد بعد الوضعية وبين من يعتمدها اختلاف في الكم والكيف، فمن الجهات من اعتمدت سندا واحدا، ومنها من اعتمدت سندين، ومنها من أوصلت الأسناد إلى أربعة، وهذه بعض الأمثلة على هذا الاختلاف فمن الجهات التي اعتمدت سندا واحدا: مراكش، و طنجة … ومن الجهات التي اعتمدت سندين : الدار البيضاء، العيون، بني ملال، درعة…  ومن الجهات التي اعتمدت ثلاثة أسناد:  فاس مكناس،  وبلغ عدد الأسناد أربعة  في امتحان لجهة  الشرق. ويمكن اكتشاف منهجية ثالثة بملاحظة منهجية جهة الرباط في الامتحانين(الآداب والعلوم) في كل منهما آية من سورة يوسف، وبذلك يتبين ما يمكن تسميته منهجية تضمين السند في الوضعية، وهذا المنهج ملاحظ في امتحانات هذه الجهة في السنوات السابقة كذلك.

أما نوع هذه الأسناد فعند أغلب الجهات كانت نصوصا شرعية، وفي بعض الجهات كانت متنوعة بين نصوص شرعية وأخرى من التفسيرأو السيرة  أو من النصوص الفكرية كجهة فاس مكناس، درعة ، بني ملال… وكذلك اختلف حجم هذه الأسناد فتراوح بين نص من سطر، وبين فقرة من مجموعة أسطر…

بناء على ما سبق يمكن الحديث عن إشكال آخر يتعلق بتدبير المتعلم للزمن إذا كان المطلوب منه قراءة وفهم سياق الوضعية، و أربعة نصوص أخرى معها كأسناد… وعندما يبدأ في الإنجاز قد يجد السؤال المتعلق بالسند الرابع هو السؤال الخامس أو السابع، فيضطر للرجوع للسند لقراءته مرة أخرى ليتمكن من الجواب، والجزاء على كل هذا الجهد قد يكون نقطة أو نصفها، بالإضافة إلى إزعاج تقليب الصفحات بالرجوع من الثالثة أو الرابعة إلى الصفحة الأولى حيث الوضعية، وإذا كان السند يتعلق به سؤال واحد فبالإمكان اختصار الزمن بجمع السند والسؤال في مكان واحد، وتفاديا للإزعاج المذكور حبذا لو تعمم الطريقة التي اعتمدتها بعض الجهات كجهة بني ملال بجعل الوضعية والأسناد في ورقة مستقلة ليتمكن المتعلم من استصحابها في الإنجاز، لأن أغلب الجهات تجعل الوضعية متصلة بالأسئلة التي تتخللها فراغات للأجوبة، باستثناء بعض الجهات كجهة الشرق وجهة الداخلة  وجهة العيون التي اعتمدت طريقة الفصل بين ورقة الأسئلة وورقة الأجوبة. 

  • إشكالات التوثيق

لا أشك في معرفة الساهرين على إعداد الامتحانات لأهمية توثيق النصوص بصفة عامة، وتوثيق النصوص الشرعية بصفة خاصة، وتوثيق ما يتضمنه الامتحان الذي يوجه لآلاف المتعلمين وبعد ذلك ينشر على نطاق واسع أولى بمزيد من التدقيق والتحري، وفي هذا الباب يمكن التنبيه على أمرين: الأول في الأحاديث الصحيحة والمشهورة ما يغني عن الأحاديث الضعيفة والغريبة ، خاصة عند اتباع الكتب المدرسية التي وظفت مثل هذه الأحاديث،  والثاني: ويمكن رده إلى الخطأ وعدم الانتباه ومثاله ما ورد في امتحان الدار البيضاء القطب الأدبي السند الأول وفيه: قال تعالى في سورة هود : “وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تاويل الاحاديث….عليم حكيم” والآية من سورة يوسف  

