أمام ارتفاع الفاحش لسعر الذهب: اختيار ذهب عيار 14 قيراط حل واقعي لتعزيز القدرة الشرائية ودفع الركود في تجارة “حلي الذهب”

26 يوليو 2020 13:40

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

يعرف سعر الذهب ارتفاعا متزايدا في السنوات الأخيرة بنسبة تتراوح ما بين خمس وعشرين في المائة إلى ثلاثين في المائة (25 % إلى 30 % )، فمثلا في سنة 2018 كان معدل سعر الذهب عيار 18 قيراط المعمول به في المغرب هو: 270 درهم، وفي سنة 2019 كان معدل سعره 340 درهم، بينما وصل سعره في سنة 2020 إلى 430 درهم. تم تحديد سعر الذهب من خلال ثمنه في البورصة المحلية بالبيضاء، أما السوق المحلي أو الشعبي فإنه جرت العادة أن يكون سعر الذهب أقل مما هو عليه في البورصة المحلية بفارق 10 دراهم إلى 15 درهم، وفي حالات نادرة يكون الفارق أكثر، كما هو حاله اليوم؛ فإن سعر الذهب في السوق المحلي هو 295 درهم، أي بفارق 35 درهم.

ونظرا لما يعرفه القطاع التجاري لبيع حلي الذهب من ركود لأسباب متنوعة، منها أسباب عامة تشترك مع القطاعات الأخرى، تتمثل في ضعف القدرة الشرائية للمستهلك بوجه عام. ومنها أسباب خاصة تتعلق بمرتبة المنتوج (حلي الذهب) في حياة الناس، فهو يعد من كماليات الحياة وليس من ضرورياتها. ولهذا، يكون بيع حلي الذهب والفضة أول القطاعات التي يصيبها عزوف المستهلكين عن اقتنائها عند وجود الشدائد والمصائب.

وإذا كانت الأسباب آنفة الذكر كفيلة لتقنع الدولة بالتفكير في مصير قطاع بيع حلي الذهب والفضة، هذا القطاع الذي يضم المئات والمئات من التجار والحرفيين وأصحاب المصانع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ويضم كذلك تجارات وحرف أخرى بالعشرات مرتبطة بصناعة حلي الذهب والفضة، كتجارة الأحجار الكريمة وغير الكريمة، وكذلك محلات طلاء الذهب والفضة، ومحلات إصلاح الحلي، ومحلات ذوبان الذهب…، قلت: إذا كانت الأسباب آنفة الذكر كفيلة لتقنع الدولة بالتفكير في مصير هذا قطاع فإن الارتفاع المتزايد والكبير في سعر الذهب أسهم كذلك بشكل كبير في تعميق الركود التجاري لهذا القطاع، بل أثر أيضا على جودة الصناعة فيه، فقد التجأ كثير من الحرفيين والصناع إلى تخفيف وزن الحلي الذهب طلبا لتعزيز قدرة الشراء مما أثر سلبا على جمالية الحلي وقوته وجودته، وأثر كذلك في رفع تكلفة صناعته لارتفاع المادة الخام.

وبناء عليه، فإن من المقترحات التي يمكن أن تدفع الركود الذي يعرفه هذا القطاع، والغلاء الفاحش الذي يعرفه منتوج حلي الذهب أن تأذن الجهة المسؤولة في الدولة بالتعامل بذهب عيار 14 القيراط بدل من ذهب عيار 18 قيراط، وعيار ذهب 14 القيراط معمول به في معظم دول العالم، ومنها الدول الأوروبية المجاورة لنا. هذا الاقتراح من شانه أن يخفظ سعر الحلي الذهب بنسبة خمس وعشريين في المائة ، وترتفع بذلك القدرة الشرائية للناس، دون مفسدة تحلق بالمنتوج أو ضرر بالناس أو التاجر أو الصانع، توضيح ذلك:

1 ـ إن الفرق بين سعر الذهب في السوق المحلي لعيار 18 القيراط و14 القيراط هو تقريبا 100 درهم، فسعر الأول تقريبا 400 درهم في السوق المحلي والثاني سعره 300 درهم أي بفارق ¼ ، أي ما نسبته 25 % ، وهو فارق مهم وكبير حتما سيؤثر إجابيا في القدرة الشرائية للمنتوج، فليس بالأمر الهين أن يكون حلي ذهب (سلسلة أو خاتم أو دملج..) كان يباع ب 2000 درهم فأصبح ب 1500 درهم، أو حلي ذهب كان ثمنه ب 10000 درهم فأصبح ثمنه 7500 درهم، فلن يختلف اثنان أن قبول هذا الاختيار (أي اعتماد ذهب عيار 14 قيراط) سيقدم دفعة قوية لإحداث رواج محمود في قطاع هو في أمس الحاجة إليه.

2 ـ إن المنتوج أو حلي الذهب المصنوع من عيار 14 القيراط معمول به من طرف معظم الدول كما سبقت الإشارة إليه، وجودة الحلي المصنوع منه مقبولة لا شية فيها، بل ستوفر للمنتوج المصنوع منه صلابة وقوة نظرا لوجود نسبة معدن إضافي أكثر كالنحاس مثلا الذي يعرف بصلابته عند اختلاطه بغيره.

3 ـ إن اختيار ذهب عيار 14 القيراط لا يترتب عنه ضرر للمستهلك مادام أنه سيشتريه بسعره المعروف في السوق، فلا فرق بين ذهب عيار 18 وذهب عيار 14 بالنسبة للمستهلك من حيث اللباس والادخار، فما يجري على الأول يجري على الثاني ارتفاعا ونزولا في السعر، ادخارا ولباسا في الاستعمال، فلا فرق بينهما.

4 ـ إذا استحسنت الجهة المسؤولة في الدولة هذا الاقتراح بعد استشارة أرباب هذا القطاع، فأمامها لتنزيل الاقتراح على أرض الواقع طريقان:

الأول منهما: أن تاذن الجهة المسؤولة ببيع الذهب عيار 14 قيراط وكذلك عيار 18 قيراط في السوق المحلي، ويكون للمستهلك حق الاختيار أيهما يريد أن يقتنيه، كما هو معمول به في بعض الدول.

والثاني: أن تعمد الجهة المسؤولة إلى فرض ذهب عيار 14 قيراط على جميع التجار كما كانت سياستها من قبل في ذهب عيار 18 قيراط رعيا لمصلحة المستهلك من الغش والتلاعب به، وكذلك توحيد الصناع والتجار على عيار واحد، ولكن إذا قررت الدولة هذا الأمر يجب عليها أن تسن ذلك وفق سياسة التدرج حتى لا يضيع الصناع والتجار في ثمن صياغة الحلي الذي بين أيديهم، فتحدد مثلا خمس سنوات منذ إعلان ذلك، يسمح فيها بيع الذهب بالعيارين معا 18 و 14 قيراط، وبعد مضي المدة المحددة يصبح قانون فرض ذهب عيار 14 قيراط إجباريا على الصناع والتجار يخضع لمقتضياته الجميع.

وانتظارا، أن يجد هذا المقال آذانا صاغية وعقولا واعية لدى المسؤولين، فإنه ينبغي لتجار هذا القطاع وحرفيه أن يتفاعلوا معه بإجابية محمودة؛ قبولا أو رفضا، وأن يبدوا رأيهم في موضوع مهم يتعلق بقطاعهم الذي يعلمون فيه، وجعله الله سببا في رزقهم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M