هَمٌّ وَافَقَ هِمَّةً كَشَفَتْهُ.. (عن همة الحافظ الكتاني، في تحصيل الكتب وإحيائها)

24 فبراير 2018 14:39
هَمٌّ وَافَقَ هِمَّةً كَشَفَتْهُ.. (عن همة الحافظ الكتاني، في تحصيل الكتب وإحيائها)

هوية بريس – د. عبد الرزاق مرزوك

في إيراد خبر من أخبار همة الإمام الحافظ الحجة سعد المغرب والمغاربة، وفخر حواضره قاطبة، محمد عبد الحي الكتاني (1382هج) رحمه الله -من حديث نفسه عن نفسه- في التعلق بالكتب، وتطلب نسخها المخطوطة، والإقامة على العناية بها انتساخا، وتصحيحا، وإصلاحا؛ تعظيما لشأنها، وتقديرا لمحلها العلمي والحضاري العليّ الرضيّ.

قال -رحمه الله- بعد امتداح كتاب (تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات)، والثناء على صاحبه (الإمام الحافظ أبي الحسن علي بن ذي الوزارتين الخُزاعي)، وذكر أسفه على طول عهده به-:

(فبقيت في تشوق وتلهف للكتاب المذكور، أوالي عنه البحث والتفتيش من أقصى وادي نون إلى بلاد العريش، حتى ظفرت به في مكتبة تونس الزاهرة، لما رحلت إليها سنة 1339، فأخرجته من مكتبتها بقصد الاستنساخ.

وممن ساعدني على استعارته بهجة تلك الحاضرة، الذي هو فيها الشامة النادرة، الشيخ محمد طاهر عاشور قاضيها لهذا العهد، وقد عجبت أكبر إعجاب لوجود ذلك الكنز في تلك الحاضرة الزاهرة، التي يتردد إليها كثير من أهل العلم من أهل بلدنا ومن غيرهم، ولَم يُحْيِه أحد باستنساخه وجلبه، فضلا عن نشره وطبعه.

ولكن بكل أسف لم يوجد اسم المؤلف على ظهر النسخة التونسية، ولا في برنامجها، ومع كوني طالما تأبطت به هنا وهناك، وأطلت الحديث عليه باحتباك؛ ذاكرا من ترجمه وعرف به، فلم أَجِد قط من يصغي إلى شيء من ذلك، أو به يهتبل وينتبه، ومع كوني في هيامي به وحيدا، وسمري به وسهري فريدا، بقيت مهتما به أي اهتمام، وبموضوعه الذي هو حاجتنا اليوم القصوى، ودفع ما به عمت الأمم الإسلامية البلوى، فأقمت عليه بعد وصوله ليدي بفاس أياما وليالي؛ أميز أبوابه من فصوله، وأشير على رؤوس الكلام وأصوله، وأصحح ما غلط فيه ناسخه الذي وجدته لم يعتبره، ولا عرف له قيمة، ولا فهم أنه يكون -مني ومن عشاق الآثار الإسلامية- من أكبر الكتب القيمة).

– التراتيب الإدارية، المقدمة، ص 47-48.

ولو لا أني أردت الاختصار لأطلت إطالة من لا يخشى الملال، ولا يقعد به عن الاستمرار حسور أو كلال، لا سيما وأن سائر كلامه رحمه الله في هذا الموطن مما تطيب في مرتعه الخصيب الاستزادة، ويقتضيه داعي النفع والإفادة والإشادة، لكن حسبي من كلامه هذا الشهي المعسول المبين، أن يكشف هم عشاق التراث النزاع المغمورين، ويسليهم بهدم قاصمة غربتهم، وإظهار عاصمة كرامتهم، والاستغناء ببركة نوبتهم.

ولقد وددت وجرى في عزمي -إن أتيحت لي فرصة- أن أجعل كلامه هذا وغيره مما جرى على منواله، محاضرة بعنوان: (حديث الحافظ محمد عبد الحي الكتاني إلى الباحثين).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M