من أزمة حزب العدالة والتنمية: “الفراغ” الذي أنتج “الغوغاء”

12 ديسمبر 2020 12:16
قيادة "العدالة والتنمية" تعتزم تنظيم "حوار هادئ ونقاش معمق" بينها حول القضايا الخلافية

هوية بريس- محمد زاوي

يعاني “حزب العدالة والتنمية”، في هذه المرحلة، من عدة فراغات:

– فراغ نظري: وهذا ما عاناه “الحزب” منذ تأسيسه، حيث تغيب الأداة النظرية المعتمدة في “تحليل الواقع الملموس تحليلا ملموسا”، ما يجعل برامج “الحزب” وأوراقه عرضة لأنْ يُدَسّ فيها “من كلّ فنّ طرب”، ومن كل منهج أداة، ومن كل مدرسة قول، ومن كل تحليل خلاصة… إلخ.

– فراغ استراتيجي: فمن حزب كان هدفه أسلمة “المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية”، إلى حزب استوعب إلى حدّ ما –وبكثير من الضعف والغموض-معركتيه الديمقراطية والوطنية، إلى حزب أرهقه التدبير، بل وأصبح عبئا على هذا التدبير نفسه، لشروط ذاتية، إذ لا تحرر من نظيرتها الموضوعية ولا تحكم فيها إلا بسداد الوعي والممارسة (أي بالشروط الذاتية). وهكذا، أصبح الحزب، بين ليلة وضحاها، هشيما تذروه الرياح. فرسا حيث لم يكن، وأصبح حيث لم يكن يخطر له على بال، وكل ذلك على قدر كبير من الضعف والتذبذب وعدم الرسوخ.

– فراغ تكتيكي: وهذا هو حال من فقد الاستراتيجية، فالتكتيك هو “التنفيذ المتدرج للاستراتيجية”، ولا تكتيك حيث تغيب هذه الأخيرة، ولا نجاعة للمناورة العمياء (التي بلا استراتيجية ولا تكتيك). و”من لا استراتيجية له، سيجد نفسه في استراتيجية الآخر لا محالة” (هكذا تكلم هيجل).

– فراغ إيديولوجي: إن الإيديولوجيا التي كانت تحرض على الاستراتيجية الأولى (استراتيجية “الأسلمة”)، سرعان ما فقدت بريقها وقدرتها على التأثير بتواري تلك الاستراتيجية إلى الخلف. وحيث كانت تنتقل “الإيديولوجيا” من “اقتحام السياسة بالإسلام” إلى “تبرير الممارسة السياسية بالإسلام”، إلى “استحالة الممارسة تبريرا لذاتها”؛ فإنها كانت تبحث عن حتفها، في واقع يخنق “الإسلاميين المشاركين”، لأنهم لم يفسروه منذ البداية. ففاجأهم في النهاية، تاركا الفرصة لعبقرية “زعيم”، سرعان ما لفظت الإيديولوجيات التي كان ينتجها أنفاسها الأخيرة، في جمهور من القواعد أغلبها “عولمي”، وفي مجتمع مخترق ب”ما بعد الحداثة” و”العولمية” و”العدمية”، وفي إدارة دولة تتخوف على الوطن ومصالح الطبقة المسيطرة (حيث تكون مصالح الطبقة “بناء تحتيا” لوطنيتها)، فيما يتخوف الرأسمال الأجنبي على فائض قيمة ينتجه العمّال المغاربة وتضاعفه الامتيازات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية، في حين يتخوف ممثلو هذا الرأسمال والمدافعون عنه على ريع الخدمات الاستعمارية المقدمة له من قِبلهم.

******

هذا هو الفراغ الذي أنتج الغوغاء، ولا شيء غيره، فوجد “الحزب” نفسه أمام:

– قابلية بعض أعضائه للتوظيف من قبل الأجنبي، وقرائن ذلك عديدة.

– قابلية بعضهم لخدمة الأطراف النقيضة من “حزب العدالة والتنمية”، على المستوى الوطني، فقد بدأت الهجرات هنا وهناك.

– تعدد المرجعيات والآراء والإيديولوجيات داخل الحزب الواحد، ما لا يمكن أن يعتبر ظاهرة صحية، بأي حال من الأحوال. فللاختلاف حدود، وللرأي سقف، وإلا لما بقي الحزب حزبا، ولتحول إلى ساحة “أغورا” للنقاش، بل ولنقاش من هبّ ودبّ، وكأن الرأي للجميع.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M