هل ستكسب السعودية معركة استعادة أموال وأصول الأمراء والمسؤولين المحتجزين؟

10 نوفمبر 2017 22:55
الغارديان: مؤشرات خلاف بين الملك سلمان وولي عهده

هوية بريس – وكالات

أعلنت السعودية أنها ستصادر أموالا وأصولا لعشرات من كبار المسؤولين ورجال الأعمال المحتجزين ضمن حملة لمحاربة الفساد.
لكن تجربتي مصر وتونس في محاولة استعادة أموال مسروقة توحي بأن الرياض قد تواجه معارك قانونية ودبلوماسية تستمر لسنوات لاستعادة الأصول في الخارج. وحتى في تلك الحالة فإن النجاح ليس مضمونا.

وبموجب مرسوم ملكي تملك لجنة محاربة الفساد، التي احتجزت أمراء ورجال أعمال ووزراء خلال مطلع الأسبوع، سلطة اتخاذ كل الإجراءات التي تراها ضرورية لمصادرة شركات وأموال وغيرها من الأصول دون انتظار نتائج تحقيقات جنائية.

وبدأت بالفعل عملية مراجعة أصول خارجية في منطقة الخليج حيث تتبادل السعودية المعلومات بشكل دوري.

وقالت مصادر مصرفية لرويترز يوم الخميس 9 نوفمبر 2017 إن البنك المركزي في دولة الإمارات العربية طلب من البنوك والشركات المالية هناك تقديم معلومات عن حسابات 19 مواطنا سعوديا.

ولم تقدم اللجنة تفاصيل عن المزاعم التي يواجهها المحتجزون لكن مسؤولين سعوديين يقولون إنها تتضمن غسل أموال ورشا وابتزاز واستغلال نفوذ لتحقيق مصالح شخصية.

كما لم تحدد الرياض جدولا زمنيا لعمليات المصادرة لكن مصادر مصرفية تقول إن أكثر من 1700 حساب بنكي داخلي جُمدت بالفعل بطلب من البنك المركزي.

وقدر مسؤول في غرفة التجارة والصناعة بالرياض أنه إذا حاولت اللجنة أن تستعيد كل الإيرادات التي أهدرت بسبب الفساد من الرشا إلى مصادرة الأراضي بشكل غير مشروع فإن المبلغ الإجمالي سيكون 800 مليار دولار.

وتعتقد مصادر مالية أن هناك مبالغ كبيرة من الأموال محفوظة في حسابات مصرفية بالخارج ومحافظ استثمارية وحصص في شركات وعقارات. ويملك الكثير من رجال الأعمال المحتجزين طائرات خاصة بل إن أحدهم يملك طائرة من طراز بوينج 747.

وتقدر دراسة أجراها المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية أن سعوديين أخفوا ثروة تعادل أكثر من 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، أو ما يتجاوز 300 مليار دولار، في جنات ضريبية أجنبية.

لكن تجربتي مصر وتونس تظهر أنه رغم أن عملية تجميد الأصول يمكن ترتيبها خلال أشهر فإن استعادة الأموال قد تستغرق أعواما.

وحاولت القاهرة دون جدوى لمدة خمسة أعوام استعادة 85 مليون جنيه إسترليني (111 مليون دولار) في حسابات ببنوك بريطانية تعود للدائرة المقربة من الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وقال مسؤولون بريطانيون إنهم مقيدون بالقانون البريطاني الذي يلزم المصريين بتقديم إدانات جنائية أولا.

واستعادت تونس حتى الآن جزءا صغيرا من نحو 35 مليون دولار من سويسرا في أعقاب انتفاضة 2011 التي ألهمت الربيع العربي.

* أدلة مفصلة

هناك سوابق قد تمنح السعودية بارقة أمل في أنها قد تتمكن من استعادة الأموال.

