هل كان المسلمون ينفقون على المساجد فقط؟؟

17 فبراير 2019 01:07
هل كان المسلمون ينفقون على المساجد فقط؟؟

هوية بريس – إبراهيم أيت باخة

ما إن تبرعت السيدة المغربية (نجية نظير) بمبلغ كبير لبناء مؤسسة تعليمية، حتى ظهرت من جديد تلك الأقلام المشبوهة المأجورة التي يروق لها أن تصطاد في الماء العكر، لتجعل من هذا الحدث حدثا نوعيا لا تعرف له سابقة في تاريخ المسلمين، زاعمة أن الإسلام والفقه والتراث كرس نمطا وحيدا للصدقة وهو صرفها لبناء المساجد دون غيرها من المؤسسات والمرافق والخدمات ….
أسوق لهؤلاء بعض النماذج الرائعة الرائقة التي يجهلونها أو يتجاهلونها، لأن العصبية أعمت أبصارهم وصمت آذانهم:
– تصدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأرض له بخيبر كانت أنفس أمواله، وجعلها (في الفقراء وذوي القربى والرقاب وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها أو يطعم صديقاً بالمعروف غير متمول فيه) متفق عليه.
– لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة لم يكن بها بئر يستعذب إلا بئر رومة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين وله خير منها في الجنة) متفق عليه، فاشتراها عثمان رضي الله عنه.
– قال ابن بطوطة في رحلته :(والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها ومصارفها؛ لكثرتها، فمنها أوقاف على العاجزين عن الحج، يُعطى لمن يحج عن الرجل منهم كفايته، ومنها أوقاف على تجهيز البنات إلى أزواجهن، وهن اللواتي لا قدرة لأهلهن على تجهيزهن، ومنها أوقاف لفكاك الأسارى، ومنها أوقاف لأبناء السبيل، يعطون منها ما يأكلون ويلبسون ويتزودون لبلادهم، ومنها أوقاف على تعديل الطرق ورصفها؛ لأن أزقة دمشق لكل واحد منها رصيفان في جنبيه يمر عليهما المترجلون، ويمر الركبان بين ذلك، ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير) ص 99.
– ثم حكى من ذلك ما شاهده ورآه: (مررت يومًا ببعض أزقة دمشق فرأيت به مملوكًا صغيرًا قد سقطت من يده صحفة من الفخار الصيني، وهم يسمونها الصَّحن، فتكسرت واجتمع عليه الناس فقال له بعضهم: اجمع شقفها، واحملها معك لصاحب أوقاف الأواني، فجمعها، وذهب الرجل معه إليه، فأراه إياها، فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن، وهذا من أحسن الأعمال؛ فإن سيد الغلام لا بُدَّ له أن يضربه على كسر الصحن، أو ينهره، وهو -أيضًا- ينكسر قلبه، ويتغير لأجل ذلك فكان هذا الوقف جبرًا للقلوب، جزى الله خيرًا من تسامت همته في الخير إلى مثل هذا) ص 100.
هذه نماذج من عصرين مختلفين، وبينهما عشرات الأمثلة بل المئات من روائع الإنفاق وجميل الأوقاف وفي مختلف المجالات وشتى وجوه الخير.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M