أثر الحالة المدنية في تشويه الأسماء المغربية

12 يونيو 2019 16:48
الخلفي: تسجيل أزيد من 23 ألف شخص في إطار الحملة الوطنية لتسجيل الأطفال غير المسجلين في سجلات الحالة المدنية

هوية بريس – د. عبد العلي الودغيري

عندما أدخل الترتيب الإداري المسمى في المغرب بنظام «الحالة المدنية»، أو (دفتر الولادات)، أو (دفتر الحالة العائلية) في بداية خمسينيات القرن الماضي، وأصبح نظامًا مفروضًا على كل الأُسر المغربية، تُدوَّن فيه أسماءُ المولودين وتواريخ ازديادهم ووفياتهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم وأخواتهم، تسربت إلى أسماء المغاربة أخطاء جسيمة في طريقة كتابتها، ولاسيما بالحروف العربية. والسبب أن موظفي المكاتب المكلفة باستقبال الأسماء والمواليد وتقييدها في الدفاتر والسجلات العائلية الرسمية، وهي موزعة على كل أنحاء البلاد قُراها ومدنها، كانوا من صغار المتعلِّمين الذين لا يُتقنون اللغة العربية ولا الطريقة الصحيحة لكتابة كل الأسماء باستثناء الشائع الكثير منها كمحمد وأحمد وعبد الله … الخ، فضلا عن كون أغلب أولياء الأطفال من الأميّين أو قليلي المعرفة بالعربية الفصحى. فنشأت ظاهرة غريبة ما لبثت أن انتشرت وتوسَّعت بشكل مُزعِج، ومع ذلك ما رأيت أحدًا سارع إلى التنبيه إليها أو طالب الدوائر الحكومية بالحرص على تصحيح الأسماء التي تُكتب بتلك الطرق المغلوطة والمشوهة. على أن بعضاً من هذه الأسماء قد يُعتمَد في كتابتها أحيانًا النطقُ فحسب، ولا يُراعى وجهُها الصحيح في الكتابة، فتجدهم يكتبون مثلا: لعريسي والدريسي، ولحسن، ولحليمي، ولعربي، في (العريسي، الإدريسي، الحسن، الحليمي، العربي .. الخ).علما بأن إصلاح هذه الأخطاء بعد تسجيلها ممكن جدا لمن أراد ذلك عن طريق مسطرة إدارية سهلة ومعروفة.
وهذه نماذج على سبيل المثال لا الحصر للطريقة المشوَّهة في كتابة بعض الأسماء،
خليد ، خاليد ← في : خالد
سومية ← في: سُمية
الزوبير ← في : الزبير
مرشيد ← في : مُرشِد
مونية ← في منية
الراشيدي ← في الرشيدي أو الراشدي
الحنافي ← في الحنفي
فظيلة ← في: فضيلة أو فاضلة
لزرق ← في الأزرق
لوليدي ← في الوليدي
لبيض ← في البيض
لكحل ← في : الاكحل
لوبنى← في : لبنى
تورية ← في: ثريا
عاريف ← في : عارف
حافيض ← في حافظ
نباوي ← في نبوي
العماري ← في العُمَري
فوضيل ← في : فُضَيل
العلاوي ← في : العَلَوي
العيساوي ← في : العيسَوي
الموساوي ← الموسَوي
الفاظيلي ← في الفاضلي
الخ … الخ .
والمشكل هو أن بعض هذه الأسماء عندما تكتب بطريقة خاطئة قد تؤدي إلى قراءة خاطئة ملتبِسة. فاسم (العُمَري) أو (العلوي) عندما يكتبان مثلا بصيغة (العماري / العلاوي) فسوف يقرآن في الغالب (العَمّاري / العَلاّوي)، وفي ذلك تحريف والتباس كبير .
ما نرجوه من أولياء الأُسَر هو التأكد من صحة كتابة اسم المولود قبل تسليمه لموظف الحالة المدنية، ثم الحرص على أن يقُيّد في السجلات بالطريقة الصحيحة، فهذه مسؤولية الآباء والأمهات. وهناك تشويه آخر قد يسبّب للأطفال بعد أن يكبروا مشاكل نفسية من الصعب التعايُش معها أو التخلص منها، وهو أننا نجد في الأسماء الجديدة التي تُطلق جِزافًا على بعض الأُسَر الفقيرة الآتية من الأحياء الشعبية والمهمشة من غير اهتمام، ما لا يليق أن يحمله الطفل بعد أن يشبّ ويكبر ويصبح له شأن في الحياة. فاختاروا لأبنائكم أجمل الأسماء وأصحها وأكثرها تعبيرًا وإيحاء، ولأسركم ما يليق بها وبأبنائها في المستقبل. ولا أحتاج أن أعطي أمثلة فهي معروفة. وليعلم أولياءُ الأطفال أن من الناشِئة من يستوحي هدفه في دنياه من دلالات اسمه الخاص، فيعيش في حياته على أمل تحقيق ما يوحي به اسمُه من خير وصلاح وسعادة وشجاعة وعلم وفضل … الخ. فللتسمية فلسفة وعِبرة وهدف، وتأثير نفسي أيضًا سلبًا أو إيجابًا، فيجب على أولياء الأطفال أن يكونوا على وعي بذلك.
وأريد أن أنبه في النهاية إلى أن الأمثلة التي ذكرتُها لا تسيء لأي شخص بعينه، فهي مأخوذة مما كان يقع تحت عيني من لوائح أسماء الطلبة، أو مما تعودت على قراءته في الصحف، من غير أي اعتبار آخر غير الاعتبار الإملائي الذي كان يثيرني بصفتي مدرّسًا للغة العربية في الأصل.

الودغيري: من المستفيد من القضاء على اللغة العربية في المغرب؟

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. جميل
    هذا موضوع قل من يتنبه له
    وأسوأ منه ألقاب الأسر حيث أصبحت ملازمة للفرد حيثما جاء وراح
    على ما في الكثير منها من معنى قبيح أو وصف يشين صاحبه حمله بله إن يكون علامة عليه

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M