  • إشكالات توظيف الأسناد:
  • التوظيف الضعيف: من الإشكالات التقويمية شحن بعض الامتحانات بالأسناد وعند التوظيف نجده ضعيفا أو قليلا، ففي بعض الامتحانات لا يتعلق بالسند إلا سؤال واحد، و أحيانا يكون بإمكان المتعلم الجواب عنه بدونه نظرا لارتباطه بمكتسباته مثلا في امتحان جهة مكناس(آداب):س4) اعتمادا على السند 2 بين أثر الايمان بالغيب في تغيير سلوك الموظف الذي خرج قبل موعد انتهاء عمله. فيمكن للمتعلم الجواب من المحور الثالث من درس الإيمان والغيب وهو بعنوان: أثر الإيمان بالغيب على التصور والسلوك . ويمكن أن يقال مثل هذا على السؤال 4 (امتحان جهة مكناس القطب العلمي) الذي يمكن الجواب عنه باعتماد أسس الكفاءة والاستحقاق، وبهذه الطريقة يصبح المتعلم أمام الوضعية والسند والمكتسبات فيصبح حاله أشبه بمن يمشي وسط ألغام فهم السؤال وفهم السند، واستحضار المكتسبات المناسبة، فيصير للسند وظيفة تشتيت الانتباه فضلا عن ضعف توظيفه…وكان بالإمكان عدم ربط السؤال بسند معين وتركه يختار السند المناسب
  • التوظيف المتعسف

أحيانا يكون الإشكال في التوظيف المتعسف للنص في غير مقصوده الشرعي وفي الاستنباط البعيد عن محاور الإطار المرجعي، فيكون في هذا التوظيف اعتداء على النص من جهة بلي عنقه وتحميله ما لايحتمل، كما أن فيه اعتداء على المتعلم الذي يوضع في موضع المجتهد المستوفي شروط الاجتهاد، بل إن بعض الاستنباطات الغريبة المطلوبة في بعض الامتحانات  قد لا تخطر حتى على بال كبار المجتهدين، ومن أمثلة هذا التعسف ما ورد في امتحان كلميم (آداب) والسند هو قوله تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة” فكان السؤال 2 : استخرج من السند ما يلي: ا- الحكم الشرعي المستفاد.1ن  ب- مقصدا من مقاصد الزواج 1ن . وفي عناصر الإجابة في خانة الحكم الجواب الآتي:  وجوب الالتزام بالمساكنة والمودة والرحمة في العلاقة الزوجية !. اتهمت جهلي فبحثت في بعض كتب التفسير كتفسير القرطبي والطبري ولم أجد شيئا من هذا الاستنباط ، وبالنظر إلى ألفاظ الآية فليس فيها شيء من ألفاظ الوجوب، بل قد صرحت نصوص أخرى بأحكام حالات النشوز والإعراض والكراهية بين الزوجين وما شرع الصلح والخلع والطلاق إلا لمثلها، والقول بالوجوب يقتضي أن يكون كل هؤلاء مذنبون، والآية صريحة وواضحة في مقاصد الزواج فكان الأولى الاكتفاء بالسؤال فيها بل هنا لا ينبغي حصر الجواب في مقصد فلو قيل : استخرج أو استنتج أو وضح  مقاصد الزواج لكن أفضل ففي الآية ثلاثة مقاصد: السكن، المودة، والرحمة