ففي العام الماضي وقعت نيجيريا وسويسرا اتفاقا يمهد الطريق لاستعادة أكثر من 300 مليون دولار صودرت من أسرة حاكم نيجيريا العسكري السابق ساني أباتشا.

وأدت طلبات من مصر وتونس وليبيا وسوريا إلى تجميد السلطات السويسرية لأصول قيمتها مليار فرنك سويسري (مليار دولار أمريكي).

ولكن مساعي مصر وتونس لاستعادة الأموال تعثرت بسبب شرط بتقديم أدلة يمكن القبول بها في الأنظمة القانونية الغربية تثبت ملكية المنتفعين من الأصول وتظهر وقوع فساد. وكثيرا ما تكون الأصول محفوظة في أدوات خارجية معقدة مما يجعل من الصعب معرفة من يملكها بالفعل.

وقال كارلو لامبورديني وهو محام مصرفي وأستاذ في القانون المصرفي بجامعة لوزان إنه سيتعين على الرياض أن تقدم أدلة مفصلة تظهر كيف تم الحصول على الأموال لمصادرة أصول من سويسرا لأسباب تتعلق بالفساد.

وقال” ثم هناك مسألة ما إذا كان بوسع الأفراد في السعودية الدفاع عن أنفسهم وإن كانوا يتمتعون بدفاع ملائم“.

وسيتعين على مسؤولين سعوديين أن يشهدوا أمام سلطات سويسرية بأن ملاك الأصول نالوا حقوقهم القانونية. وقد يكون هذا صعبا في ظل سرعة الحملة ونطاقها والسلطات الهائلة التي مُنحت للجنة محاربة الفساد.

وقال المدعي العام السعودي يوم الاثنين دون الخوض في تفاصيل إن الاستجواب المفصل للمعتقلين تمخض عن قدر كبير من الأدلة. ولم يرد مسؤولون سعوديون كبار على طلبات للحصول على معلومات عن التحقيق.

وقال محام مقيم في الخليج ومطلع على قضايا الفساد الدولي إن هناك قناتين يمكن أن تسعى السعودية من خلالهما لاستعادة الأصول بالخارج.

وفي الحالات التي وقعت فيها الرياض معاهدة أو ميثاق مع دولة أجنبية فإنها تستطيع استخدام ذلك للحصول على مساعدة في جمع الأدلة قبل أن تسعى لمصادرة الأصول عن طريق النظام القضائي. لكن السعودية لم توقع مثل هذه المعاهدة مع الولايات المتحدة أو سويسرا ودول كثيرة أخرى.

وبوسع السعودية أيضا أن تبعث خطاب طلب إلى وزارة معنية في دولة أخرى. وسيكون هذا اختبارا لنفوذها الدبلوماسي في عواصم أجنبية.

ومن بين المحتجزين رجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال الذي قدرت مجلة فوربز ثروته قبل الحملة بواقع 17 مليار دولار ومحمد العمودي الذي يصل حجم ثروته إلى 10.4 مليار دولار من شركات إنشاءات وزراعة وطاقة يملكها في السويد والسعودية وإثيوبيا بالإضافة إلى رجل الأعمال صالح كامل الذي تقدر ثروته بنحو 2.3 مليار دولار.

ويقول بعض المصرفيين والمستشارين إن استعادة الأصول قد تكون صعبة لدرجة قد تدفع الرياض لمحاولة تفادي التحرك القانوني الأجنبي برمته في الكثير من الحالات واللجوء بدلا من ذلك إلى عقد صفقات مع الأمراء ورجال الأعمال المحتجزين تعطي شرعية لثرواتهم مقابل نصيب منها.

وقال أيهم كامل مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية في مذكرة ”الحكومة ستعقد أيضا صفقات مع رجال أعمال وشخصيات ملكية لتفادي الاحتجاز لكن فقط في إطار التزام أكبر بالاقتصاد المحلي“، حسب “مونت كارلو الدولية”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M