واجب المسلم عند فساد المجتمع

06 أكتوبر 2019 15:11
قراءة في الشخصية المستغربة والمنهزمة

هوية بريس – د. عبد الله الشارف

أخي المسلم الغيور على دينه؛ أراك حزين القلب، منقبض الصدر، بسبب ما دهى المسلمين من الدواهي المُدهية، وما حلَّ بهم من الفتن والقوارع والمصائب المُبكِية. فقد انتقض الأمر، واضطرب الحبل، وتفاقم الصدع واستشرى الفساد، بعد أن تمادى الناس في غيِّهم، وانهمكوا في غوايتهم وجهلهم، وتاهوا في ضلالتهم إلا من رحم الله.

وأصل ذلك يرجع إلى الظلم الذي أنزله المسلمون بأنفسهم عندما غيروا وبدلوا، وتنكَّبوا الطريق المستقيم قال تعالى: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم 41)، فعاقبهم الله بأن سلط عليهم طغاة وظَلَمَة من بني جلدتهم، قساة القلوب غلاظ الأكباد. سنة الله في عباده، ولن تجد لسنته تبديلا؛ إنها سنة مضطَّرِدة لا تتغير ولا تُحابي أحدا.

أخي المسلم؛ لا تظنَّنَّ أن هذا الأمر لا يُرتق فَتقُه، ولا يُلأم صدعه، ولا يرجى رأبه؛ فإنه ظنّ وليدُ اليأس والقنوط، والكسل والخمول وموت الهمة. بل الواجب أن تُعِدَّ نفسك لسد الثُّلمة، و رأب الصدع. واعلم أن الأيام متداولة بين الناس، وأن سنة التدافع سنة اجتماعية قائمة إلى قيام الساعة قال تعالى: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ” (البقرة 251).

فإذا أكرمت نفسك بالعلم والتفقه في الدين، وأحسنت إلى غيرك من المسلمين بالنصائح والأعمال الصالحة النافعة، وحرصت على جلب الخير لأقاربك وأهل حيك، تكون بذلك قد أسهمت في إصلاح مجتمعك وتنميته. ولا تشغل نفسك بموضوع الدولة الإسلامية، ولماذا لا تطبق أحكام الشريعة؟، ولماذا امتد زمن تعطيلها؟، أو لماذا تتعثر في سيرها، كل الحركات الإصلاحية الإسلامية والأحزاب ذات التوجه الإسلامي؟ أي لا ينبغي أن يحجبك هذا الموضوع، رغم أهميته ووزنه، عن القيام بواجباتك ومسؤولياتك، والإسهام، انطلاقا من موقعك وعملك، في عملية الإصلاح والبناء الاجتماعي والتربوي.

هذا وإن النصر والتمكين للمسلمين أمر يخضع لشروط وسنن وقوانين اجتماعية، تعمل عملها خلال عقود أو أجيال، والله سبحانه وتعالى يتولى شأنه، بعد استحضار نية الإصلاح والعزم على تغيير الفساد؛ قال تعالى: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم” (الرعد:11).

وبدل أن يشغل المسلم نفسه، كما أشرت، بموضوع الدولة الإسلامية أو تطبيق الشريعة … عليه أن يحاسبها ويقوم بواجباته تجاهها وتجاه خالقه ومجتمعه، لأن النصر والتمكين للمسلمين لن يتحققا إلا بعد بذل الجهود، وقيام كل واحد منا بما هو مكلف ومطالب به من الأعمال والواجبات.

إن ديننا الحنيف يحث المسلم على أن يكون صالحا مصلحا، مسارعا الى الخيرات، يتواصى بالحق والصبر، ولا يضيع وقته فيما لا يرجى نفعه وفائدته. كما يقرن الإيمان بالعمل لأن الإيمان ما وقر في الصدر وصدقه العمل. وإذا قام كل واحد من المسلمين بواجبه وتحمل مسؤوليته وأمانته، صلح المجتمع تدريجيا، وحل العدل محل الظلم والعلم محل الجهل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M