بالرجوع إلى الإطار المرجعي فالذي ينبغي تقويمه في النصوص هو فهمها وتحديد مضامينها واستخلاص القيم والأحكام منها، وقد خصص لذلك 4 نقط، والملاحظة العامة في أغلب الامتحانات الجهوية عدم احترامها لهذه النسبة وهي الخمس كما خصص 3نقط لاستخراج القيم وتوظيفها، فيمكن القول بأن الإطار المرجعي قد خصص 7 نقط  تقريبا للاشتغال على النصوص الشرعية التي نلاحظ ضعفها أو تغييبها في كثير من الامتحانات التي تضخمت فيها الوضعية بقال فلان وقالت فلانة… على حساب النص الشرعي وإذا وردت النصوص كأسناد يكون توظيفها في التقويم ضعيفا وعلى مستوى التنقيط  لايحترم ما نص عليه الإطار المرجعي مثلا في امتحان وجدة ثلاثة أسناد يتعلق بها سؤال 7 نقطة واحدة وجزء من السؤال 9 على 1.5ن وفي امتحان آخر أربعة أسناد وأغلب الأسئلة المتعلقة بها في المكتسبات، مما يجعل ورود هذه الأسناد ولو عند كثرتها شكليا وليس وظيفيا.

  • إشكال غرابة الأسناد: معلوم ضرورة مراعاة مستوى المتعلمين وتجنب التشويش عليهم فرغم أن المتعلمين يدرسون سورة يوسف وعدد آياتها 111 وهناك نصوص مرتبطة بالدروس ارتباطا وثيقا يغلب على الظن دراستها رغم ذلك نجد في بعض الامتحانات نصوصا “أسنادا” يصلح وصفها بالغرابة فيكون توظيفها في الامتحان تعجيزا للتلميذ وخروجا عن الإطار المرجعي إذا كان المعنى المتضمن لا يتعلق بمحاور الدرس وأسوق كمثال على ذلك السند الثالث من امتحان الشرق وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرا من اليقين والمعافاة فسلوهما الله عزوجل ” مسند أحمد وقد رواه الترمذي بلفظ قريب وقال حسن غريب،

بالرجوع إلى الحديث يقول السؤال المتعلق به(7ب): بين أهمية اليقين والمعافاة في فترة الحجر الصحي بسبب كورونا مستعينا بالسند الثالث 1ن.

في الحديث ورد اليقين وهو من الدروس المقررة، أما المعافاة فهي ما اعتبرته مشوشا وغريبا و لو اقتصر السؤال على اليقين المتعلق بالدروس لكان مقبولا لكنه أقحم اللفظة المشوشة …

وفي امتحان آخر لجهة الشرق( القطب العلمي) برقم 10 انطلاقا من السند الرابع بين موقفك ممن يدعي أن الاسلام لم يمنح المرأة المطلقة حقوقها كاملة علل جوابك. والسند الرابع هو قوله تعالى: “وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ”  ومحاور الإطار المرجعي في الطلاق هي: تعريف الطلاق وحكمه وشروطه، وأنواع الطلاق والعدة، ومقاصد الطلاق وآثاره على الأسرة والمجتمع، وقد وردت أسئلة في حقوق المطلقة في جهات أخرى كجهة الرباط وغيرها، وكأن قضايا الطلاق الكثيرة (التعريف، الحكم ، الشروط ، أقسام الطلاق، أقسام العدة، المقاصد، الآثار…) والمحشورة في درس واحد ينجز تقديرا في حصتين لم تكف أصحابنا فذهبوا يبحثون عن قضايا أخرى إضافية .

ومثله في امتحان سوس ماسة برقم 11 قوله تعالى: “وعاشروهن بالمعروف” وحديث ” إن من أشر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ” بالإضافة إلى إشكال قدرة المتعلمين على فهم النص واستنباط الحكم منه وتوظيفه في الوضعية هناك إشكال انسجام مضمون النص مع محاور الدرس في الإطار المرجعي (تعريف الزواج حكمه أركانه ،وشروطه ، مقاصده ) ولعل الوهم دخل من إضافة بعض الكتب  لشروط ومقومات استقرار الأسرة في درس الزواج وهو محور في درس الأسرة نواة المجتمع، وقد كان من الدروس المحذوفة في السنة الماضية.

