هل صارت المتاجرة بالأعراض مشاريع مربحة؟!

19 فبراير 2019 09:59
بسبب مذبحة نيوزيلندا.. "الفرنسي للديانة الإسلامية" يتقدم بشكوى قضائية ضد يوتيوب وفيسبوك

د. أحمد اللويزة – هوية بريس

لأننا في زمن اندحرت فيه القيم والأخلاق والفضائل إلا قليلا ناذرا صار ملفتا للنظر لكثرة التسيب الأخلاقي الذي صار معبرا عن الكينونة الممسوخة لأمة عاشت قرونا تتزيى بزي الفضيلة، وتتسربل بلباس الحياء والرجولة حتى في أحلك أيامها، وكانت الرجولة هي رأس المال الذي لا يفرط فيه مهما كانت الظروف والأحوال، لنصبح اليوم نعيش حالة من الهوس بالمتاجرة بالعرض والشرف بعد أن فقدا بريقهما وصارت المحافظة عليهما ضربا من التخلف والرجعية وعقلية الظلام كما يقول دهاقنة الحداثة ودواعش العلمنة.

يؤكد هذا ما يعرفه عالم الشبكة العنكبوتية من حالة فوضوية يتنافس فيها ذكور أصيبوا في عامتهم بداء فقدان الرجولة، فجعلوا أعراضهم رأس مال مربح في عالم “الميديا” وخاصة ما يعرف بـ(اليوتوبرز)،[1] وصار نشر خصوصيات البيوت والأسرار الزوجية، وتقديم الزوجة أو الأم أو البنت أو الأخت أو أي أنثى حتى ولم تكن هناك أي رابطة أو صلة في مشاهد مقاطع مائعة مخلة بأدنى درجات الحياء والحشمة والوقار، معلنين موت زمن الاستماتة في ستر العرض وحفظه من عيون المتلصصين وعيون المتفحصين وكلمات المتحرشين.

أي نفسية هذه وأي عقلية هذه ومن أين حل بها هذا الانتكاس الأخلاقي؟؟

ظاهرة مشينة تصادف فضولا لدا الناس في معرفة خفايا الناس وخصوصياتهم، والتي صارت مادة دسمة فيما يعرض على مواقع الشبكة العنكبوتية وفي القنوات الخاصة، توافق بين من هانت عنده نفسه وكرامته وهان عنده عرضه فاستغل نفسية الفضول ليربح من ذلك أموالا مدنسة باستباحة العرض والشرف والخصوصية البالغة، فتجد الحرص على الإعجابات والمشاهدات غاية المنى ونهاية الأرب، وفعلا تنبيك كثرتها عن مستوى التفاهة التي صارت عنوانا عريضا لمرحلة بئيسة تمر منها الأمة في مقابل إعراض مؤلم عما يعرض على الشبكة من معارف وعلوم في مجالات شتى.

ولا غرابة إذن فحب المال سلخ عن هؤلاء جلد الحياء والغيرة وعوضه بجرأة في التهتك ووقاحة في الطرح، ويزداد الأمر وقاحة ما يقدمه بعض الشباب الذين تربوا في محاضن الدياثة، ونشؤوا على الميوعة التي حقنهم بها الإعلام عبر أفلامه وبرامجه وسهراته، فانعدمت ريح الغيرة والشهامة في نفوسهم فتنافسوا في تقديم مقاطع تمثيلية مقززة، تحمل ألف رسالة على أننا وصلنا إلى النهاية في صنع جيل أغلبه لم يعد يعترف بخلق ولا دين ولا مروءة…

هذه صيحة نذير لكل عاقل غيور ليستنكر.. ولم يبق لنا إلا الاستنكار، حتى لا يظن الجميع أن الساحة خلت، ويحسب بنو علمان الرعاة الرسميون لهذه الوقاحة والتفاهة أنهم نفضوا أيديهم عن الفضيلة وتحقق لهم ما أرادوا. فلا ولن تكتمل فرحتهم حين يعلوا صوت الإنكار على الأقل مشوشا ومنبها وموقظا ومعذرة إلى ربنا ولعلهم ينتهون.

ــــــــــــــــــــــــ

[1] أصحاب قنوات على اليوتوب

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M