موقف التطرف اللاديني من الدعاء

04 أبريل 2020 17:40

هوية بريس – د.محمد عوام

امتعض بعض المتطرفين اللادينيين من التجاء المسلمين إلى الدعاء، دعاء الله عز وجل، بالتضرع إليه سبحانه وتعالى بأن يكشف عن عباده والأمة هذا الوباء وهذه الغمة، وقد وردت في ذلك أحاديث صحيحة، ولكن الحقد اللاديني لم يجد بدا من تصويب سهامه المسمومة كعادته دائما، مفتريا أن هؤلاء المسلمين لا يبحثون عن حلول لأزمة الوباء، فينتظرون حتى يأتي الكفار بالحلول بالبحث العلمي، والرد على هؤلاء المتطرفين الجهلة فيما يلي:

أولا: مرجعيتنا الإسلامية التي تتنكرون لها وتحاربونها تدعون إلى التضرع لله تعالى والإنابة إليه، لأنه هو الخالق وبيده مقاليد الأمور كلها، وهو القادر سبحانه وتعالى على رفع البلاء، وهو القائل سبحانه: “ادعوا ربكم تضرعا وخفية”، وقال عز وجل: “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان…” فنحن منطقيين مع أنفسنا، منسجمين مع عقيدتنا أن الدعاء يرفع البلاء، وأن بعد العسر يسرا.

فإذا كان لا يعجبكم الدعاء وطبعا لن يعجبكم، لأن قلوبكم فارغة من مقتضياته الإيمانية، فلماذا تناقشون هذا الموضوع من أصله وهو عندكم من الخرافات الغيبية، والميثاليات الميتافيزيقية. فكان الأولى بعقلانيتكم الخارقة أن لا تقحموا أنفسكم فيما لا يرى من حجب الغيب، والدعاء هو التوجه بالابتهال والإنابة إلى عالم الغيب والشهادة سبحانه.

ثانيا: أن الدعاء في الإسلام لا يمنع أبدا من اتخاذ الأسباب، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتخذ الأسباب ويتوكل على الله ويدعو الله عز وجل. وعلم أمته أدعية كثيرة. ثم كنتم تعيبون على المسلمين لجوءهم إلى الدعاء وأنهم لا يبحثون عن حلول طبية ومختبرية، فهو نفس النقد الموجه إليكم، ماذا صنعتم أنتم، سوى صناعة شقشقات الكلام الفارغ، وحتى أنتم لستم ممن يشتغل في المختبرات، إذن هذه حجة واهية مقصودكم منها التظاهر بالعلمية والتبجح بالمختبرية، وكأنكم أهل اختصاص. والحق أن كثيرا من المسلمين من أهل الخبرة والكفاءة العلمية المتخصصة في بلدنا وغيره تشتغل وتبحث عن الحلول. ويقدمون خدمات جليلة ومهمة في هذه الأيام العصيبة، بل قدموا أرواحهم وأموالهم. فلماذا هذه المزايدات والحقد؟!

ثالثا: الحقيقة الغائبة عن كثير من الناس، أن التطرف اللاديني العلماني هو من وراء تخلف الأمة، فلم يقدم مشروعا لبناء الأمة تكنولوجيا ولا علميا ولا قيميا وإنما فقط تخصص في حرب الإسلام، وتسفيه قيمه، والافتراء على علمائه وأبنائه. ثم هو مبتوت الصلة بالأمة، لم يكن في يوم من الأيام يحس بانتمائه الحضاري، وإنما هو باختصار ذيل لأسياده المستعمرين.

سيقول بعض الناس بالغت، فأقول: إن العالم الإسلامي منذ خروج المستعمر والاتجاه العلماني بشتى تشكيلاته هو من يحكمه إلى يومنا هذا، فما هي محصلة النتائج؟ هي باختصار شديد: الفساد والاستبداد، وحرب الدين والقيم الأخلاقية، فلماذا هؤلاء طيلة هذه المدة التي كانوا فيها ولايزالون في الحكم لم يقدموا بلدانهم فيخرجونها من التخلف؟ أم كان همهم الوحيد هو حفظ مصالحهم الشخصية وخدمة الأجنبي.

ولهذا فإن الدعاء الذي تسخرون منه، هو الذي لجأت إليه البشرية كافة، عندما أنهكها الوباء، وعجزت فلم تجد حلا، وهذا ما نطق به سياسيون ومسؤولون في الغرب. وهذا الذي تجدونه من أنفسكم حين تشتد عليكم الأزمات، وتوصد في وجوهكم الأبواب، ولكنكم قوم تنكرون هذه الحقيقة المركوزة في فطركم. ولله في خلقه شؤون.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M