هل صليت وسط الرجال حتى تصفين روائحهم؟!

09 يونيو 2019 19:00

هوية بريس – رشيد نافع

روى ابن حبان بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه”.

وقال الشاعر:
مشى الطاووس يوما باختيال – فقلد شكل مشيته بنوه
فقال عَلامَ تختالون قالوا – بدأت به و نحن مُقَلِّدوه
فخالِف سيرَكَ المعوج و اعدل – فإنا إن عَدَلتَ مُعَدِلوه
أما تدري أبانا كل فرع – يجاري بالخطى من أدبوه
و ينشأ ناشئ الفتيان منا – على ما كان عوده أبوه

كان على تلك النكرة قبل أن تلوك الباطل وترمي غيرها أن تبدأ بنفسها وماهي إلا عينة من طابور من لاخلاق لهم ولادراية لهم بالشرع ولاأسلوب لهم ممن لبسوا لبوس النصح زورا عليها أن تتعلم أدب الجلوس واختيار الألفاظ وطريقة مخاطبة الغير لأن بعض البشر يتقمصون شخصية الناصح لكنهم يفتقدون الأسلوب والوسيلة لذلك النصح.
فأقول لها وللطابور المتخصص في الطعن في كل ماهو من الدين الحنيف، اعلموا أولا: أن الشرع حث على النصيحة بالسر كما قال الفضيل بن عياض التميمي: “المؤمن يستر والفاجر يهتك” لأن الهدف من النصيحة أن يقلع الشخص عن الخطأ وليس الغرض إشاعة عيوبه أمام الآخرين “فالنصيحة من حيث إنها تُعطى في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب، وهي هدية ذات قيمة سيما إذا كانت من محب غير شامت ونحن بحاجة إليها كلما حارت بنا الطرق، بها نستدرك الخطأ الذي يعترينا ونقوم الإعوجاج الحاصل عن سوء فهم مع حسن قصد ربما، ولا يخفى أن النصيحة فن لا يحسنه الكثيرون وهي بحاجة إلى مزيد عناية لإماطة اللثام عن مفهومها حتى تصبح واقعا، لأن ردها يقود إلى تغييبها وغيابها يصيب عجلة الحياة بكارثة اجتماعية باعتبارها وسيلة من وسائل الإصلاح والتقويم لا الاستفزاز والسخرية والتهكم والإزدراء.
وثانيا أن تعلموا: أن النظافة وإكرام المساجد مما دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف وهو المعهود عن السابقين الأولين من الصحابة والتابعين وحتى يومنا هذا، حيث إن الأمر بالنظافة وتطييب المساجد التي هي بيوت الله وأطهر البقاع إليه وأحبها إلى الله من الحسنات والقربات التي يؤجر عليها العبد، قال الله تعالى: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ”، ورفعها أي: صيانتها عما لا يليق بها وتقديرها كما قدرها الله وعظمها وليس من تقدير المسجد ترك الأوساخ أو تعمد رميها أو وضعها أو أن يكون عمارها على غير زينة، والله تعالى يقول: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ”.
واعلموا أيضا: أن التجمل محبوب عند الله سبحانه وتعالى فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة؟ قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس” رواه مسلم. وآكد الجمال ما كان عند مناجاة الله سبحانه وتعالى
في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما يعني البصل والثوم من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا.
من أجل ذلك قال العلماء: ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها وخصوصا الدخان وبخَر الفم ورائحة الجوارب وصُنان الإبط.
في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما -يعني البصل والثوم- من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخاً”، فطلب الرائحة الطيبة للمسجد مطلب رفيع، وغاية مقصودة في دين الإسلام فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “أمر رسول صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب”رواه أبوداود وهو صحيح. والدور: هي الأحياء وعند ابن ماجة بسند فيه ضعف: “واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمّروها في الجُمع” المطاهر: محال الوضوء والتجمير: هو التبخير لها.

“واش فهمتي” يامن تقولين أن المساجد متسخة؟
حتى أماكن الوضوء أمر الشارع بتطييبها وتبخيرها.
وفي الختام أقول لها ولطابورها:
قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه – ويذكر عيبا في أخيه قد اختفى
ولو كان ذا عقل لما عاب غيره  – وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى
إن ديننا الحنيف الذي هو رأس مالنا قد دعا إلى الطيب والرائحة الجميلة والاغتسال وغسل الأماكن الحساسة من البدن، ودعا إلى النظافة وإزالة الروائح الكريهة، ويتأكد طلب هذه الأمور عند كل اجتماع سواء كان بالمساجد أو بالمجتمعات العامة المشروعة.

وقد عن روي عن عمر أنه قال: “لو أنفق الرجل ماله كله في الطيب لم يكن مسرفاً” ويغني عنه أحاديث في فضل الطيب والتطيب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم  أنه:” كان‪ ‬يعرف بريح الطيب إذا أقبل”، و ثبت أيضا “أن النبي صلى الله عليه و سلم كانت له سكة‪ ‬طيب” و “قد حُبب إليه الطيب” كما جاء عند النسائي.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. نعم ديننا يحث على النظافة والنظام لكن مع الأسى والأسف هناك عدد ليس بالقليل ممن لا يعمل بهذه الواجبات التي هي في العمق تدخل مع الفرائض.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M