  • إشكال تكافؤ الفرص: وذلك عند ورود الآية أو الحديث في كتاب مدرسي دون الآخر، فما دام هناك تعدد الكتاب المدرسي، ينبغي الحذر من اعتماد النص الوارد في كتاب معين دون غيره في الامتحان الموحد، فتكون فرص المتعلمين الذين درسوا بالكتاب المتضمن للنص أوفر من غيرهم، وهذا يخل بمبدأ تكافؤ الفرص.
  • الإشكال تصحيح أسئلة الأسناد: الأسئلة المتعلقة بالأسناد خاصة إذا لم تكن دقيقة، فأغلب المتعلمين ينقلون أجزاء من السند ويضمنونها أجوبتهم فيصعب رفضها كليا، فيصير للسند وظيفة تمييع الجواب، ويضعف فعل المتعلم الذي يتلخص في النقل أو إعادة الصياغة أو الاختصار، وهذا لمسناه خلال عمليات التصحيح .
  • إشكال المبالغة في التبسيط

في بعض الأحيان ينزل توظيف الأسناد إلى التبسيط المبالغ فيه، ومثله في امتحان جهة الرباط (آداب) س 3 يقول: بينت الآية الكريمة الواردة في الوضعية (هي قوله تعالى: قال اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم “) العلاقة بين قيم الكفاءة، المسؤولية، المبادرة إلى خدمة الصالح العام، وظف هذه القيم لتملأ الجدول الآتي بما يناسب                                                0.75ن

مقاطع الآيةقال اجعلنيعلى خزائن الارضإني حفيظ عليم
القيمة المتضمنة    

علما أن الآية مما درس في سورة يوسف ودرس في درس الكفاءة والاستحقاق أسس الكفاءة و المبادرة إلى خدمة الصالح العام… فكان الأولى السؤال عن القيم الواردة في الآية أوعلاقتها بالمبادرة و تحمل المسؤولية بدل إعطائه كل شيء، ومثله في س 13(جهة الرباط علوم) نص في آخره وضع سطر تحت تعريف الطلاق وكان السؤال :ا- قدم مصطلحا مرادفا للعبارة التي تحتها سطر ، فكان الجواب المنتظر من المتعلم أن يجيب بقوله: الطلاق، وبعد هذا السؤال أسئلة أخرى في الطلاق والمطلقة وحقوقها…فكان في السؤال بساطة مبالغ فيها بالإضافة إلى سوء الصياغة التي صعبت فهم المطلوب على كثير من المتعلمين، فلو ترك حذف في التعريف وطلب من المتعلم إتمامه، أو جعله واحدا من اختيارات متعددة، لكان أفضل وأوضح وأجدى في التقويم.

وفي جهة الشرق 7-ا : برهن انطلاقا من السند الثاني على أن العلم يقوي الإيمان ويرسخه إلى درجة اليقين . 1ن .  والسند الثاني( وهو قوله تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء…) فأي برهنة بقيت للتلميذ والآية أمامه تتحدث عن العلم والخشية؟  وإذا ربط بينهما بأي عبارة سيضمن نقطة . فكان الأولى تركه يستنتج هذه العلاقة من الآية فيكون السؤال مثلا  : انطلاقا من السند الثاني وضح علاقة العلم بالإيمان. أو استنتج أثر العلم على إيمان العلماء.

في الختام يمكن القول ما يزال تقويم المادة عموما في حاجة إلى المزيد من التعاون وتضافر الجهود لتحقيق التوحيد والتجويد، وعسى أن يكون ذلك مفتاحا لمراجعات للإطار المرجعي ومنهاج المادة، والأمل معقود على أساتذتها ومفتشيها الذين أتمنى أن تتسع صدورهم لهذه الملاحظات المتواضعة والتي أتمنى أن تكون رافعة لبعض الصعوبات على المتعلمين والتي يزيد توقعها متاعب إضافية للمدرسين أثناء إنجاز الدروس، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال في هذا الشهر المبارك .

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M