أول امتحان لمدونة الصحافة والنشر.. المواقع المتخصصة في “السب والشتم” أول المستفيدين

17 أغسطس 2017 10:35
أول امتحان لمدونة الصحافة والنشر.. المواقع المتخصصة في "السب والشتم" أول المستفيدين

هوية بريس – عبد الله أفتات
بحلول 15 غشت 2017 يكون القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر قد دخل حيز التنفيذ ببنوده وفصوله “القاسية”، خاصة المتعلقة بإدارة النشر وشروط التصريح القبلي، وسط تدمر “متشرذم” وغضب ونقاش “عقيم” كان يجب أن يكون إبان طرح المشروع حيث إمكانية التأثير والتعديل كبيرة وليس بعد تمريره من طرف وزير الاتصال مصطفى الخلفي الذي سيبقى اسمه مرتبطا بهذا القانون “المشؤوم” الذي سيجهز على مختلف المكتسبات التي تحققت طيلة عقود.
السلطات وجدت نفسها بعد التاريخ المشار إليه، أمام فضيحة إغلاق وحجب أزيد من 1000 موقع بمختلف جهات ومدن المملكة، وهو ما سيكون بمثابة انتهاك دستوري غير مسبوق، وهو أيضا معاكسة غير مفهومة للحق في حرية التعبير المكفول في المواثيق الدولية والوثيقة الأساسية الوطنية، مما دفع السلطات المغربية عبر آلية “الأغلبية الحكومية” إلى وضع مقترح قانون لتعديل المادة 125 التي تلزم المواقع الإلكترونية بملاءمة وضعيتها القانونية مع قانون الخلفي، والتي انتهت منتصف غشت الجاري، وإن كان هذا المقترح في أصله في تقديري هو لإضافة مواقع إلكترونية قريبة أو مقربة من السلطة المحلية والجهوية على الخصوص ـ سقطت سهوا ـ من لائحة المواقع التي قامت بتسوية وملاءمة وضعيتها مع القانون 88.13 .
في ندوة سابقة نظمتها “جمعية عدالة” تحت عنوان “مشروع مدونة الصحافة والنشر، أية ضمانات لممارسة حرية التعبير” شدد وزير الاتصال أنذاك مصطفى الخلفي على ضرورة إقرار أخلاقيات المهنة من خلال مدونة الصحافة والنشر التي وصفها “بالمنشودة”، بل انه ذهب بعيدا عندما ربط في ذات اللقاء “الحرية بالمسؤولية”، وهو بالمناسبة كان يردد هذه “الأسطوانة” في كل لقاء في إطار ترويجه للمدونة التي سترهن بلدنا لعقود من الزمن، لكن المتأمل في لائحة المواقع الإلكترونية التي قامت بتسوية وضعيتها القانونية والتي وصلت حتى الآن 89 موقعا مرخصا له، سيجد أن نصفها بعيد كل البعد عن أخلاقيات مهنة الصحافة، بل إن تلك المواقع المعروف قربها من السلطة غارقة في أسلوب “السب والشتم” صباح مساء وبطرق فجة، في حق أسماء أو تنظيمات تعارض الاختيارات الرسمية، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهة الحامية والداعمة لهذه المحسوبة على الإعلام، بل إن هذه المواقع تم تكريمها من خلال فوز أحدها بجائزة الصحافة الوطنية صنف الصحافة الإلكترونية في عهد الوزير السابق مصطفى الخلفي، بمعنى أوضح أن خطاب أخلاقيات المهنة التي كان يردده وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي، أكذوبة تؤكدها من يوجد على الائحة المرخص لها حتى الآن، مع العلم أن مجموعة معتبرة من المواقع الإلكترونية الجادة والمسؤولة والمتواجدة في الساحة بقوة لم تتمكن حتى الآن من فك “طلاسيم” هذه المدونة “المشؤومة”، وهو ما يمكن اعتباره جريمة ترتكب على مستوى حرية التعبير بالمغرب .
وإذا كانت السلطات حريصة على التنزيل الحرفي لمقتضيات مدونة الصحافة والنشر ـ وهو أمر محمود ـ فإنها مطالبة اليوم بتقديم مبررات مقنعة حول عدم إخراج المؤسسات المرتبطة بالمجال، قبل مطالبة باقي الفاعلين بما جاء في القانون، والمقصود هنا أساسا إحداث المجلس الوطني للصحافة رغم فصوله الإقصائية، وخاصة الصحافة الإلكترونية التي وجدت نفسها خارج عضوية المجلس حسب منطوق المادة الخامسة من القانون 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، التي حددت في إحدى فقراتها شرط غاية في الغرابة وهو التوفر على أقدميه في الممارسة المهنية لا تقل عن 15 سنة، وهو ما لا يمكن توفره بالنسبة للإعلام الرقمي .
ففي أول امتحان لمدونة الصحافة والنشر وفي أولى خطوات تنزيلها، أفرزت لنا لائحة رسمية قانونية من 89 موقعا إلكترونيا إخباريا، نصفها من المواقع الخارقة لأخلاقيات مهنة الصحافة وفي أسوأ صورها، فعوض أن يركز قانون الصحافة على التشديد على أخلاقيات المهنة والتضييق على تلك المواقع البعيدة عن أدبيات الصحافة المسؤولة، نجد العكس هو الذي حصل فالمواقع الإلكترونية المتخصصة في “السب والشتم” والتي لا ندري ما هو الاسم المناسب الذي سنطلقه عليها، والمتوفرة على إمكانات مالية ولوجستيكية هائلة، هي التي استطاعت ملاءمة وضعيتها مع القانون الجديد، الذي قال عنه وزير الاتصال السابق في يوم من الأيام أمام حشد من الإعلاميين والمعنيين بحرية الإعلام والتعبير، أنه جاء ليعزز “أخلاقيات المهنة”، في ما بقيت المواقع الإلكترونية المعتبرة “عاجزة” عن التنزيل الكامل لمقتضيات مدونة الخلفي، بسبب ضعف إمكاناتها.
إن ما يجري فضيحة بكل المقاييس، وجريمة ترتكبها الدولة المغربية ضد فئة أرادت ممارسة مهنة نبيلة حسب الوثيقة الأساسية المغربية، وما ينص عليه القانون والمواثيق الدولية، فالمطلوب اليوم من مختلف المكونات الإعلامية والحقوقية تأسيس جبهة عاجلة ليس للمطالبة بتعديل المادة 125 من مدونة الصحافة والنشر، بتمديد فترة الملاءمة لسنة على الأقل، بل لإسقاط هذا القانون المعرقل والمكبل للعمل الصحفي الجاد والمسؤول، وتغييره بما يناسب ويتلاءم مع النصوص الدستورية والمكتسبات التي تحققت طيلة عقود من الزمن.

عندما تاهت بندقية «ميليشيا حزب الله» اللبناني!! [email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M