هل يمكن أن يكون المسلم عقلانيا ديمقراطيا متعايشا متسامحا؟؟

10 يوليو 2020 19:02

هوية بريس – إبراهيم الطالب

أن تكون مسلما “عقلانيا” لا يتطلب منك أن تصير ملحدا وتنكر غيبيات ثبتت عن طريق علوم أمتك.

أن تكون “ديمقراطيا” ليس بالضرورة أن تصبح مائع الدين رخو العقيدة، خجولا من تاريخ أمتك، داعية إلى النموذج الغربي في الحكم وكأنه حتمية اجتماعية ونهاية للتاريخ.

أن تكون “متسامحا”، لا يعني أن تقبل باللواط والزنا وكل الموبقات التي يحرمها عليك دينك، وأن تترك النضال والعمل على محاربتها بوصفها دمارا للإنسان والحياة.

أن تكون “متعايشا” لا يتطلب منك أن تقبل بأن يصبح أبناؤك مشركين وثنيين، وأن ترضى برؤية الشرك والوثنية تتغلغل في مجتمعك، خوفا من أن تنعت بالإرهابي والمتطرف والمنغلق.

العقلانية، والديمقراطية، والتسامح، والتعايش، كلها ألفاظ سكبت فيها مفاهيم حددتها مرجعية معينة، حتى تسود شريعتها، فهل علينا أن نستسلم لغزو تلك المرجعية؟ أم علينا أن نصنع مصطلحاتنا ونسكب فيها المفاهيم التي تستجيب لمقتضيات مرجعيتنا؟؟

وهل علينا أن نقبل بالمصطلحات الملتبسة المطاطة رغم كونها تحدث انحرافا في الفهم والمعتقد، وتزاحم التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة؟؟ أم علينا ألا نوظفها إلا مع الاحتراز من آثارها غير المرغوبة على مستوى المرجعية الإسلامية؟؟

إن حضارة ما لا يمكن أن تسود على باقي الحضارات حتى تكون لها القوة في فرض مفاهيمها المستجيبة لمرجعيتها الأساس.

ولنا أن نتفكر في عالمية مرجعية الإسلام الذي هيمن على الحضارة الفارسية والرومانية وغيرهما وحكم البر والبحر لقرون، كيف أضحت متجاوزة بعد إسقاط الخلافة الإسلامية وحملات الاحتلال الغربي، وصار أبناء المسلمين يقولون عن القيم الغربية أنها قيم كونية، ويطالبون بسمو شريعتها رغم مخالفة بعض مفاهيمها للدين والعرف، على شريعة دينهم وقوانينهم.

إن القيم الغربية اليوم التي توصف بالكونية تأخذ قوتها وهيمنتها من قوة السلاح الغربي وهيمنة دولها على مستوى التكنولوجيا والحرب، وليس بسبب عدالتها أو سموها الإنساني.

ولَك عزيزي القارئ أن تتفكر في قضية اللواط وشهر فخر الشواذ اللواطيين، كيف يلقى هذا الدعم الهائل، وكيف لفكرة مبنية على شهوة حيوانية، أن تصبح حقا يناضَل من أجله، رغم الدمار الساحق الذي أحدثه على بنيات المجتمعات الغربية، فانظر كيف أصبح الوزير والرئيس والمفكر لا يستطيع أن ينعت اللواطي بالشاذ، وكيف شُطب مصطلح الشذوذ من قاموس العالم الغربي، الذي كان يعتبر اللواط جريمة، ثم تحت الضغط، أصبح يعتبره مرضا نفسيا، ثم بعد مزيد الضغط صار من الحقوق الطبيعية، وصار كل من يعارضه، متطرفا مستبدا منغلقا يستحيل أن ينعت بالعقلاني أو الديمقراطي أو المتعايش المتسامح مع المختلفين عنه.

بهذا يتضح لنا أن العقلانية، والديمقراطية، والتسامح، والتعايش، هي ألفاظ. مطاطة لا معنى لها محددا، هي فقط ألبسة بلاستيكية مطاطة رخوة تأخذ ملامح المفاهيم التي يسكبها فيها مَن يملكون القوة المسلحة والثروة، وهؤلاء هم بالضرورة مَن يملكون القرار السياسي، الذي يخولهم فرض التشريع وفق مرجعيتهم أو قُل أهواءهم.

لذا ينبغي على المسلم أن يلائم بين فكره وقناعته ومطالبه مع ما يقتضيه دينه.

وهذا مبدأ قرآني صريح تضمنه قول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33))فصلت.
فـ”أَحْسَنُ قَوْلاً” تعني الكلام والمصطلحات والمفاهيم.

و”مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ” تعني المطالب الموافقة لأمر الله والنضال من أجل إقناع الناس بها.

“وَعَمِلَ صَالِحًا” يعني الانضباط التام بتلك المطالب من الناحية السلوكية العملية.

“وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” يعني الاعتزاز بمرجعية تلك المطالب والمفاهيم، وإظهار الانتماء إلى الإسلام بوصفه مرجعية تحدد المطالب وتضبط المفاهيم، ولا تقبل التنازل ولا التبعيض.

إذًا على المسلم أن يكون حذرا في استعمال المصطلحات الرائجة التي تعتبر الآلة اللغوية التي تحمل شريعة وعقيدة الحضارة الغربية، لتحتل مكانها في الفكر الفردي والجمعي للمسلمين، خصوصا إذا كان ممن يشارك في البناء الفكري والنفسي للأجيال.

فالمصطلحات التأسيسية للمعتقدات هي من تحدد السلوك والعمل، فمن يعتبر نفسه ديمقراطيا بالمعنى الغربي وفق العقيدة العلمانية وشريعتها، “يُحرّم” عليه أن يصف اللواطي بالشاذ، أو أن يرفض مفهوم الحرية الشخصية، سواء في ممارسة الجنس أو الاعتقاد أو الكفر والردة، بل لا معنى للكفر والردة عنده، لأن الديمقراطية لا تفصل بين الإيمان والكفر ولا تميز بينهما، وليس فيها معنى للعفة والطهرانية، ولا تُفصّل شريعتُها اللادينية في المأكل والملبس والمنكح.

فهل يمكن للمسلم أن يكون ديمقراطيا حداثيا عقلانيا متسامحا متعايشا وفق المفهوم العلماني الغربي لهذه المصطلحات؟؟

الجواب لا يحتاج مزيد كلام..ويختصر الرد عليه بسؤال: بأي مفهوم تقصد؟؟

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. لايمكن للمسلم أن يكون ديمقراطيا. قال الله تعالى “المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ” الرعد – الآية 1
    التسامح خاص بالقادر وليس بالضعيف.
    التعايش من فضائل المسلمين عبر التاريخ
    عقلاني: قال الله تعالى “وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” النحل – الآية 12
    المسلم عقلاني بطبعه

    2
    1

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M